بعد مرور قرابة شهر على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، في مطلع شهر أيلول الجاري، حدّد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يوم غد الخميس، 29 الجاري، أوّل جلسة سيعقدها المجلس لانتخاب رئيس جديد، وسط مؤشّرات تؤكّد بأنّ النصاب لن يكتمل في هذه الجلسة، وبأنّها لن تكون أكثر من جس نبض، والتزام شكلي بالدستور، الذي تعيق الخلافات السياسية تطبيقه كما يجب.
أسئلة كثيرة طُرحت غداة تحديد برّي موعد الجلسة المنتظرة، من أبرزها: هل سيتم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال الفترة الدستورية التي تنتهي في 31 تشرين الأول المقبل، أيّ بالتزامن مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون؟، وهل أنّ حكومة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ستبصر النور خلال هذه الفترة الزمنية؟، وكم جلسة سيعقدها المجلس النيابي قبل خروج الدخان الأبيض منه، إيذاناً بانتخاب الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية منذ الإستقلال عام 1943؟
الأجواء الحالية توحي، على نحو واسع، أنّ التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بين المكونات السّياسية اللبنانية والقوى الإقليمية والدولية والمؤثّرة في الإستحقاق اللبناني، ما يزال غائباً، وبالتالي فإنّ الفراغ هو الذي سيملأ كرسي الرئاسة في بعبدا، على الأرجح.
أمّا احتمال ولادة حكومة جديدة برئاسة ميقاتي، تنهي الجدل السّياسي والدستوري حول حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها، فكل الإحتمالات حيالها واردة.
يبقى كم جلسة يُنتظر أن يعقدها المجلس النيابي قبل انتخاب رئيس جديد للرئاسة الأولى؟ تبدو الإجابة على هذا السؤال متعذّرة ومعقدة، لكن سابقتي إنتخاب الرئيس ميشال سليمان في عام 2008، وانتخاب الرئيس ميشال عون في عام 2016، تعطيان إنطباعاً سلبياً، في ضوء الإنقسام الداخلي والخارجي، وعدم التفاهم حول الإستحقاق الرئاسي، بأنّ جلسات عدة سيعقدها المجلس النيابي قبل انتخاب رئيس جديد.
فالرئيس سليمان إحتاج المجلس النيابي إلى 19 جلسة لانتخابه عام 2008 بهدف ملء الفراغ التي تركه وراءه الرئيس السابق إميل لحود بعد غادرته القصر الجمهوري في عام 2007، إثر انتهاء ولايته. كذلك فقد احتاج المجلس النيابي بعد انتهاء ولاية سليمان في عام 2014 إلى 45 جلسة، وهو رقم قياسي وغير مسبوق في تاريخ لبنان منذ ولادة الجمهورية ولبنان الكبير عام 1920، قبل انتخاب عون رئيساً.
والسّؤال حول كم جلسة سيحتاجها المجلس النيابي قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مرتبط بأسئلة أخرى، وهي هل أنّ إنتخاب الرئيس العتيد سيكون على البارد أم على الحامي؟، وهل أنّ الرئيس المقبل سيكون توافقياً أم تصادمياً؟، وهل سيكون من هذا المحور السياسي أو ذاك أم أنّه سيكون محايداً برغم أن الحياد في لبنان “بدعة” غير موجودة عمليا؟، وهل أنّ إنتخاب رئيس للجمهورية سيحتاج إلى مؤتمر تأسيسي جديد بعد أزمة سياسية مستفحلة، أم لا؟!..