"قبل فوات الأوان"... الجيش السوري يرد على مجازر الساحل
2025-03-08 16:25:50
أعلنت وزارة الدفاع السورية، السبت، إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل غربي البلاد لمنع "التجاوزات" ضد المدنيين، وذلك بعد يومٍ من مقتل العشرات من المدنيين في معقل الطائفة العلوية وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.وقال المرصد إن 340 مدنيًا من الطائفة العلوية قُتلوا على يد قوات الأمن السورية ومجموعات رديفة لها خلال عمليات تمشيط واشتباكات مع موالين للأسد بدأت قبل يومين في الساحل.وتعد الاشتباكات التي اندلعت يوم الخميس، الأعنف منذ إطاحة الأسد في 8 كانون الأول، وتشكل مؤشرًا على حجم التحديات التي تواجه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في بسط الأمن في سوريا، مع وجود فصائل ومجموعات مسلحة ذات مرجعيات مختلفة بعد 13 عامًا من النزاع المدمر.وأورد المرصد "مقتل 340 مدنيًا علويا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها" منذ يوم الخميس.وتحدث المرصد عن "عمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي" و"عمليات إعدام ميدانية" ترافقت مع "عمليات نهب للمنازل والممتلكات".وأكد المصدر أن من بين القتلى أكثر من 60 مدنيًا بينهم "10 نساء و5 أطفال" في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس "أُعدموا رميا بالرصاص".وارتفعت الحصيلة الإجمالية منذ بدء الاشتباكات إلى 524 قتيلًا، بينهم 213 مسلحًا من الطرفين، بحسب المرصد الذي أحصى 93 قتيلًا من "الأفراد العسكريين في وزارتي الداخلية والدفاع"، و"120 عنصرًا مسلحًا" من الموالين للأسد.وأكد مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي "التزامنا التام بحماية السلم الأهلي وضمان أمن جميع المواطنين، ولن يكون هناك أي تهاون في هذا المبدأ."وقال في تصريحات نقلتها وكالة سانا: "كما نلاحق فلول النظام البائد وضباطه لن نسمح بأي أعمال انتقامية تحت أي ظرف. سوف نحاسب كل من يثبت تورطه في الاعتداءات سواء من فلول النظام أو من اللصوص والعابثين بالأمن."وتشهد المنطقة يوم السبت "هدوءًا نسبيًا"، لكن القوات الأمنية تواصل عمليات "الملاحقة والتمشيط في الأماكن التي يتحصن فيها المسلحون" وأرسلت تعزيزات إضافية، بحسب المرصد.من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) فجر السبت عن تصدي قوات الأمن "لهجوم من قبل فلول النظام البائد" استهدف المستشفى الوطني في مدينة اللاذقية.وبدأ التوتر يوم الخميس في قرية ذات غالبية علوية في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تحول إلى اشتباكات بعد إطلاق نار من مسلحين علويين، وفقًا للمرصد.وقالت السلطات في اليوم الأول إنها تواجه مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن، أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق.وإثر تعرض قوة تابعة لها لكمين في محيط بلدة جبلة، أسفر عن مقتل 16 شخصًا، أرسلت قوات الأمن تعزيزات عسكرية إلى الساحل وفرضت حظر تجول.وأفاد المرصد إثر ذلك عن وقوع "مجازر" أودت بحياة مدنيين في منطقة الساحل منذ يوم الخميس.ونشر مستخدمون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا موقع فيسبوك، منشورات تتحدث عن قتل لمدنيين من أفراد عائلات وأصدقائهم ينتمون إلى الطائفة العلوية في المنطقة، لم تتمكن فرانس برس من تأكيدها بشكل مستقل. وقالت ناشطة إن والدتها وأخوتها "ذبحوا جميعهم في منزلهم".ووجه سكان من مدينة بانياس نداءات استغاثة للتدخل من أجل حمايتهم، بحسب منشورات على فيسبوك أيضًا.وشارك ناشطون والمرصد السوري الجمعة مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بثياب مدنية مكدسة قرب بعضها البعض في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع من الدماء، بينما كانت نسوة يولولن في المكان.وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري وهم يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدًا تلو الآخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة. ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري وهو يطلق الرصاص تباعًا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يقتله.ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من مقاطع الفيديو.وتتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها آل الأسد في منطقة الساحل، وتتواجد أيضًا في مناطق أخرى خصوصًا الوسط. وينظر إلى الساحل بوصفه حاضنًا للعائلة التي حكمت البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود.وكان للعلويين الذين يشكلون نحو 9% من سكان سوريا ذات الغالبية السنية، حضورهم خلال الحكم السابق في المؤسسات العسكرية والأمنية التي اعتمدت الاعتقال والتعذيب لقمع أي معارضة.وحضّ الرئيس الانتقالي أحمد الشرع المقاتلين العلويين ليل الجمعة على تسليم أنفسهم "قبل فوات الأوان".وقال الشرع "لقد اعتديتم على كل السوريين وإنكم بهذا قد اقترفتم ذنبًا عظيمًا لا يغتفر وقد جاءكم الرد الذي لا صبر لكم عليه فبادروا إلى تسليم سلاحكم وأنفسكم قبل فوات الأوان"، وذلك في خطاب بثّته قناة الرئاسة السورية على منصة تلغرام.وتابع "سنستمر بحصر السلاح بيد الدولة ولن يبقى سلاح منفلت".ومنذ إطاحة الأسد، نفّذت السلطات الجديدة حملات أمنية بهدف ملاحقة "فلول النظام" السابق، شملت مناطق يقطنها علويون خصوصًا في وسط البلاد وغربها.وتخلل تلك العمليات اشتباكات وحوادث إطلاق نار، يتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للأسد بالوقوف خلفها.ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل أعمالًا انتقامية بينها مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تضعها السلطات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.
وكالات