الأستاذ، الأخ، المجاهد، الحاج، المقاوم، النائب، عضو مجلس الشورى، رئيس كتلة نيابية كبيرة، المتواضع، الصبور
والد الشهيد عباس " سراج"، المضحي، والمحب لكل من يطرق بابه... هو من يُسمح له بالدخول إلى كل البيوت، وهو صاحب كل الواجبات...هو المواطن اللبناني محمد رعد أبو عباس...
قبل أن يتحدث قُدم تقريراً عن حالاته مع عوائل الشهداء فاسقط نظره ارضاً وخجلاً من التقرير لكونه لم يكن يعلم به وإلا كان رفض عرضه كما رفض عرض صور ولده الشهيد عباس، وحينما عُلم بالتقرير لم يشاهده وأصيب بحرج لكونه يؤمن بكل الشهداء وليس بالشهيد ولده فقط، وبأن عوائل الشهداء ثروة الأمة!
الحوار معه منذ قليل من خلال قناة المنار مع المثابرة والمتميزة في هذه المرحلة عن كل الإعلاميين إعداداً وتقديماً الزميلة منار صباغ عبر برنامج غزة "تغطية خاصة- القادة الشهداء"، الحوار معه كان ثرياً من كل الجوانب الإنسانية، والأبوية والاجتماعية والسياسية، ولم نعتاد من ساسة لبنان والعرب هذا الفهم المتشعب القريب من أناسهم، وليس المُنظر الذي لا يفهمه جمهوره حتى يقال المثقف الكبير!
شرح عمق فهمه عن الشهداء كما لم نسمعها من قبل، وافاض في كيفية أن تكون سياسياً منسجماً في الميزان الدقيق لكونه ميزان خاص بالمقاومة.
عرضت مشاهد حصرية وخاصة بالبرنامج الحوار تتعلق بحضور رعد العسكري في معسكرات المقاومة وبجانبه الشهيد وسام الطويل " جواد" ينال تكريماً، ومصلياً بالقادة وبالشباب المجاهد، وخطيباً في أرض المعركة، ومنشداً...التقرير يدل على دور من يستحق الدور...وما أن انتهى التقرير حتى أُربك، وهربت منه المفردات، وعاد وتمالك دوره ووجوده في الحلقة أخذاً يشرح دور وقيمة الرجال" وقد لا أكون بمستوى البدلة العسكرية التي ارتديتها بل للتبرك، ويخجل المرئ منهم، كيف يتسابقون إلى الشهادة، ونحن السياسيون نزاحم بعضنا للنيل من مناصب الدنيا" !
شرح عن عاطفته العقيدة المقيدة حتى لا يُفهم غلط، ومن أجل كل الشهداء دفع سجن دموعه للفراق معتزاً بالشهداء الأوفياء...دموعه تحاسب الحب والشكر على ما وهبه الله لآن الشهيد ليس لنفسه بل للجميع ويصنع وطن، محاسبة لأنهم سبقوه إلى الشهادة، وهذه صفات القادة!
فلسف تسابق الشهداء القادة ببساطة علاقتهم بالرحمن، ومن بركاتهم ان تلاميذهم يقومون بالجهاد المبارك...وفعلاً هذا ما يميزهم!
نعم التضحية كبيرة، بل من يصل إلى مستوى فهم هذه التضحية يكون نبيلاً ويترفع عن محور المصلحة الذاتية...وهكذا كان محمد رعد خلال الحوار...باح كما لو كان يبوح لأول مرة، ونطق بمفردات خرجت منه بمسؤولية تليق بمن تحدث عنهم في لحظة تهد الجبال...من أنت، ومن أي طينة جُبلت يا محمد رعد؟!
تركته منار يُفرغ ما بجعبته خلال الحلقة، لم تقاطعه كما فعل غيرها، ولم تفرض عضلاتها بحجة سيدة مكانها، تركت لروحها الهامسة تبوح بصوت منخفض، وتفتح باب النقاش من خلال سؤال مختصر ومقتضب، ويتحدث محمد رعد بموضوعية تقديره، بروحيته وعنفوانه، بطفولته وكبريائه، وعائلته وعائليته، وبمقاومته وجهاده وجهوزيته للشرح وللبوح...وصداقاته مع من صنعوا النصر في بلادنا عماد مغنية - رضوان الله عليه " فقرة اعدتها فاطمة عباس برشاقة ومتماسكة"، والسيد عباس الموسوي " الحنون العطوف على الفقراء، ولا مقر له، له روحية أهل النظر البعيد والكربلائيين والزاهدين الشجعان" - وما جاء في تقريره إعداد علي عفيف أحمد كان مشغولاً بحساسية واضحة- والشيخ راغب حرب فزاً ومميزاً في يقينه بالله وجرأته بمقاومة اعداء الله، والأجمل حينما اعترف رعد بمشاركته في حفر اساسيات توسيع مسجد جبشيت - وقد جاء تقرير علي عفيف أحمد بطيبة جمع منها المشاهد والصور الجديدة، هذا التقرير يشبه الشيخ راغب بعفويته وعنفوانه ونحن نعرفه وتربينا على مجالسته ومجالسه...
حلقة ذهبية رغم حساسية الظرف المناسبة، حلقة هادئة مفعمة بالموقف والكلمة والصورة التي تحفر مكانها بمسؤولية الدور والهدف والغاية، حلقة فيها قيمة عالية من الروحانية الساهرة على حدودنا، والقاهرة لكل عدو لا يعرف من هم رجال المقاومة!
صمت منار في هذه الحلقة يُدرس في إعلام يخصنا ويخص غيرنا أصبح يعتمد على الثرثرة وفرض العضلات ومقاطعة الضيف، وأخذ الحوار إلى حيث نشاء، وتقديم انفسنا على إننا نتمتع بثقافة في غير محلها، والجميل بمنار كانت تشرح حالة عامة شديدة الحساسية دون ان تتفلسف بسؤال...والأهم إعداد منار في هذه الحلقة وفي كل حلقاتها خاصة خلال حرب الصهاينة على غزة، الإعداد متقن، كل فقرة حركة كاميرا، لحظة الكلام والتعليق مدروسة وليست تمر عباطة!