تهدف إسرائيل من خلال غاراتها على سوريا، إلى "تقسيم" البلاد إلى "مناطق تأثير" مع كل من تركيا والولايات المتحدة وروسيا، بينما تبرر احتلالها لمناطق سورية جديدة، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، "بمنع تواجد مسلحين جهاديين سُنة" على علاقة مع أنقرة، عند مستوطنات الجولان المحتل، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
"مناطق تأثير"
وقالت "يديعوت أحرونوت" إن إسرائيل تهدف من خلال الغارات التي شنتها على سوريا بما في ذلك تدمير المطارات العسكرية، إلى "تقسيم سوريا إلى مناطق تأثير"، بحيث تكون الولايات المتحدة صاحبة التأثير في الشرق، وروسيا في مناطق الساحل، وتركيا في الشمال، وإسرائيل في الجنوب، والإدارة السورية الجديدة في باقي المناطق.
والأسبوع الماضي، هدّد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الرئيس السوري أحمد الشرع بشكل مباشر قائلاً: "إذا سمحت لقوى معادية لإسرائيل بالدخول إلى سوريا وتشكيل خطر على مصالح أمنية إسرائيلية، فإنك ستدفع ثمناً باهظاً للغاية". وأضاف أن الغارات الجوية الأخيرة على دمشق ومطاري حماة و"تي-4" في حمص، "هي رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح باستهداف أمن دولة إسرائيل".
وقالت الصحيفة إن كاتس لم يذكر تركيا في تهديده لأن "إسرائيل ما زالت تأمل بالامتناع عن مواجهة مباشرة والتوصل مع تركيا، بوساطة أميركية وربما روسية أيضاً، إلى تقاسم مناطق تأثير وتسويات أمنية في الأراضي السورية".
لكنها رأت أن قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا، في الليلة نفسها، "كانت رسالة إلى السلطان في تركيا" في إشارة إلى الرئيس رجب طيب أردوغان.
"الجهاديون السُنة"
ووفقاً للصحيفة، فإن المخاوف تتزايد داخل مؤسستي الجيش والاستخبارات في إسرائيل، من إمكانية أن تستغل تركيا الفراغ في الحكم في سوريا "بحيث تشكل تهديداً على إسرائيل، بسبب علاقة تركيا مع تنظيمات المتمردين الجهاديين".
وزعمت أن احتلال الجيش الإسرائيلي لأراضٍ سورية جديدة، كان بهدف "منع وضع محتمل يتواجد فيه مسلحون جهاديون سُنة في مسافة تبعد مئات معدودة من الأمتار عن بلدات (مستوطنات) هضبة الجولان".
وتبرّر إسرائيل احتلالها للأراضي السورية والغارات على جميع أنحاء البلاد وتدمير أسلحة الجيش السوري والمطارات العسكرية، بادعاء أن تركيا تعتزم "التموضع في سوريا عسكرياً واقتصادياً، بواسطة تأثيرها على المتمردين السُنة"، بحسب الصحيفة.
وادعت "يديعوت أحرونوت"، أن اردوغان يحاول حالياً توسيع وترسيخ التأثير والتموضع العسكري والاقتصادي لبلاده في جميع أنحاء سوريا كجزء من الاستراتيجية "النيو عثمانية"، كي تكون تركيا "دولة عظمى إقليمية مركزية في الشرق الأوسط ومؤثرة في الحلبة الدولية".
وقالت إن لدى إسرائيل قلقاً بعيد بشأن تركيا، يتمثّل بـ"نشوء محور إسلامي- سُني يحمل فكر الإخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريا، وفي أوساط الإخوان المسلمين في الأردن، وبين مؤيدي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية وانتهاء في غزة، وأن يحل مكان المحور الشيعي بقيادة إيران".
لكن الصحيفة أضافت أنه بخلاف إيران، فإن تركيا هي عضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وحليفة قريبة للولايات المتحدة وتقيم علاقات وثيقة مع روسيا.
إضافة لذلك، فإن "أن أجهزة الأمن والاقتصاد الإسرائيلية والتركية تقيم علاقات دائمة، ورغم أن تركيا تمنح اليوم رعاية علنية تقريباً من أراضيها لنشاط حماس في الضفة الغربية، فإن لدى إسرائيل القدرة على التحدث مع الأتراك، ونقل رسائل إليهم بشكل مباشر والتأثير عليهم أيضاً".
وكشفت "يديعوت أحرنوت" عن أن "مخاوف إسرائيل من محاولات تركيا للسيطرة على سوريا، إلى جانب مواضيع مشتعلة أخرى مثل المخطوفين وإيران، ستكون موضوعاً مركزياً في اللقاء المتوقع الأسبوع الحالي" في البيت الأبيض، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
منطقة عازلة
في غضون ذلك، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن الجيش الإسرائيلي توغل خارج المنطقة العازلة، واحتل أراضٍ سورية جديدة. ونقلت عن أحد سكان قرية الحميدية في ريف القنيطرة قوله إن إسرائيل "أنشأت منطقة عازلة على أراضينا ومنعتنا من دخولها".
وأقامت الجرافات حاجزاً ترابياً خارج الحميدية باتجاه الداخل السوري. وهناك، ترجل بعض الجنود الإسرائيليين وقال أحدهم للصحيفة إنهم يمنعون القرويين من عبور المنطقة، حتى لرعي ماشيتهم، لأسباب أمنية.
ونقلت عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن "الجيش ينفذ عمليات لضمان الأمن في المنطقة العازلة في سوريا". وزعم أن قوات الاحتلال "لم تحظر التجوال في قرية الحميدية لكنها تتحكم في الحركة فيها". وادعى أن عمليات الاعتقال لأشخاص من المنطقة، تتعلق بـ"مشتبه في قيامهم بأنشطة إرهابية".