2024- 04 - 28   |   بحث في الموقع  
logo سباق بين التصعيد والديبلوماسية: الدمج بين اتفاقية الهدنة والـ1701 logo إصابة 14 مدنياً بصربين الجنوبية..وجيروزاليم بوست:الحزب اكبر من الفشل logo الصليب الأحمر يحيي الذكرى الـ39 لشهدائه logo جريح في حادث سير في الضنية logo هزة أرضية ضربت لبنان كم بلغت قوتها؟ logo الفصائل الفلسطينية: ضرورة التوصل لصفقة تبادل "جادة" logo بعد تنبيه فرانك... 3 زلازل تضرب دول في يوم واحد! logo مقدمات نشرات الأخبار المسائية
أمل وحزب الله.. عقدة إبن الخالة
2022-08-24 08:26:16

اضطر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن يبدأ خطاب عيد ميلاد الحزب الأربعين بالتذكير بمآثر حركة أمل. قال ما يشبه إن أمل هي الشريكة ومؤسسها هو القائد الملهم، وما إلى ذلك مما يظن نصر الله أنه يطيب به خاطر الحركيين المكسور بعدما انفجروا غضباً إذ، وهم جالسون في أمان الله، وجدوا أن حزب الله ادعى بضعة ذكريات هي الأغلى على قلوبهم، منها معسكر جنتا، ومنها معركة مثلث خلدة.
لكن الكلمتين اللتين يتذكر بهما السيد دائماً القوى الأخرى التي ساهمت في الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وعلى رأسها أمل والشيوعي، لم تعد مقنعة، خاصة في الاحتفال الأخير الذي بدا كأنه اللقاء السنوي لشركة آبل بموظفيها حيث تروح تكيل المديح لنفسها بينما تعرض منتجاتها الجديدة، ويروح الجمهور المبهور بقدرات أبلى الإعجازية يصفق، وإن كانت أبل متقدمة سنوات ضوئية عن حزب الله فنياً، وجمهورها لا يهتف "لبيك يا أبل".
كلمتا جبر الخاطر لن تقنعا الحركيين هذه المرة، ولا العلمان الأخضران اللذان مرّا عرضياً على المسرح في العرض الفني الهزيل المتخم بكليشيهات تفخيم الذات لا يجيدها في العادة إلا اليمين اللبناني، غير الموهوب بدوره، في التغني بالأرزة و"لبنااان" وما إلى هنالك مما نعرفه ونحفظه.
لن يزول غضب الحركيين ببيان مشترك وتغريدة عاطفية وكلمتين من سماحته. تجاوز الحزب المحظور هذه المرة. قرر أن ينسب لنفسه الحنين الباقي للحركيين لما ليس لديهم غيره. يبتلع النوستالجيا الصافية لحركة المحرومين التي صنعها المؤسس بيديه، قبل أن يغُيّب متحولاً إلى أيقونة، المعمم بطوله الفارع وعينيه الخضرواين ولكنته المحببة. أفواج المقاومة اللبنانية، المعسكر الأول والشهداء الأولون والملحمة الخالدة عند مثلث خلدة. هذه الملحمة التي ادعى الجميع، يومها وحتى الآن، مشاركته وانتصاره فيها. الملحمة برمزيتها ورومانسيتها بالطبع، وليس بحسابات الهزيمة الساحقة التي لحقت بالثورة الفلسطينية والقوى الوطنية في حينها. يأتي الحزب ليدعي انتصاراً حققه قبل وجوده. شيء يشبه حماس إذا ادعت أن قصائد محمود درويش في العام 1982 كتبت في مديح قادتها وليس في مديح حصار فتح أبو عمار العالي.
كان أحرى بحزب الله أن يترك لحركة أمل انتصارات ما قبل إعلان نفسه على الأقل. أن يغض النظر، تماماً كما يغض النظر عن تفجيرات السفارات وخطف الطائرات والصحافيين الأجانب. كما يغض النظر عن حربهما الضروس نفسها التي انتهت بالحزب قوة أساسية تقوم بينها وبين الحركة خطوط تماس في الجنوب والضاحية وحتى في بيروت. يتذكر الحزب مثلث خلدة وينسى لحركة أمل وقوفها إلى جانبه كتفاً بكتف في الحرب الأهلية الباردة المستمرة منذ 14 شباط 2005، والتي بذلت فيها الحركة الغالي والرخيص، في البرلمان وفي الأزقة والساحات وعلى الدرجات النارية، دفاعاً عنه وعن الطائفة. نسي كل هذا وذهب ليلتهم آخر ما كان يمكن للحركة أن تفاخر فيه، جنتا وخلدة و6 شباط.
لا شك أن هناك وجهاً جديداً في حزب الله، ذا ذاكرة متقدة وشغف هائل بالماضي، ما زال يعيش في زمن ثمانينيات الحزب، هو الذي نبش كل هذه النوستالجيا وادعاها لحزبه. وهو على الأرجح ليس من محبي الحركة -الأب. والحركة لطالما رأت في حزب الله ابنها. لكن العلاقة بين الحزب والحركة ليست علاقة أم بابنها، ولا أب بابنه، ليست قصة حب، وليست زواج مصلحة حتماً. هي علاقة بين قريبين، لنقل، مثلاً، أبناء خالات. الأول، الحزب، ما زال يشبه كائناً فضائياً نازلاً من كوكب آخر على القوى السياسية المحلية اللبنانية بشكلها ومضمونها الطائفيين الفاسدين. كتلة صماء جبارة. يملك المال والقوة والنفوذ والانتهازيين الطفيليين ممن يعيشون على فتاته ويحلفون باسمه، كما يملك مئات آلاف المقاتلين والصواريخ وعشرات الانتصارات. يملك العقيدة الصلبة كحجر صوان. يغير معادلات في بضعة بلاد عربية، هكذا، كأنه شاب وشابة يتمشيان في جرجوع. لديه سيد والد بحجم إيران، وعقيدة بحجم انتظار المهدي. لديه قائد كاريزمي خُلّد في حياته، وما زال في مقتبل العمر. ابن خالة بتنظيم حديدي لا يخطئ، ولا يعرف كيف يهزم ولديه يد عليا في البلد، ويد عليا ثانية في كل مناحي الطائفة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والايديولوجية. منتصر على طول الخط. ملتزم. حديث. يمكنه حتى، وإن تأخر قليلاً عن التقنية، أن يعيد شهداءه إلى المسرح بصيغة هولوغرام.
ابن الخالة الثاني، أمل، شديد المحلية، والشعبية. عضوي. اختار من البداية أن يحضر في السوق فيبيع ويشتري. يكون جزءاً من التركيبة بكل فسادها دفاعاً عن مكاسب الشيعة. دكانة طائفية أخرى تبحث عما تستطيع اقتناصه من سمك كل صباح لتعتاش وتطعم من حولها. لا فرق بينها وبين القوات والإشتراكيين والعونيين. ابن خالة شاء قدره ألا يكون لديه صواريخ وطائرات مسيرة ومئات آلاف المقاتلين. ليس معنياً باليمن والعراق وتحرير القدس وإبقاء بشار الأسد واقفاً على ساقيه فوق دمار بلاده. هذا الإبن الخالة متخفف. ليس في صراع وجودي مع أميركا، بل، وعلى العكس، يمكنه أن يرفع علمه الأخضر في عمق دارها (ديربون مثلاً) وبين نوابه حاملي جنسيتها. وجه مدني للطائفة كان قد لعب دوراُ تاريخياًُ كوسيط بين الخاطفين، وخلفهم إيران، وبين الشيطان الأكبر. هذا القريب الذي عرف منذ عقود أنه لن يستطيع مواجهة الحزب، ولا منافسته بالطبع، لا يطلب الآن من ابن خالته إلا الستر، أن لا يأخذ منه ما تبقى له من ذكريات وشهداء، وينسبها لنفسه.
كل ما تطلبه الحركة من الحزب هو أن يبقي لها صور الأبيض والأسود. مثلث خلدة الذي لا يعرف أحد حقيقة ما جرى فيه حتى الآن لكثرة ما تاهت هذه الحقيقة بين الأطراف. المثلث على الأقل. لكنه الحسد، أقسى ما يتجسد بين الاقارب. الحركيون يحسدون الحزب على الانتصارات المستمرة، على الجماهير- البحور، على الصواريخ والصراعات الكبيرة والحروب الاستراتيجية. على ابتلاعه للأم الطائفة. على إيران.. على الفريش دولار. أما الحزبيون، فيحسدون الحركيين بدورهم، على حصة الطائفة من وظائف الدولة تجير لهم تلقائياً، بلا جهد يبذلونه، على عدم اضطرار الحركيين إلى الانخراط في حروب من لبنان إلى سوريا إلى اليمن إلى العراق، إلى تخفف الحركيين مما يعانيه الحزبيون. لكنه حسد بدرجة أقل، حسد القوي إذ ينظر بشفقة إلى الضعيف المرتاح من مشاق الحياة، ومن ملذاتها أيضاً.
أبناء خالات. نعرفها هذه النكتة المتداولة. الشاب الذي جاء إلى والدته يقول لها نلت درجة "جيد" في الامتحانات الرسمية، فقالت له ابن خالتك نال جيد جداً. بعدها جاء يخبرها بأنه دخل كلية الهندسة، فقالت: ابن خالتك دخل كلية الطب. إلى أن أتى اليوم الذي أتاها يقول لها: انضممت إلى حركة أمل، فقالت له: ابن خالتك انضم… "طيب طيب"، قاطعها وغادر محبطاً ليجلس أمام التلفزيون ليشاهد "أن بي أن"، حيث لا هولوغرام، ولا من يحزنون.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top