Warning: Use of undefined constant DB_PORT - assumed 'DB_PORT' (this will throw an Error in a future version of PHP) in /home/innleban/public_html/inc/libraries/dbase/class.dbase.php on line 39
رحلة أطباق لبنانية... من تقشّف المَهاجر إلى بذخ المدوّنات | وكالة الأخبار الدولية
2024- 05 - 24   |   بحث في الموقع  
logo مقدمات نشرات الاخبار logo هكذا علق الجيش الإسرائيلي على عملية “كفردجال” اليوم logo جلسة حكومية مرتقبة في السرايا.. وهذا جدول أعمالها logo النائب مطر استقبل وفدا من أسرة “بيت السلام” logo بيان من “تجمع مالكي الابنية المؤجرة”.. ماذا جاء فيه؟ logo بيرنز يعود إلى المنطقة..وإسرائيل مستعدة لمناقشة مقترح حماس logo هادي زعرور في قبضة المعلومات… ماذا في التفاصيل؟ logo نتنياهو يتوعد لبنان بخطط مفاجئة.. وغانتس يحدد أيلول موعداً
رحلة أطباق لبنانية... من تقشّف المَهاجر إلى بذخ المدوّنات
2024-05-11 12:25:59

بين مئات كتب الطهو المتميّزة، ألن يلفتكم كتاب يمدّ لكم مائدة من 125 طبقاً لبنانياً بأقل من عشر مكوّنات، ونصف ساعة لتحضير كلّ طبق؟الإجابة بديهية، وهي تأتي من فلسفة تسويقية متينة، لكن المعادلة البسيطة (السؤال والجواب) لا تخلو من تعجّب وإدهاش. أعجوبة لبنانية جديدة وسط مآدب العالم، تنطلق من ميراث التقشّف والفاقة إلى أغلال الاغتراب الأفريقي، وصولاً إلى حاضر العملانية والسرعة، لتطعّم الثقافة اللبنانية النمطية بنكهة "البساطة". هكذا يمكن استقبال كتاب The Feel Good Foodie Cookbook، الكتاب الأوّل للانفلونسر والمدوّنة والطاهية يمنى جواد، وهي أميركية من أصل لبناني ونشأتها سيراليونية.صدر الكتاب بطبعة أنيقة وفاخرة هذا الأسبوع عن دار Rodale Books التابعة لـ Penguin Random House، وهو يضمّ 125 "وصفة بسيطة وصحّية تُزاوج بين الشرق الأوسط والغرب الأوسط" وفق كلمة الناشر، التي أبرزت جواد بصفتها "منشئة مدوَّنة Feel Good Foodie الشهيرة"، ذات الـ8.5 ملايين متابع.ليس الطبق بل خلفية حكايتهيفرض الطهاة الغربيون من أصول لبنانية حضورهم إلى جانب مواطنيهم من أصول إيطالية ولاتينية وشرق آسيوية، ويجذبون دور النشر الشهيرة، تحديداً الطهاة المؤثّرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ما يميّز كتاب جواد ليست الوصفات بذاتها، بل خلفيّتها: من أين تأتي حكاية يمنى ومطبخها وطهوها، من أين تأتي الأطباق ومكوّناتها، وأي طريق عبرت خلال رحلتها؟لا يُعرف طبقٌ من اللمسة النهائية فقط، أو من يد طاهٍ ينقل وصفة وآخر يطوّرها، بل قبل ذلك من غرفة المؤونة ومستودع التوضيب وخطوط التوزيع والحقل وساعات الضوء ونسبة الرطوبة والنداوة (التي مثلاً تكرهها شجرة التوت وتتقبّلها الحمضيات). وهكذا الأمر بالنسبة لهذه الأطباق، التي اصطفتها والدة يمنى في هجرتها إلى سيراليون ثم نقلتها إلى بوسطن، لتنثرها الابنةُ في الخريطة الافتراضية اللامحدودة.رشّة تسويق سحريةعاشت يمنى طفولتها في سيراليون، ثم انتقلت إلى بوسطن حيث درست إدارة الأعمال، وعملت عشر سنوات في التسويق. لا شكّ في أنّ هذا يضيء كواليس منجزها ويشرح الكثير.رشّة من دقيق التسويق السحري فوق مكوّنات بسيطة، صنعت الفارق. وهذه الرشّة هي "الشعور الجيد"، وفق عنوان المدوّنة التي حصدت نجاحاً جماهيرياً ملفتاً قبل عشر سنوات. شعار يُسيل لعاب المنتجين وبالطبع الناشرين، ففي دار النشر نفسها تتصدّر كتبٌ مماثلة لائحة الأكثر مبيعاً، وبينها "Eat Better, Feel Better’ للشيف الأميركية من أصل إيطالي، جيادا دي لورنتيس، والتي تؤمن بأنّ السعادة تُولد في المطبخ. عناوين مُشهّية تتبنّاها سياسات النشر العالمية بقوّة، لأنها "تؤتي أُكُلها" الربحيّة.في كتاب جواد تركّز السردية التسويقية على أنّ الوصفات البسيطة تنحصر في أقلّ من 10 مكوّنات! هذا تفسير كلمة "بسيطة"، وهي كلمة نافرة في قاموس الستيريوتايب اللبناني وفي ميراث المطبخ اللبناني التقليدي، المتميّز بطبخاته المعقّدة والمنهِكة والتي تتطلّب الصبر والمجهود، كالمحاشي وأقراص الكبّة والهريسة، ودقّة التعامل مع المواسم المناخية تحديداً، كما مع "ورق العنب" ذي الموسم الخاطف، والزيتون هشّ الصمود أمام رياح الخماسين مثلاً.محدودية مكوّنات أطباق الكتاب تأتي من واقع طفولة يمنى جواد. فوفق كلماتها، تعاملت والدتها اللبنانية في سيراليون مع مكوّنات محدودة لتطهو ثلاث وجبات يومية لبنانية مشبِعة لأسرتها المكوَّنة من 6 أفراد. افتقر حيّهم السيراليوني للأسواق الكبيرة. مع متجري سمانة فقط، تعذّر على ربّة الأسرة العثور على المكوّنات اللبنانية تحديداً الطازجة، لذا تصرّفت بالقليل المتوفّر، وما أمكنها نقله من البلد الأمّ خلال الزيارات السنوية، شرط صلاحيته للتخزين ومقاومة الظروف المناخية الأفريقية القاسية.سرّ العدس والبرغل المباحبالتأكيد العدس والبرغل كانا حلّين مثاليين، ليس لصلاحيتهما الطويلة فقط، بل لأنهما يلبّيان استراتيجية ربّة الأسرة: الوفرة والإشباع. لهذين المكونين سرّهما المباح للمدبّرات: هما يتضاعفان فور دخول مرحلة الطهو.ولا يتوقّفان هناك، بل ينفشان ويصمدان في المعدة، ليوفّرا الشبع لفترة جيدة والطاقة اللازمة للكفاح اليوميّ. ولا عجب في أن يمنى تصدّر وجبة شوربة العدس المهروس في صفحاتها الإلكترونية كوجبة عشاء مثالية "نقع في غرامها" تكافح البرد والجوع وتوفّر الوقت والجهد. ففي أيام الأسبوع المنهكة والمزدحمة، سيكون على الأهل تدبّر وجبات عشاء سريعة بسيطة المكوّنات ومُشبِعة لأنّ موعد النوم يحين باكراً كما موعد الاستيقاظ.مطبخ لبنان في المهاجر الأفريقيةرغم تقديم نفسها كـ"مطوّرة طعام"، إلّا أنّ يمنى تؤكّد في كتابها أنّها اعتمدت وصفات أمّها العائلية البسيطة، من دون تغييرات كبيرة وإضافات إكزوتيكية، فأي تغيير في هذه الوجبات المنتقاة سينزع عنها صفتها الأبرز: المحدودية، الآتية بدورها من "التقشّف".التقشّف ليس حكراً على المطبخ اللبناني والمتوسّطي، بل عرفته شعوب الأرض كلها في فترات متفاوتة من تاريخها، اختبرت فيها المجاعات والأوبئة والحروب والجفاف والفاقة... ليس حكراً، لكنّه سِمة. وهو لا يتناقض مع التعقيد والجهد، فطبق الهريسة المكوّن من عظام وقمح فقط، يتطلّب ساعات من السلق ثمّ الطهو المتأنّي مع التحريك المُجهد والتنبّه الفائق لوتيرة التحريك وتناسقها مع قوة النار، تحاشياً لالتصاق المكوّنات في قعر القدر.ما ميّز المطبخ اللبناني في المهاجر الأفريقية البعيدة، هو التركيز على مكوّنات محدودة، مثل العدس والبرغل والمجفّفات، وقد انتقلت هذه الثقافة مع اللبنانيين حيث استقرّت بهم أقدارهم. تكتب يمنى أنها كادت تسمع دوي مفرقعات نارية في عقل أمّها وهي ترى رفوف السلع العديدة في استهلاكيات بوسطن الكبرى، إلا أنها تؤكد على إخلاصها لوجبات أمّها في سيراليون وحنينها الدائم لبساطتها وحميميتها وحتى للمطبخ نفسه ذي السيراميك الأزرق- والذي اختارته ليزيّن حاشية غلاف الكتاب- "هناك شعرت للمرّة الأولى أنّها بخير" وفق تعبيرها.يمنى، وطهاة آخرون من ذوي الجذور المتوسطية والفروع الأفريقية، يثمرون في أميركا.ثلاثة أوطان تنضج في قدورهم: الوطن الأم وبلد النشأة ووطن الاستقرار. ما يقدّمونه ليس فقط مزاوجة الشرق الأوسط بالغرب الأوسط، بل الرحلة بين الوجهتين، بكلّ محطّاتها. الطهاة، كالرحّالة الآخرين، لا يكتشفون الطريق ويفهمونها فحسب، بل يكتشفون إمكاناتهم وتفضيلاتهم. وحتى قبل الرحلة، لا يحملون كل مؤونتهم معهم، بل الأكثر نفعاً فقط، ما خفّ وزنه وكثرت منافعه وحِيَله. مكوّنات بسيطة وقابلة للتخزين ولإشباع أسر كبيرة، استقرت في هذا الكتاب. عبَرَت من لبنان إلى سيراليون إلى بوسطن، ومن دفتر وصفات الأمّ إلى المُدوَّنة إلى المطبعة الفاخرة، لتشعر متابعي يمنى والمتأثرين بها أنهم بخير بعد الرحلة التي قطعوها افتراضياً، وأحياناً واقعياً، مع هذه الأطباق. تقول فلسفة الطهاة المعاصرين "نحن ما نأكل"، نحن أيضاً مرآة طهاتنا.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top