يترقب لبنان مضي ساعات إضافية، بدءاً من اليوم، ليبني مسؤولون وسياسيون على الشيء مقتضاه، مع أول يوم عمل بعد عطلة عيد الفطر السعيد المديدة، التي كادت أن تقترب من أسبوع، في ضوء وما يترتب على الردّ الإيراني بضربات صاروخية ومسيّراتية قبيل منتصف ليل السبت – الاحد (13-14 نيسان) على مراكز محددة باسرائيل، رداً على استهداف القنصلية الايرانية في دمشق، وما أدت إليه من خسائر بشرية ومعنوية ودبلوماسية.
ولاحظت مصادر سياسية أن لبنان الرسمي كان الغائب الوحيد عن التطورات المستجدة والمتسارعة التي حصلت في الايام الماضية،ان كان في الاتصالات والمشاورات التي سبقت الرد الإيراني لطمانته واستبعاد اية ارتدادات سلبية عليه، او من الدول الفاعلة والصديقة التي تولت مواجهة الرد الإيراني واستيعاب فاعليته وتاثيره، وكأنه غير معني بما يحدث اومستبعد بسبب وجود حزب الله الذي يتولى التواصل مع الجانب الايراني.
واشارت المصادر إلى اقنية اتصال ثانوية اميركية، تولت إبلاغ الجانب اللبناني صباح امس بانتهاء الرد الإيراني على إسرائيل عند هذا الحد،واستبعدت حدوث رد إسرائيلي على ايران، لرفض الولايات المتحدة الأميركية لهذا التصرف.
وكشفت المصادر إلى ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي دعا لعقد جلسة لمجلس الوزراء في السراي اليوم، بداية مخصص للتشاور بمستجدات الاوضاع المتدهورة اقليميا، واستبدله بجلسة تشاور وزارية بعدما فوجيء بغياب ثلاثة وزراء خارج البلاد،ما يؤدي إلى فقدان نصاب الجلسة.
من جهة ثانية،يترقب لبنان نتائج الاجتماع المقرر لرؤساء الدول الاوروبيه الخميس المقبل في بروكسل، والذي يبحث في موضوع اللجوء السوري في لبنان وسبل معالجتها.وعلم ان الرئيس القبرصي الذي زار لبنان الاسبوع الماضي، سيقدم خطة متكاملة لمعالجة موضوع النازحين السوريين الذي يهدد لبنان وقبرص وسائر الدول الاوروبية، ويقترح حلولا لهذه المشكلة.
ولئن بدت الضربة الايرانية محسوبة بعناية بين انفاذ التهديد بالردّ، وإقامة الحسابات الكفيلة بعدم الذهاب بالمنطقة الى خط اللاعودة، وكانت على اتصالات مباشرة مع الأطراف الدائرة في فلكها، واخطرت الولايات المتحدة بالوسائل الدبلوماسية ان الضربة تهدف الى الردّ وليس الى إحداث خسائر كبيرة حتى في «دولة الاحتلال»، فإن المشهد اللبناني تماهى مع هذه الوضعية، وتحركت مسيّرات الحزب وصواريخه نحو أهداف مرسومة، في حين تولت مدفعية الاحتلال وسلاح الجو لديه بضربات متفرقة من الجنوب الحدودي الى اقليم التفاح، وصولاً الى البقاع، مع غارة صباحية على سرعين في البقاع، والقريبة من قرية النبي شيت.
واحتلت وضعية الطيران المدني والرحلات، سواء الى بيروت، او منها الى دول الاغتراب وأوروبا نقطة الاهتمام، سواء في مطار رفيق الحريري الدولي، او سائر مطارات المنطقة القريبة، بما في ذلك بيانات شركات الطيران العالمية.
وبعد توقف اضطراري أسوة بالتوقف والاقفال في المطارات المتأثرة بالضربات الجوية، اعيد افتتاح المطار امام الملاحة الدولية، واعلنت شركة طيران الشرق الاوسط (الميدل ايست) ان رحلاتها المجدولة لليوم الاثنين ستبقى في مواعيدها، مع رحلات معدلة، وفقا لجدول معلن.
في حين أجلت بعض شركات الطيران (Air France) رحلاتها الى اليوم، اشار وزير الاشغال العامة والنقل علي حميدة الى ان «المديرية العامة للطيران المدني تتواصل مع كل شركات الطيران لجدولة رحلاتهم»، مؤكدا ان «أجواء مطار بيروت مفتوحة لكل الطائرات والشركات هي المعنية بجدولة رحلاتها عبر طائراتها، والمديرية العامة للطيران المدني تقوم بكل ما هو مطلوب منها لتسهيل العمل على أكمل وجه».
جلسة تشاور
حكومياً، استبدلت جلسة مجلس الوزراء التي كانت متوقعة اليوم، بجلسة تشاورية، في ضوء ما استجد من تطورات.
وصدر عن الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية ان الرئيس نجيب ميقاتي قرر استبدال جلسة مجلس الوزراء، التي كانت مقررة صباح اليوم بجلسة تشاورية تعقد في نفس التاريخ والمكان والزمان عند التاسعة والنصف من صباح اليوم، وذلك لاستمزاج آراء الوزراء والاستماع اليهم، لا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد.
وقالت مصادر سياسية مطلعة عبر لـ «اللواء» أن انعقاد لقاء تشاوري اليوم عوضاً عن جلسة حكومية يهدف إلى تجنب إصدار أي قرار يشكل محور انتقاد من بعض القوى السياسية بشأن تعاطي الحكومة مع التطورات الأخيرة. وقالت هذه المصادر أن ذلك لا يعني عدم توقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزراء عند ما سجل مؤخرا من احداث، الأمر الذي يتطلب المزيد من الوعي ، وقد يصدر موقف في هذا السياق لاسيما أن الوضع في المنطقة يشهد وضعاً غير مستقر.
أما بالنسبة الى ملف النازحين فإنه ليس مدرجا للبحث الموسع في اللقاء، إلا أنه قد يحضر من باب التأكيد على أنه أساسي وهناك متابعة له.
وكان الرئيس ميقاتي، الذي عزّا بمنسق «القوات اللبنانية» في جبيل بسكال سليمان، زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وصرح بعد اللقاء بأنه استمع الى هواجس البطريرك الامنية والسياسية والاجتماعية للاقتصاية، معتبرا ان بداية الحل تكون بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الراعي: عدم انتخاب الرئيس يفكك العائلة
في المواقف شدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على ان الوحدة الوطنية وثقافتها تقتضي أمرين: اجراء التطورات في مؤسسات الدولة وهيكليتها، وحمل رسالة السلام والتفاهم وبين شعوب المنطقة العربية والعالم، واحترام حقوق الانسان في مجتمعنا المشرقي، داعيا القوى السياسي إلى الكف عن النعرات المتبادلة، والعمل على شد اواصر العائلة اللبنانية، معتبرا ان الامعان عمداً بعدم انتخاب رئيس الجمهورية يزعزع الميثاق وثقافة الوحدة في التنوع، ويؤدي غيابه الى تفكك العائلة اللبنانية كما هو حصل.
وفي المواقف من الضربة الايرانية لاسرائيل اعتبر الرئيس نبيه بري ان الرد الايراني أرسى قواعد اشتباك جديدة على مستوى المنطقة برمتها.
ووصف حزب الله ما حصل بأن ايران مارست حقها الطبيعي والقانوني بالرد على العدوان الصهيوني، ووصف الرد بالقرار الشجاع والحكيم بالرد الحازم على العدوان الصهيوني على القنصلية الايرانية في دمشق، وأن العملية حققت اهدافها العسكرية بدقة.
واليوم تزور النائب ستريدا جعجع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لنقل شكر «القوات» على الجهود التي بذلت لكشف تفاصيل حاسمة في جريمة اغتيال الناشط سليمان، فضلا عن التباحث بموضوع الانتخابات البلدية والاختيارية وعدم الامكانية على اجرائها في مواعيدها في كل المحافظات اللبنانية.
الوضع الميداني
وسجل يوم امس، سلسلة غارات اسرائيلية على بلدات الظهيرة وكفركلا والعديسة والخيام، ونعت المقاومة الاسلامية شهيداً من بلدة الخيام.
ووسط التوتر، حلق الطيران الحربي المعادي بشكل كثيف فوق الأراضي اللبنانية، فيما انفجرت صواريخ اعتراضية في الأجواء. كذلك، سجل انفجار صاروخ قرب مكتب مخابرات مرجعيون في بلدة جديدة مرجعيون. وقد نجت العناصر العسكرية بأعجوبة، حيث تسبب الصاروخ بأضرار مادية جسيمة في المكان والمنازل المجاورة.