كعادتها مع نهاية كل عام، وتحضيرًا لعيد الميلاد ورأس السنة، تضج أسواق طرابلس ومحيطها بحركة استثنائية من أهلها ومن أبناء المناطق والقرى المحيطة، الذين يقصدونها لشراء حاجاتهم وللتنزه أيضًا. وهو ما يحدث هذا العام رغم كل الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الأمنية التي تشهدها المدينة على أثر الحوادث الفردية. جريمة قتل ومجددًا، يسقط شاب قتيل في طرابلس، هو عمر حمد، لا ذنب له سوى أنه كان في ساحة التل، أثناء وقوع إشكال بين شخصين أمام محل للصيرفة، تطور إلى تبادل لإطلاق النار أثناء وجود أحدهما على دراجة نارية، ولدى مرور حمد أصيب بطلق في رأسه، وسرعان ما فارق الحياة.
وهذا الشاب، هو صاحب كشك لبيع الشرائط والسي. دي، منذ سنوات، مقابل بلدية طرابلس، ويعرفه معظم العاملين في ساحة التل الحيوية، وكذلك الذين تعودوا على المرور على الرصيف بالقرب منه. والمؤسف في قصة حمد أنه قتل أمام ابنته وزوجته، وهو كان برفقتهما أثناء عودتهم من الأسواق المحيطة بساحة التل، وفق شهود عيان.
وبعد نقل جثمان الضحية من المستشفى الإسلامي إلى منزل عائلته في حيّ المطران، شهدت المنطقة حالة غضب شديد واستنفارًا من أهله ورفاقه، الذين صدموا بمقتله بهذه الطريقة وهو في مقتبل عمره.
وتأتي هذه الجريمة بعد نحو 10 أيام على الحادثة المروعة التي تخللها إطلاق رصاص على رأس المواطن عبدالله عيسى على خلفية أفضلية مرور، وضجّ بها لبنان لفظاعة المشهد .
وحتى الآن، ما زال عيسى في المستشفى معلقًا بين الحياة والموت، وجرى قبل أيام إلقاء القبض على مطلق النار المدعو أحمد الديك. مسلسل القتل وسبق أن شهدت ساحة التل جريمة مروعة في أيلول الفائت، حين أقدم ملثمون على إطلاق النار باتجاه محل لبيع الهواتف الخليوية في منطقة التل، قرب مستشفى شاهين، ما تسبب بسقوط أربعة قتلى.
وفيما تقاوم طرابلس العيش كسائر مناطق لبنان التي ترزح تحت وطأة الأزمات عينها، بات فلتان السلاح عند أصغر إشكال ظاهرة خطيرة تهدد جميع السكان. ويأتي ذلك على وقع الدعاية المستمرة التي تقوم بها وزارة الداخلية لجهة ما تسميه فرض خطة أمنية استثنائية في طرابلس، وما يستتبع ذلك من صبغة نمطية تعودت عليها المدينة، بينما المطلوب وفق أهلها هو تنفيذ القانون فحسب.
وسبق أن سلّطنا الأضواء في تقارير سابقة عن أزمة انتشار السلاح غير المرخص في طرابلس، الذي أصبح إشهاره عادة يومية بين يدي الغاضبين والمستثمرين بغياب الأمن، علمًا أن انتشار السلاح هو ظاهرة تجتاح مختلف مناطق المدينة. وللتذكير أيضًا، فإن أكثر الأسلحة انتشارًا هي المسدسات الحربية الروسية والتركية الصنع. ويدخل معظمها عبر عمليات التهريب من سوريا، كما تنتشر بعض أنواع الرشاشات والقنابل اليدوية، وأصبحت تجارة رائجة نظرًا لزيادة الطلب على الأسلحة، رغم غلاء أسعارها بالدولار الأميركي. حصيلة قاتمةومع اقتراب نهاية العام 2022، ترتفع حصيلة القتلى وضحايا السلاح العشوائي في طرابلس، واللافت أن معظم الجرائم تقع في وضح النهار.
وكما عند وقوع كل جريمة، تساءل كثيرون في طرابلس عن أسباب غياب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن الوضع في مدينته، وعن مدى فاعلية الخطط الأمنية التي يعلن عنها الوزير بسام المولوي.
في هذا الوقت، صدر عن قيادة الجيش الخميس بيان حول حصيلة الجرائم، وجاء فيه: "نتيجة التدابير الأمنية التي اتخذتها وحدات الجيش في مختلف المناطق اللبنانية خلال شهر تشرين الثاني المنصرم، تم توقيف 349 شخصًا من جنسيات مختلفة، لتورّطهم في جرائم وجنح متعدّدة، منها الإتجار بالمخدرات والقيام بأعمال سرقة وتهريب وحيازة أسلحة وممنوعات، والتجول داخل الأراضي اللبنانية من دون إقامات شرعية، وقيادة سيارات ودرّاجات نارية من دون أوراق قانونية. وقد شملت المضبوطات 95 سلاحًا حربيًا من مختلف الأنواع، وكميّات من الذخائر الخفيفة والمتوسطة، وعددًا من الآليات والدراجات النارية، بالإضافة إلى كمية من المخدرات ومواد مختلفة معدة للتهريب وعدد من أجهزة الاتصالات".