رغم أن الخلافات التي نشبت في اليومين السابقين بين نواب تكتل التغيير كبيرة، جراء اللقاء النيابي الذي عقد منذ يومين مع النواب أشرف ريفي ونعمة افرام وميشال معوض وفؤاد مخزومي وأديب عبد المسيح، وسامي الجميل ونديم الجميل والياس حنكش، إلا أنها ليست بالقدر الكافي لانقسامهم إلى كتلتين أو ثلاث كتل نيابية متجانسة، كما يطمح البعض.
لا رؤية سياسية مشتركة وبعيداً عن هذه الخلافات المستجدة، منذ انتخابهم إلى اليوم لم يتوصل نواب تكتل التغيير إلى وضع برنامج عمل ورؤية سياسية موحدة للعمل عليها. ولم يطلوا على اللبنانيين بخطة سياسية واقتصادية مشتركة. فقد سبق وشكلوا فرق عمل لوضع أوراق سياسية واقتصادية، لكنها لم تقر بسبب وجود تباينات في الرؤى وبسبب وجود نواب يمانعون، تقول مصادر مطلعة لـ"المدن".وتشكو المصادر من أن عدم تحقق هذا الأمر يؤدي ليس إلى اشتعال وخبو الخلافات بينهم عند كل استحقاق، بل إلى ذهابهم في التنسيق مع باقي الكتل النيابية بمواقف ضعيفة، تفضي إلى اصطفافهم في محور ضد آخر.أمانة سرهم معطلةكانت الخلافات التي حصلت خلال تسمية رئيس الحكومة كافية لفرط عقد تكتلهم، لولا عدم وجود نوايا بالبقاء معاً، سواء كان لدواعٍ مصلحية أو حتى سياسية كونهم نواب التغيير بمواجهة أحزاب المنظومة، التي على أساسها اقترع لهم اللبنانيون. لكن مشكلة التكتل، ووفق المصادر، لا تقتصر على التباينات بين النواب. بل انتقلت إلى أمانة سر تكتلهم المعطلة رغم حداثة عهدها. فمشكلة معظم النواب في التكتل أنهم لم يعطوا أي صلاحية لأمناء السر الذين يمثلونهم في أمانة السر، التي كان يفترض أن تناقش كل الأمور العالقة قبل عرضها في اجتماعات النواب. وهذا أدى إلى تعطل أمانة السر التي تحولت إلى هيكل بلا أي صلاحية. ومرده إلى أن ممثلي بعض النواب لا يبدون أي رأي من دون العودة إلى النائب الذي عينهم. والحديث يدور تحديداً حول النائبين مارك ضو ونجاة عون. والهدف استمرار ضو بلعب الدور المحوري في اجتماعات النواب، وجرّ العديد منهم خلف مواقفه.الارتماء في حضن القواترغم أن التباينات بين النواب تفرز التكتل إلى وجهتين أساسيتين في طريقة العمل وكيفية صوغ التحالفات السياسية، إلا أن العقبة الأساسية أمام عدم إقرار الرؤية السياسية والاقتصادية الموحدة، التي كان يفترض أن يطلوا بها على اللبنانيين، تلصق بضو. فهو يرفض أن تفرض عليه رؤية سياسية جامعة في وقت يعتبر أن بعض زملائه لا يفقهون بالسياسة. ويعلن في اللقاءات الضيقة مع بعض النواب عن أن زميله الفلاني يحتاج إلى دورات تدريب سياسية، وينتقد نواباً آخرين لعدم إلمامهم بالمواضيع التي يبدون الرأي بها في الإعلام، ويفصح عن أنه لا يريد الخروج برؤية سياسية معهم تلزمه بمواقف يعتبرها غير صائبة.
لكن مشكلة هؤلاء النواب مع ضو ليست في طريقة تصرفه مع زملاءه المقربين منه، بل في مواقفه السياسية التي تؤدي إلى رمي التكتل بحضن القوات اللبنانية. وتقول المصادر إن ضو جرّ التكتل في ثلاثة استحقاقات إلى المكان الذي يريد، في اصطفاف واضح مع القوات، وها هو يخطط لجر التكتل إلى لعبة سياسية خاسرة في استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية. والخوف من اللقاء النيابي الذي عقده مؤخراً، والذي سيستكمل اسبوعياً، ليس من جر تكتل التغيير كله إلى تبني ترشيح أحد النواب سامي الجميل أو نعمة افرام أو ميشال معوض لرئاسة الجمهورية، بل أيضاً في جر التكتل إلى مقاطعة جلسات الانتخابات لعدم تأمين النصاب، في حال قررت القوات اللبنانية اللجوء إلى هذا الخيار. فبعد تبدل موازين القوى في المجلس، والتي باتت تصب لصالح المرشح الذي يدعمه حزب الله وحلفاؤه، قد تلجأ القوات إلى سلاح تعطيل جلسات الانتخاب، والخوف من جر ضو التكتل إلى هذا الخيار، تقول المصادر.دفن مبادرتهم الرئاسيةورغم أن ضو ومن شارك معه في اللقاء النيابي يؤكدون أنه مجرد لقاء للتنسيق التشريعي، إلا أن الأمر لم يكن مقنعاً للنواب الذين لم يشاركوا في اللقاء. وتعلق المصادر على هذا اللقاء النيابي، الذي يضم مرشحين لرئاسة الجمهورية، أن مؤداه التنسيق السياسي وليس التشريعي، في وقت يوجد ستة نواب في التكتل يرفضون الأمر. فهذه اللقاءات التنسيقية من شأنها دفن مبادرتهم الرئاسية.وتشرح المصادر، أنه سبق وعقد النائب ميشال الدويهي لقاءات ضيقة مع شخصيات ومفكرين وأصحاب رأي لصوغ رؤية حول مواصفات الرئيس الذي يجب أن ينتخبه نواب التغيير. ويفترض أن يعرض الخلاصات على التكتل لتبني هذه المعايير. لكن ضو يعمل لعدم نجاح هذه التجربة، التي كان من شأنها خروج النواب بمشروع رئاسي متكامل للبنانيين.