بدأت، صباح اليوم السبت، أعمال الدورة الثالثة من المنتدى السنوي لفلسطين، بتنظيم مشترك بين المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، وذلك في قاعة المجلس، بفندق الشيراتون، في العاصمة القطرية الدوحة.
وتحدث في الجلسة الافتتاحية؛ المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عزمي بشارة، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية طارق متري، حيث قدّما رؤى معمّقة حول الوضع الراهن لفلسطين والتحديات السياسية والثقافية التي تواجهها.
عزمي بشارة
وشدد بشارة في المحاضرة الافتتاحية، على ضرورة العمل على استدامة وقف إطلاق النار في غزة، فهذه مشيئة الشعب الفلسطيني كله، والانتقال إلى الإعمار؛ لأن هذا هو الطريق الوحيد لتعزيز الصمود والحيلولة دون نزوح واسع من القطاع إذا فُتح المجال لذلك، وهو ما تريده الإدارة الأميركية الجديدة.
ولفت إلى أن المهمة الثانية هي منع إسرائيل من التخلص من وصم الإبادة قائلاً: "نأمل ألا تجد الولايات المتحدة من العرب والفلسطينيين من يعينون إسرائيل على إيجاد مخارج من مأزقها دون حل عادل لقضية فلسطين".
ورأى بشارة أن إسرائيل فشلت في تحرير الرهائن بالقوة وفي القضاء على حركة حماس، وهذه حقيقة، وكان ظهور مقاتلي المقاومة المفاجئ خلال تبادل الأسرى والمحتجزين من بين الركام مدهشاً، مثل ما كان صمودهم خلال أطول حرب خاضتها إسرائيل.
وأضاف "احتفت غزة بوقف إطلاق النار بعد مفاوضات تطلبت صموداً أسطورياً، لأن أداة التفاوض الإسرائيلية الأساسية كانت الأسلحة الفتاكة"، معتبرا أنه لا يوجد تفسير عقلاني للرغبة الإسرائيلية في ممارسة القتل، والآن، تدفع الضفة الغربية ثمن القبول الاضطراري لليمين المتطرف بصفقة غزة.
وشدد بشارة على أن الأوضاع في غزة لم تعد كما كانت من قبل، مشيراً إلى أن الاحتلال اضطر إلى قبول ما كان مطروحاً منذ بداية عام 2024، أي وقف الحرب، وإجراء عملية تبادل، والانسحاب التدريجي، ولكنها قررت مواصلة الحرب بدوافع سياسية وحزبية والانتقام من الفلسطينيين.
وقال بشارة: "صنّاع القرار في دولة الاحتلال شعروا بالحصانة في الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، والتظاهر العربي بالعجز، فقرروا تجويع غزة، واتباع سياسة الأرض المحروقة فيها، وتكثيف الاستيطان في الضفة".
وشدد بشارة على الحاجة الملحة لموقف فلسطيني موحد، يصرّ على مواجهة العالم بالخيارات، إما التوجه إلى حل عادل وإما استمرار المأزق، وهذا الموقف الموحد غير قائم حالياً، ما يتيح المجال لإسرائيل للمناورة دولياً وإقليمياً وفلسطينياً لاستبدال حرجها بحرج فلسطيني، فإما إدارة محلية بمشاركة عربية موثوقة إسرائيلياً تحت إشراف أمني إسرائيلي، وإما أن تتواصل الكارثة في غزة، وكأن الاختيار بين السيئ والأسوأ قدر مقدور على الفلسطينيين.
وتابع: "يسهم في تحويل المأزق الإسرائيلي إلى مأزق فلسطيني مَن يستعجل في إصدار البيانات برفض لجنة الإسناد الفلسطينية، ثم الإعراب عن الاستعداد لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار، من خارج أي توافق فلسطيني"، مؤكدا أنه "يمكن أن تعود السلطة الفلسطينية إلى إدارة غزة رغماً عن إسرائيل، وبرضى المقاومة التي لن تدير غزة، وأعربت عن قبولها إدارة متوافق عليها تتبع السلطة الفلسطينية، وعدم رغبتها في الانضمام إلى مجلس وزراء فلسطيني". وقال: "يكفي هذا لتحقيق نوع من التوافق بدلاً من أن تكون العودة رغماً عن المقاومة وكأنها استثمار للحرب الإسرائيلية".
طارق متري
من جهته، قال رئيس مجلس أمناء "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" طارق متري، في افتتاح المنتدى: "نلتقي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي ثابرت في السعي إليه دون كلل دولة قطر الشقيقة، وندرك في الوقت نفسه أن المخاوف لمّا تتبد لا في غزة ولا في الضفة، وأن العدوانية الإسرائيلية لم تنحسر".
وأضاف "من حقنا الخشية أن يكون ما انتزعه الرئيس الأميركي من الحكومة الإسرائيلية بيد سيُعطى لها ويزيد بيد أخرى"، مشيراً إلى الميل الأميركي الصريح إلى إطلاق يد إسرائيل في الاستيطان، وإخضاع أهل الضفة بالحديد والنار.
ورأى متري أنه لم يعد مستطاعاً كما في السابق حجب الشعب الفلسطيني عن حقل رؤية العالم، ولم يعد ممكناً أن يُنظر إلى قضيته بوصفه نزاعاً محلياً يروق للحكام أن يتجاهلوه.
وقد حضر الجلسة عدد كبير من الباحثين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم، في حين أُتيحت المشاركة للجمهور الأوسع من خلال البث المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمركز العربي، مع توفير خدمة الترجمة الفورية باللغتين العربية والإنجليزية لتوسيع نطاق المتابعة.