مثل تنابذ فئات الدم!
أيستحقّون غير الشتم والرجم؟
يجب أن تستمرّ الأشياء في السقوط بعد الرابع من آب!
كلّ يوم سقوط جديد، شيء آخر! أمس واليوم وغداً الصوامع! ولتكن بعدها سقوطات مُتَسلسلة...
مبنى متصدِّع، بيتٌ منسوف، شرفة معلّقة بقضبان الهواء!
يجب أن تستمر الأشياء في السقوط. جريح ما زال يقاوم، يموت بلا استسلام.
وليسقط بجّاني آخر، وأبو رجيلي آخر (نعم فعلوها بالصورة المباشرة) وغيرهما!
دمعة، لا أكثر، كلّ يوم دمعة مِنْ ولَدٍ تيتّم، مِن امرأة ترمّلت أو ثُكِلت، مِن أبٍ فُجع، من حبيبٍ أو حبيبة.
دمعة واحدة لا أكثر، كلّ يوم، تنقُر نقراً، ليس على ضمائرهم المتيبِّسة (المقطوع الأمل منها)! إذا كانت النيترات القاتلة لم تهشِّمها، فكيف لرقّة الماء أن تعبر فيها، ولو كانت القطرة تلو القطرة تنحت الصخر!
لا، ليس على ضمائرهم، بل على ضمائرنا لتبقى حيّة تتذكّر... وتُذكِّر.
على قلوبنا لتبقى متأجّجة بنارٍ لا تنطفئ!
في صدورنا كي تبقى متحفِّزة بالغضب!
فليُسقِطوا الصوامع (فعلوها)! ولتسقط مكانها الدموع كيلا يمَّحي أثر!
وليعلموا أنّ كلّ دمعة ستَنبُتُ وتُنبِت من تحت الصوامع، سنابلَ سنابل تجتذب ضوء الشمس الذي لا بدّ أن يصل إلى ظُلمَة أحجارهم ومخابئهم وأوكارهم! ليفضح مؤامراتهم!
هم أبناء الظلمة، ونحن أبناء النور!
فليسقط كلّ يوم شيء جديد، يُسقِط عنهم أوراق التين، ورقة ورقة، وإن كانوا لا يخجلون ولا يستحون بِعُرْيهم الفاضح! يسترونه بادّعاء الإيمان، بمصادرة التكليف الإلهيّ، (بتزييفه باصطناعه باختراعه، قُلْ ما شئت)، بادّعاء الشرعية والقوة، ولَو متواطئة مُستَلحّقة، بالخزعبلات القانونية، التي يؤكّدون بها يوماً بعد آخر التهمة الموجّهة إليهم. إثبات ما بعده إثبات.
ههنا قال المُريب "خذوني"!
"لو كان عندي إيمان بذنبهم..." قالها ذاك "الخُزُعبلاتي"، والإيمان لا يُناقش...
"تكليفي من الله..." قال الآخر... نستغفر الله لو كفرنا به بعد هذا التكليف إنْ صحّ!
يرفعون الإيمان والله متراسَيْن... يُقيمونهما حاجزاً بينهم وبين الضمير! يحتمون به من جرائمهم وليس منّا! فنحن لا الله كلَّفنا ولا زيّفنا إيماناً ولا اصطنعناه.
فلتسقط كسرة زجاج بقيت عالقة في شِقٍّ ما! فلتسقط الحجارة الباقية عالقة صامدة على جدران متصدّعة! فلتسقط حصاة عرّاها الانفجار من باطونها المسلَّح.
فلتسقط كلمة بقيت عالقة في حلق جريح قبل أن يلفظ أنفاسه!
فليسقط دعاء انطلق من حنجرة وخنقه الانفجار!
فلتسقط صرخة ابتلعها الدويّ المُصِمّ!
فليسقط كل ما كان يجب أن يُقال ولم يُقَل في اللحظة القاتلة، وبعدها وبعدها!
ولتتكاثر السقوطات، بكلّ أشكالها ومعانيها،
تذكّرهم بأخلاقهم الساقطة... بأنّهم المجرمون والقتلة... قتلة مأجورون... يعني قتلوا عمداً متعمَّداً عن سابق تصوّر وتصميم... ليس البشَر وحسب!
بل مدينة لا يُشبهونها في شيء.
عاصمة أعجزتْهم...
بناسها... الناس!!!
ناسها الذهب،
كلّما طَرَّقته صَلُب
كلّما مَحَصْتَه التَمَع
وكلّما بلوتَه جادَ!
رموا فيها كلّ قذاراتهم...
هم المُستورِدين والمُسْتورَدين!
غلغلوا فيها كلّ أفاعيهم وعقاربهم...
أطلقوا كلابهم المسعورة...
ضاقوا بها ولم تَضِق...
خنقهم نفَس الحياة فيها،
جنَّنهم انتباضها، انبعاثها المستعاد مرّة تلو الأخرى.
هالوا عليها التراب، الردم، قلبوا عليها الأرض... وتَنْتَبِض!
ونحن مع تكرار الواثق الآمِل
المُتشفّي "المُزَرِّك"!
مرَّةً أخرى... ومرّات ومرّات:
تجارة وصناعة وابتكارات... وِسْع الحيلة ليس احتيالاً!
براعة وشطارة تبزّ شطاراتهم واحتيالاتهم! وشوكة في عيونهم!
أدب وشعر وفنون... الجمال! وشوكة في عيونهم!
تعبير وصحافة مكتوبة ومسموعة ومرئيّة، وتفكير بالصوت العالي... وحكي كيفما كان (وإن يَكُنْ)، الحرّيّة! وشوكة في عيونهم!
ازدهار وألق ونشاطات وحفلات وسهر ومهرجانات... الحياة! وشوكة في عيونهم!
مرآة الغرب ومُتنفَّس الشرق... الانفتاح!
وردة الشرق... شوكة في عيونهم...
هي كلّ ما ليسوا هم عليه! فكيف لا يكون تنابذ كما بين فئات الدم؟
أرادوا اقتلاعها... غافلين متغافلين عن أنّها هي عينهم على العالم والحياة!
نحن المتأمركين والمُتفرنسين والمتأورِبين... وعن فخر، كما كنّا من قبل مستشرقين ومُستعربين، لأنّنا الوعاء الصالح لكلّ جيّد، و"نحن" هم "مواطنونا" الفخورون بوطنهم وبناسهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعيشتهم وتعايشهم ولو مصطنعاً، تعايش لا بدّ أن يصبح يوماً فعلياً وحقيقيّاً وطبيعيّاً وصادقاً (يا لقهرِهم!)، كما كاد أو صار في عهدنا الذهبيّ قبل أن يأتوا هم وحلفاؤهم من قبل، ومع العدو حليفهم الأكيد (إسرائيل لِمن لا يريد أن يفهم!) ليزرعوا جراحات ينكأونها في كلّ حين.
فليسقط كل شيء، حبة حبّة، نتفة نتفة، ليذكِّرنا بواجب شتمهم كلّ يوم!
إن كانوا أهل إيمانٍ وأصحاب تكليف، فصَلاتُنا لهم هي الشتم والشتم والشتم!
أيستحقون غير الشتم والرجم؟!