خاص tayyar.org - يناقض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نفسه في أكثر من ملف. لكن التناقض الأكثر تعبيرا عن الرجل يتمثّل راهنا في ملف الكهرباء. إنتظر حتى إنتهاء العهد، ليبادر هو ورئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد اجتماعات ولقاءات من أجل إعادة ضخ الحياة في معامل الكهرباء. كأن الرجلين استفاقا فجأة على هذا الملف الحيوي، وكأنهما بالإتفاق مع قوى سياسية وحزبية أخرى، من بينها حزب القوات اللبنانية، لم يكونوا جميعا في صلب الأزمة الكهربائية، بل المتسبب الرئيس لها، من خلال تعطيل خطة الكهرباء عبر قطع التمويل عنها، تارة بحجة الـtva وطورا بذريعة عدم جواز التفريط بأموال المودعين. حتى انّهم حولوا عبارة سلفة خزينة الى عبارة شيطانية وهتكوا التيار الوطني الحر بمجرّد أنه سعى الى تأمين الفيول الى المعامل عبر سلف الخزينة. وهي الطريقة الوحيدة التي كانت متوفرة لتأمين التيار الكهربائي بعدما أمعنت المنظومة في تخريب هذا القطاع، بدءا من تثبيت التعرفة منذ مطلع التسعينات بما يتعارض مع أبسط أنواع المنطق، مما أدى الى العجز الكبير الذي يعاني منه القطاع راهنا، وليس إنتهاء بسيناريو المياومين الذي عطّل عمل شركات الخدمات ومنع استكمال مشروع العدادات الذكية وتصدى لرفع التعديات.
 
ويُفهم في مجمل هذا السياق مغزى إجتماع بري وميقاتي، تماما كما يُفهم تكليف الوزير السابق نقولا نحاس (مدير معمل سبلين وأحد المولجين الرئيسيين بتفشيل خطة الكهرباء!) إعلان عودة التيار الكهربائي جزئيا تحت شعار 10 ساعات إبتداء من 10 كانون الأول.
 
وليس خافيا أن كل أصناف التخريب الذي طالت قطاع الكهرباء كانت ولا تزال لأمرين:
 
1-منع التيار الوطني الحر من تحقيق اختراق في هذا القطاع، عبر تخريب خطته المقرة سنة 2010 بإجماع القوى السياسية والحزبية يومها. وأرادت المنظومة من ذلك ألا يُسجَّل للتيار إنجاز إعادة الكهرباء على مدار الساعة، والأهم إعادة الإنتظام العام الى هذا القطاع.
 
2-إفساد أي مسعى لإعادة هيكلة قطاع الطاقة، كهرباء ومحروقات، لأن تطويره يعني حكما القضاء على المافيا السياسية - الحزبية التي ترتزق من هذا القطاع. ولا يخفى أن أمراء الحرب تحوّلوا منذ العام 1990 الى تمويل خزائنهم من مقدرات الدولة، في مقدمها قطاع المحروقات، بعدما فقدوا تمويلهم الخارجي الذي كان يمدّهم بمقومات دويلاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية وإطالة حروبهم على الشرعية وعلى اللبنانيين.
 
وسبق لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن أفصح عن رغبته في شرعنة دويلة المولّدات الخاصة بذريعة تثبيت معادلة اللامركزية الكهربائية. ولا تقتصر هذه الدويلة فقط على المولّدات بل هي تختصر منظومة إقتصادية – مالية متكاملة تعتاش على جنب الدولة، أمّنت لها ولنفسها المنظومة كل وسائل الارتزاق غير المشروع عبر تفشيل خطة الكهرباء. ويعني إفشال المنظومة الخطة تعويم إقتصاد الفيول والمازوت والبنزين وباقي مواد المحروقات، وكلها استخدمت على إمتداد 3 عقود من أجل حرق خزينة الدولة وتمويل خزينة ميليشيات السلم.