عشية الذكرى التاسعة والأربعين للحرب الأهلية اللبنانية، ومع نجاة البلاد من فتنة داخلية كادت تحدث عقب مقتل منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان، عاد الحديث عن قرب انتخاب رئيس للجمهورية الى الواجهة بعد انقضاء فترة الأعياد وعودة سفراء دول الخماسية لممارسة أعمالهم.
وفي السياق، تشير المعلومات الى ان سفراء كل من فرنسا وأميركا وقطر والسعودية ومصر سيجتمعون الأسبوع المقبل قبل مغادرة السفيرة الأميركية ليزا جونسون الى بلادها في عطلة تمتد حتى الأول من شهر أيار المقبل. وتجزم المصادر ان هذا اللقاء سيعقبه زيارة الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، على ان يلتقوا ايضاً تكتل “الاعتدال الوطني”، الذي بدوره سيستأنف المرحلة الثانية من مبادرته الرئاسية بعد عطلة عيد الفطر.
داخلياً وفيما لا يزال كل طرف متمسكاً بمواقفه حيال الملف الرئاسي، نقل عن حزب الله استعداده لتسهيل انجاز الاستحقاق الرئاسي وذلك بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري من دون التخلي عن مرشح الثنائي رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه.
اما خارجياً، فتتجه الأنظار الى واشنطن التي سيزورها المبعوث الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان لاجراء مباحثات مع المسؤولين الاميركيين قبل التوجه الى بيروت في محاولة جديدة لرسم نهاية إيجابية للشغور الرئاسي المستمر منذ عام ونصف العام. اضف الى ان زيارة لودريان هذه تؤكد ان التنسيق بين كل من باريس وواشنطن في ما خص الملف اللبناني لا يزال قائماً ولو شابته بعض التباينات في وجهات النظر لا سيما لجهة ربط اميركا أي مبادرة جديدة لحل الازمة الرئاسية اللبنانية بوقف اطلاق النار في الجنوب فيما ترى فرنسا ان جهود حل الشغور الرئاسي لا يجب ان ترتبط بالاحداث الجارية في الجنوب نظراً لضرورة ان يكون للبلاد رأس يديرها ويعيد انتظام الحياة السياسية اليها لا سيما في هذه الظروف الدقيقة.
الى ذلك، تسعى الإدارة الفرنسية الى إعادة تحريك مبادرتها التي طرحتها منذ نحو شهرين والقاضية بتراجع حزب الله بين ٧ و١٠ كيلومترات عن الحدود مقابل تثبيت النقاط الحدودية الـ ١٣ المختلف عليها منذ تحرير الـ٢٠٠٠. مع عرض فرضية ان توضع مزارع شبعا المحتلة تحت رقابة الامم المتحدة الى حين البت بخضوعها للقرار ٢٤٢ من عدمه. في محاولة منها لابعاد شبح الحرب الشاملة عن لبنان بالتزامن مع قناعة أميركية بعدم قدرة ادارة الرئيس جو بايدن على ضبط تحركات رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو الحدود الشمالية مع لبنان.
كل هذا يظهر هشاشة وتضعضع الوضع السياسي الداخلي وحجم المأزق الذي تتخبط فيه البلاد امنياً واقتصادياً واجتماعياً، والحاجة الملحة الى ملء كل الشواغر في مراكز الدولة حفاظاً على سير المرافق العامة وصوناً للدستور. على امل ان يتصاعد من ساحة النجمة الدخان الأبيض الرئاسي في وقت قريب درءاً لاي انفجار قد لا تحمد عقباه.