2024- 04 - 30   |   بحث في الموقع  
logo لهذه الأسباب فشِلَ لقاء معراب!!.. غسان ريفي logo لا أجوبة حاسمة ل"حزب الله".. مستعد للتصعيد والمواجهة logo السيناريو الأسوأ.. لماذا ترفضه فرنسا؟ logo استهدافات بعد منتصف الليل... حزب الله يُشعل الجبهة! logo فياض يكشف جديد خطة الكهرباء! logo "لمواجهة اسرائيل"... دعوةٌ من بيضون! logo رفح تمتحن نتنياهو logo واشنطن تعفي 4 كتائب إسرائيلية متورطة بانتهاكات..من العقوبات
"مشرح وطنّي " في ذكرى الحرب... معاينة جثة التاريخ
2024-04-14 09:55:47


تستمر فرقة "زقاق" في تجريبية ممارساتها المسرحية التي أرستها منذ عام 2006 كفعل سياسي جتماعي، يبحث في التعامل مع التاريخ وفي مقدمته التاريخ المسرحي، فقدمت على مدى السنوات الماضية أعمالاً نادرة لكتاب عالميين على سبيل المثال "الإمبراطورية الثالثة" لهنريك ابسن، التي لم تنتشر في المسارح العالمية نظراً لكبر أجزائها وطول مونولوغاتها ولغتها المباشرة، كما قدمت الفرقة عرض "راسين بالإيد" عن مسرحية "تيتوس أندرونيكوس" لوليم شكسبير، وهي من الأعمال النادرة التي استقاها من التاريخ الروماني وإحدى أكثر مسرحياته عنفاً وغدراً. في كل أعمالهم تتجلّى مساحة التفكير المشترك والعمل الجماعي والأبحاث التي تقوم بها الفرقة قبل العرض وإعلان الممثلين في مقدمته عن الغاية المرجوة منه ودور المسرح في التعامل مع تاريخية الموضوع المقدّم على بساط التشريح المباشر.
في "مشرح وطني"، الذي قُدم لمناسبة ذكرى 13 نيسان تاريخ الحرب الأهلية اللبنانية، انتقل العمل من تشريح المسرح إلى مسرحة التشريح، تشريح التاريخ الشفهي لرواية الحرب وذاكراتها المثقوبة بألف حكاية وحكاية. "بدنا نجيب جثة التاريخ اللبناني كلو، نحطا هون ونشرحها قدامكن"... يعلن الممثل في بداية العرض ويفترش شرشفاً أبيض وضوءاً موجهاً إلى ما يشبه طاولة التشريح الطبية الشرعية.
الحرب في الاتجاهين
ينتظر الممثل (جنيّد سري الدين) والممثلة (لميا ابي عازار) دخول الجمهور وأخذ مكانه في الصالة، قبل أن يتلوا نصاً معلقاً في خلفية الخشبة، يبدأ من ستينيات أيام العز والتعايش والاخوة بين مكونات المجتمع اللبناني، لتعود وتنزلق هذه المودة إلى صراع طبقي وعمالي وتعصّب إلى الزعيم فالحرب والمجازر والقتل على الهوية والتدمير وصولاً إلى نهاية الحرب في التسعينات.لكن ما يلبث الممثل والممثلة أن يقلبا النص نفسه ليقرآه بالمقلوب، من اليسار إلى اليمين فيتحدث النص عن الأحداث ذاتها التي تناولها في المرة الأولى بطريقة مختلفة، لنكتشف أن التاريخ يقرأ بأكثر من طريقة: من اليمين إلى اليسار ومن الأعلى إلى الأسفل. يحتار الممثلان على أي جمهور يتلو عليه هذه النبذة التاريخية، اللبنانيون واللبنانيات، اللاجئ الفلسطيني، السوري، الأحزاب، الأديان أو الطوائف. سؤال هوية المتفرج او المتلقي وهو سؤال مسرحي بامتياز سوف يتحوّل إلى احتمالات متعدّدة كما مقطع رواية الحرب المعلقة في الخلفية التي تحتمل قراءتها في كل اتجاه وصوب.
تشريح التاريخ
في مشهد من العرض، يطلب الممثلان من المتطوع المفترض (عمر ابي عازار) الجالس بين الجمهور، ليتقدم إلى منصة العرض ويمثل معهما. "ما تمثل أنك جثة، كون جثة عن جد" يقول الممثل إلى المتبرّع بإن يكون جثة تروي تاريخ مقتلتها. لكن رواية الجثة سوف تعيدنا إلى ضياع الحقيقة أو الرواية الأصلية التي يبحث عنها العرض. تتداخل قصة موته المجاني بعشرات التواريخ والأمكنة، مات مع اندلاع الحرب في 1975 او 1976، بينما يقول البعض الاخر أنه عند خطوط التماس في 1985، في الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 أم في حرب الأخوة أم الإلغاء أم التحرير أم في جريمة اغتيال الحريري في 2005 ام في الاعتداء الإسرائيلي في 2006. وسط هذا الضياع في التاريخ العنفي والحروب الكبيرة والصغيرة تنتفض الجثة على كل ما يحصل حولها وتقرّر النسيان. لكن الممثلين لا يستسلمان فيحوّلا السؤال إلى الجمهور حتى يروي محطات من ذاكرته أم ذاكرة أهله من حالات خطف وقتل وإعاقات دائمة. شهادات أتت من جمهور أجيال مختلفة بعضها عاش الحرب وبعضها الاخر يتناقل رواية أهله وأقاربه عنها. وهو ما يثبته العرض بعدم التعامل مع ذاكرة الحرب بالنسيان إن أتت هذه الذاكرة بروايات متشظية ومنقوصة أو مثقوبة بالعنف والرصاص.
"مشرح وطني" الذي قُدم على مسرح زقاق، بدأت عروضه منذ عام 2012 وأتى نتيجة بحث طويل حول التاريخ، وبالتحديد التاريخ غير المكتوب لفترة الحرب الأهليّة اللبنانيّة. ومنذ ذلك الحين، عُرض حوالي السبعين مرة في لبنان وهو دعوة دائمة في كل عرض الذي يأتي مختلفا عن سابقه لفهم تاريخ وابعاد السرديات المختلفة لتاريخ الحرب (كما جاءت في دعوة الفرقة): من خلال وضع هذا ‬التاريخ ‬على ‬طاولة ‬التشريح ‬ليرصد ‬الماضي ‬الحيّ ‬فينا ‬والصانع ‬لحاضرنا، ‬في ‬محاولة ‬لتلمّس ‬آفاق ‬المسؤوليّة ‬الفرديّة ‬والجماعيّة ‬تجاه ‬أحداث ‬مرّت ‬ولكن ‬ليس ‬مرور ‬الكرام. ‬ ‬"‬مشرح ‬وطنيّ"‬ يحاول اشراك ‬الجمهور ‬في ‬محاولة ‬لتدوين ‬تاريخ ‬لبنان، ‬غير ‬المدوّن.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top