2025- 01 - 22   |   بحث في الموقع  
logo الجيش داهم منزلاً في منطقة الكواخ logo فرنسا تبدي قلقها إزاء تصاعد التوترات في الضفة logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأربعاء logo توقيف مواطنَين لارتكابهما جرائم مختلفة logo بن فرحان في لبنان غداً.. ويلتقي ميقاتي وسلام logo جيش الاحتلال يطلب البقاء 30 يوماً إضافياً في الجنوب! logo هاشم: الرئيس سلام و”الثنائي الشيعي” اتفقا على الحقائب ووزارة المالية logo إدارة ترامب تبدأ العمل على المرحلة الثانية لاتفاق غزة
قلب العروبة يخفق في الدوحة: سوريا!
2024-12-12 00:25:55


كنت في الدوحة مشاركاً في منتداها، قبيل وخلال وبعيد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسجلت مشاهداتي هناك في موقع مزدحم بأصحاب القرار من كل حدب وصوب.
في سابقة قلَّ نظيرها، لم يتمكن أي صديق أو حليف أن يدافع عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قبيل سقوطه وبعد سقوطه المدوي. ولم ينبرِ أي كان للقول بمظلوميته أو بوقوفه سدّاً منيعاً لحماية وطن أو دولة أو محور أو مقاومة أو حتى طائفة بذاتها. استنفذ الأسد كلّ صداقاته حد الاستهلاك المطلق. ولعلّ أكثر من أتمّ استنزافه حدّ الشهادة هو السيد حسن نصرالله الذي دفع حياته مثل كثر من إخوانه ومحازبيه نتيجة انكشاف تنظيمهم بشكل أساسي على أثر تدخلهم في سوريا.
تخوّف البعض في سوريا وخارجها من حمّام دم ومن الإسلام السياسي السني تحديداً معتقدين أن "داعش" التي خبروها في الموصل هي من دخلت حلب وحماه وحمص ودمشق. ونسوا أو تناسوا أنّ "داعش"، ولو أنّها أُنشِئَت من أدوات محلية، ما لبثت أن تحوّلت إلى أدوات في أيدي لاعبين عدّة في الإقليم والخارج، بحيث بات لكلّ دولة داعشها بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وبريطانيا وروسيا ربما. بل تحوّلت في بعض الأحيان إلى أدوات تخدم اللاعبين الإقليمين بمجملهم.
وفور سقوط نظام الأسد، ادّعى البعض أنّ العدو الإسرائيلي اندفع إلى احتلال بقع عزيزة من الأراضي السورية، ونسوا أو تناسوا أنّ إسرائيل كانت تعربد ليل نهار في سماء سوريا وتقصف وتقتل وتغتال من دون توقف وتردّد في حين كان الأسد في سدّة الحكم.
وتناول البعض تقصّد قيام إسرائيل بضرب مقدرات الجيش السوري البحرية والبرية والجوية، وكأنّ الذي كان يمنعهم هو تصدّي الأسد في حين يبدو أنّ العدو كان مطمئناً إلى عدم استخدام تلك المقدرات خلال حكم الأسد. وهو ما قد لا يكون الوضع عليه في القادم من الأيام أو الشهور أو السنين.
في الدوحة، تابعت وزراء خارجية الدول المعنية بهذا التطوّر السياسي الخطير. قبيل الإطاحة بالأسد وفي لقاء مفتوح شارك فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يتولى هذه الحقيبة منذ 2004، لم يأتِ الوزير الروسي المخضرم على ذكر اسم الرئيس السوري مرّة واحدة في حديثه، بل أكّد أهمية احترام الشعب السوري وضرورة حمايته. كما ذكّر لافروف بمسار أستانا واتهم واشنطن بالتآمر واتّباع سياسة الكيل بمكياليْن، من دون أن يدافع عن النظام السوري للحظة واحدة، في مؤشر واضح إلى أنّه كان بحكم المنتهي بالنسبة إلى روسيا.
وقبل لافروف، قارب الموفد الأميركي إلى لبنان، آموس هوكشتاين، تطوّرات الملف السوري من الزاوية اللبنانية حصراً، معتبراً أنّ سقوط النظام يقطع طريق الإمداد من إيران إلى لبنان، وهو أمرٌ إيجابي بنظره.
سقط الأسد فجر الأحد، فألغى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لقاءً مفتوحاً كالذي أجراه لافروف قبل يوم واحد، واعتلى نظيره التركي هاكان فيدان المنبر في منتدى الدوحة. وقد تسنّى لي أن أشاهد مؤتمره الصحافي مباشرة وأن أتابع تعابيره التي تقول الكثير عن الموقف التركي. تحدّث فيدان بلغة المنتصر الواثق من قدرات دولته في سوريا القادمة، فتعابيره أوحت أنّ تركيا ستكون اللاعب الأبرز في هذه المرحلة وأنّها قادرة على إدارتها. وشَكَرَ روسيا وإيران على إطلاق مسار أستانا مع تركيا حيث استطاعت الدول الثلاث خفض التوتر وإيقاف القتال منذ العام ٢٠١٦، مؤكداً أنّ عشرات أطواق النجاة تم دفعها باتجاه الأسد ونظامه ولكنها ظلّت من دون استجابة. كما تحدّث فيدان عن سياسة مدّ اليد التي اتبعها رئيسه رجب طيب أردوغان مع الأسد أكثر من مرة خلال سنة من دون استجابة أيضاً. وتناول المعارضة السورية على قاعدة أنّ تركيا هي الراعي الأساسي لها ليطالبها بالتنسيق والوحدة وليتعهّد بقيام أنقرة بما تستطيعه لإعادة إعمار سوريا.
على هامش منتدى الدوحة، كثر اعتبروا أنّ مصير الأسد تحدّد يوم السبت في السابع من كانون الأوّل خلال اجتماعات دول أستانا أوّلاً، ثمّ مع شركائهم العرب أي السعودية وقطر ومصر والأردن والعراق ثانياً. واستنتج كثر أنّ تطوّرات الأحداث في حمص تفرض تقديم عرض لخروج الأسد وتسهيل عملية الانتقال السياسي في سوريا بدفع من روسيا وإيران بشكل أساسي. وهو ما حدث فعلاً من دون مواجهات دامية.
تتابعت التصاريح والمواقف وسوف يكتب الكثير عمّا جرى وعن البازار الذي حصل.
التحديات في سوريا
على هامش المنتدى، جرت لقاءات بين سوريين معارضين وأتراك وغربيين وعرب ناقشوا خلالها التحديات القادمة التي يمكن اختصارها بالتالي:
المهمة الأولى بعد سقوط نظام الأسد تقضي بالحفاظ على مؤسسات الدولة وبناء نظام جديد على أرض واحدة وتحت علم واحد وإدارة واحدة. وهذا ما شدّد عليه كلّ المتواجدين في الدوحة خاصة ممثّلي دول أستانا والعرب.
عدم حلّ الجيش وتفكيكه كما فعلت الولايات المتحدة في العراق، لأنّ تفكيك الجيش يعني تفكيك البلاد.
تأليف حكومة انتقالية تدير شؤون الناس مرتكزة إلى البيرقراطية الحكومية القائمة.
التواصل مع كل المكونات السورية الطائفية والقومية وطمأنتها إلى عدم السعي إلى النيل منها لا بالحقوق ولا بالواجبات.
ضرورة التواصل مع كلّ دول الجوار وطمأنتها، من لبنان إلى الأردن والعراق والسعودية ودول الخليج وصولاً إلى إيران. وعلى دول الجوار معرفة أنّ أسوأ ما يمكن أن يحصل لسوريا ولها هو اندلاع الفوضى في دمشق والاقتتال الداخلي.
القلق على مستقبل سوريا قائم، إلاّ أنّ على الجميع بذل ما بوسعه لضرب المشروع التقسيمي خوفاً على كيانات بعضها هش وأغلبها مهدّد.
الرابحون والخاسرون في سوريا
يرى مراقبون حضروا منتدى الدوحة أنّ تركيا حقّقت انتصاراً استراتيجياً وعلى جبهات متعدّدة فقد كان زعيم المعارضة السورية المسلحة وقائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني حليفًا لها، كما أنّها ضربت المشروع الكردي ولو إلى حين. من جهتها، حقّقت إسرائيل ربحاً إضافياً من خلال ضرب مثلث "حماس"، "حزب الله" ونظام الأسد، إلاّ أنّ ربحها ليس صافياً إذ لا تعرف بعد آفاق تطلّعات النظام القادم تجاهها، بحسب ما يحذّر المراقبون.
أمّا السنية السياسية، فقد استعادت زخمها كما يؤكد المراقبون بعدما دمّرت أحداث الحادي عشر من أيلول الأميركية صورة السنية العروبية السياسية وذهبت الولايات المتحدة إلى تقاطعات مع إيران ساهمت بإسقاط النظام العراقي وعززت من أوراق طهران في الإقليم. ومن جانبها، حقّقت الولايات المتحدة انتصارات عدة بدءاً من إسقاط نظام الأسد، وضرب إيران وروسيا معاً وصولًا إلى انتصار أحد أركان الناتو أي تركيا. من جانبهم، ما زال العرب إلى اليوم بعيدين عن المشهد، على حدّ رأي المراقبين. وإذا لم يسارعوا إلى ملء الفراغ، قد تعود إيران لتجد سبيلها لبناء علاقات مع النظام الجديد. وقد تتمكّن تركيا من الإمساك بزمام مبادرة إعادة الإعمار ورعاية النظام السياسي في سوريا، وهذا ما قد يُفقد العرب قلبهم الذي قد يعود لينبض بالعروبة والوصل والضم بدل الانقسام والفرز في الإقليم.
خسر الأسد حكماً امتد لنصف قرن وهو وعائلته أبرز الخاسرين، كما خسرت إيران حليفها الأوّل في الشرق الأوسط. إذ حالف الأسد الأب الإمام روح الله الخميني منذ البدايات وقد شكّلت سوريا الممر الأساسي لتأسيس "حزب الله" أوّلاً ثمّ لتمرير المساعدات العسكرية والعينية ثانياً. وهكذا، خسر "حزب الله" ومن خلفه محور المقاومة برمته ممرّاً ومستقراً، فلم يتردّد عراقجي بالقول إنّ خروج سوريا من محور المقاومة بات واقعاً. أمّا روسيا، فخسرت حليفاً خاضت قتالاً لأجله منذ العام ٢٠١٥، وقد تخسر قواعدها البحرية على شاطئ المتوسط الدافئ أيضاً.
أخيراً، قد يكون لبنان في ميزان الرابحين إذا ما عاد الممر الطبيعي الوحيد له إلى الشرق والغرب، من العراق والأردن والجزيرة العربية وصولاً إلى تركيا وأوروبا. وقد تنشأ بين لبنان وسوريا علاقة مشاركة سواء في إعادة الإعمار أو في التجارة والاقتصاد بشكل عام. إلاّ أنّ لبنان قد يخسر أوراقاً عديدة إن لم يجعل لنفسه قيمة مضافة سواء مع سوريا أو في محيطه الأوسع. إلى ذلك الحين، الفرح مشروع، والقلق مشروع والتردّد في اتخاذ موقف قاطع مشروع بدوره. غير أنّ الأكيد أنّه ينبغي للبنان أن يقيم أفضل العلاقات مع سوريا بغض النظر عن الحاكم فيها أو نوع الحكم القائم.




المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top