2024- 05 - 03   |   بحث في الموقع  
logo بالصور و الفيديو: هذا ما فعله اللواء 282 الإسرائيليّ قرب الحدود مع لبنان logo استقبال على شرف الإعلاميين في دارة سفير تونس المكاري: لبنان حريص على الدفاع عن حقوق أبنائه بصفة عامة وإعلامييه الشهداء logo "أكثر من 30 عضواً"... مجلس الشيوخ يرفض مقترح بايدن! logo بالفيديو: "كتائب المجاهدين" تستهدف محور نتساريم logo "لفض اعتصام طلابي"... الشرطة الفرنسية تنتشر بمحيط "السوربون"! logo خطوة هامّة لـ"التيار"... "نحن ملتزمون" logo "لإزالة التهديد"... اسرائيل تزعم ضرب اهداف لـ"حزب الله"! (فيديو) logo بعد حملة الإفتراء... توضيح من "الرهبانية الباسيلية الشويرية"
وحده لبنان يحاصر نفسه: هكذا تعثّر مشروع الغاز المصري
2022-08-10 12:26:11

في نهاية الشهر الحالي، ينتهي عقد الفيول العراقي، الذي استفاد منه لبنان على مدى سنة كاملة لتأمين كميّة متواضعة من المحروقات قياسًا بحاجة المعامل، ما مكّن مؤسسة الكهرباء من تأمين التغذية لمدّة تتراوح بين ساعتين وأربع ساعات يوميًّا. وحتّى اللحظة، لم يتمكّن الجانب اللبناني من ضمان تجديد العقد لسنة مقبلة، بل لم ينجح حتّى بتمديده لبضعة أسابيع للتفاوض على شروط تجديد العقد.
وعلى ما يبدو، مازال الجانب العراقي متوجّسًا من المخاطر الائتمانيّة التي تحيط بتجديد العقد، وإمكانيّة عدم التمكّن من الاستفادة من ثمن الفيول المودع في مصرف لبنان بالدولار المحلّي. كما يتوجّس العراقيّون من مخاطر السمعة المرتبطة بما يُحكى عن سمسرات وصفقات يقوم بها الجانب اللبناني، على هامش عمليّات تبديل الفيول العراقي الأسود بمحروقات صالحة للتشغيل في معامل الكهرباء اللبنانيّة.
وكل ذلك يقودنا للحديث عن سيناريوهات انهيار الشبكة بشكل تام بعد نهاية الشهر، في حال خسر لبنان آخر مصادر الفيول المتاحة، نتيجة سوء إدارة القطاع وملفاته خلال الأزمة الماليّة.الغاز المصري: العراقيل داخليّة والحصار الخارجي وهمإلا أنّ هذه السيناريوهات الكارثيّة، تقودنا في الوقت نفسه إلى السؤال عن مصير قرض البنك الدولي، الذي كان من المفترض أن يموّل استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة المولّدة بالغاز المصري إلى لبنان. فمن خلال هذا المشروع بالتحديد، راهنت وزارة الطاقة على رفع ساعات الغذية إلى مدّة تتراوح بين 8 و10 ساعات يوميًّا. وبينما استهدفت الوزارة إنجاز المشروع قبل بداية العام الحالي، استمرّ إطلاق المشروع بالتعثّر حتّى اللحظة الراهنة.
بخلاف بعض التحليلات التي تصرّ اليوم على ربط تعثّر المشروع بالعقوبات الأميركيّة، أو ما يُحكى عن حصار مفروض على لبنان، بات من الواضح أن تعثّر المشروع لا يعود إلا لعوامل لبنانيّة داخليّة بحت، تتصل بشكل وثيق بمصالح القوى السياسيّة المهيمنة على القطاع، وبتمنّعها عن تنفيذ الشروط الإصلاحيّة التي طلب البنك الدولي تنفيذها في هذا القطاع قبل منح لبنان القرض المطلوب لتمويل مشروع. بمعنى أوضح: لبنان يحاصر نفسه بنفسه، من خلال حرص السلطة على مصالح بعض أطرافها، ولو على حساب حرمان البلاد من هذا المشروع.البنك الدولي: أربعة شروط لمنح القرض للبنانيشير المتابعون لتفاصيل ملف مشروع الغاز المصري إلى أن المشروع عالق حاليًّا بانتظار موافقة البنك الدولي على منح لبنان القرض المطلوب لتمويله، فمن المفترض أن يتم تأمين الإعفاءات الأميركيّة الخطيّة من عقوبات قيصر على أساس –وبعد إصدار- هذه الموافقة. أمّا تأخّر موافقة البنك الدولي، فباتت مرتبطة بتقاعس لبنان عن تنفيذ أربعة من الشروط التي طلبها البنك الدولي قبل إعطاء الموافقة النهائيّة:
1- تشكيل الهيئة الناظمة: يطلب البنك الدولي تشكيل هذه الهيئة بالسرعة القصوى، وقبل تنفيذ أي مشروع جديد في هذا القطاع. وهذا الشرط ينطلق من تركيز البنك الدولي على هذه الهيئة بوصفها إطار إداري مستقل، يشرف على القطاع، ويضمن استقلاليّته عن صفقات وحسابات السلطة السياسيّة. أمّا عرقلة تشكيل الهيئة الناظمة حتّى اللحظة، فيرتبط بحسابات التيّار الوطني الحر، الذي يتحفّظ حتّى اللحظة على تعيينها قبل تعديل القانون الحالي، بما يقلّص صلاحيّات الهيئة، ويضمن الحفاظ على دور وزير الطاقة وسيطرته على القطاع.
2- تعديل التعرفة: وذللك للسماح لمؤسسة كهرباء لبنان بتأمين التوازن المالي على المدى المتوسّط، والاعتماد على مردود خدماتها لتأمين المحروقات وتشغيل المعامل. مع الإشارة إلى أنّ فكرة مشروع الغاز المصري تنص على تقليص نسبة تكاليف الغاز التي يغطيها القرض بشكل متدرّج، مقابل زيادة النسبة التي تغطيها المؤسسة من مردود خدماتها. وهنا، يبدو من الواضح أن حسابات القوى السياسيّة وخوفها من رد فعل الشارع تتعارض مع تنفيذ هذا الشرط، وهو ما يعيدنا إلى إشكاليّة تغييب الهيئة الناظمة التي كان من المفترض –لو وجدت- أن تدير القطاع، وتتخذ هذا النوع من القرارات بمعزل عن الاعتبارات السياسيّة الظرفيّة.
3- الحد من الهدر التقني وغير التقني: أو بمعنى آخر، الحد من السرقات والتعديات على الشبكة، وتأمين آليّة جديدة لتلقي مؤسسة كهرباء لبنان المستحقات الجديدة بشكل منتظم بعد زيادة التغذية، بمعزل عن المستحقات السابقة المتأخرة وغير المسددة نتيجة تأخّر تسليم الفواتير (يتجاوز التأخير حدود السنتين في بعض المناطق). وتنفيذ هذا الشرط كما هو معلوم، يتأخّر حتّى اللحظة لعِلم معظم القوى السياسيّة بنوعيّة الاعتراضات الشعبيّة التي ستواجهها حملات نزع التعديات، ومنها تلك التي ستنطلق من قواعدها الشعبيّة نفسها.
4- إيجاد آليّة لتأمين الدولارات لمؤسسة كهرباء لبنان، وبعد وضع إطار لعمليّة توحيد أسعار الصرف وبيع العملة الصعبة للمؤسسات العامّة، وبالتوازي مع إقرار قانون الكابيتال كونترول. وجميع هذه الإجراءات، ترتبط بدورها بالمسار المتكامل لخطة التعافي المالي، والتفاهم مع صندوق النقد، وهو مسار لا يشهد حاليًّا أي تقدّم يُذكر (راجع المدن).لا أحد يعرقل لبنان سوى لبنانبخلاف بعض التحليلات التي ربطت سابقًا تأخّر المشروع بوجود مصلحة لدى الجانب المصري بتأجيله، للاستفادة من ارتفاعات أسعار الغاز في السوق العالميّة، تشير جميع المصادر المطلعة على عقد المشروع إلى أنّ العقد ينص على حد أعلى لتسعيرة الغاز التي سيسدد لبنان ثمنها، وقد بلغت أساسًا أسعار النفط العالميّة هذا الحد الأقصى. وبهذا المعنى، لم يكن هناك أي سبب مالي يمكن أن يدفع مصر لتأجيل من هذا النوع، فيما تم توقيع العقود أساسًا في شهر حزيران، وبات نفاذ العقود يرتبط بشرطين لا ثالث لهما: تأمين التمويل من البنك الدولي، وتأمين الإعفاءات الخطيّة الأميركيّة من عقوبات قانون قيصر.
ومن الناحية العمليّة، تنتظر الإعفاءات الخطيّة الأميركيّة في الوقت الراهن موافقة البنك الدولي على القرض، لحسم مصدر ووجهة التمويل في الإعفاءات المكتوبة، فيما أصدرت الإدارة الأميركيّة منذ أسابيع "رسالة تطمين" تؤمّن الحماية للمشروع والأفرقاء المشاركين فيه لتسهيل توقيع العقد، ومن ثم إرساله إلى الولايات المتحدة لدراسة مضمونه. مع الإشارة إلى أنّ الإدارة الأميركيّة تفضّل حتّى اللحظة عدم إصدار الإعفاءات الخطيّة ما لم يتم ربطها بمصدر تمويل واضح، وبصيغة واضحة لآليّات الدفع والسداد، وهو ما يفترض أن تحدده صيغة القرض النهائيّة التي سيوافق عليها البنك الدولي.ببساطة شديدة، لا أحد يعرقل لبنان سوى لبنان، خصوصًا أن تعثّر تنفيذ شروط التفاهم المبدئي المعقود مع صندوق النقد لم يطمئن البنك الدولي، الذي يُفترض أن يوافق على إعطاء قرض الكهرباء، بالنظر إلى الترابط بين الجوانب المتعلّقة بالتسعيرة وانتظام سعر الصرف في خطّة الكهرباء المقدّمة إلى البنك الدولي، وخطّة التعافي التي يقوم على أساسها التفاهم مع صندوق النقد. فكيف الحال إذا كان لبنان قد تعثّر في تنفيذ جميع شروط قرض الكهرباء الأخرى، إلى جانب تعثّره في تنفيذ ما يتصل بتوحيد وضبط سعر الصرف في خطة التعافي المالي. هكذا، بات لبنان مهيّئاً وبشكل مثالي ليُرفض طلبه المليء بالمخاطر، بعد أن فشلت البلاد في تقديم أي ضمانة توحي بقدرتها على سداد القرض بعد الاستفادة من قيمته على مدى السنوات المقبلة.
كما بات واضحًا حتّى اللحظة، لا يوجد ما يبشّر بقرب تنفيذ الإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء، كجزء من الشروط التي يطلبها البنك الدولي قبل منح قرض الغاز المصري. فلا يوجد في الأفق أي مسعى لتعيين الهيئة الناظمة، بل لا يوجد حتّى مجلس وزراء قادر على البحث في هذا الملف. ومن غير المرجّح اتخاذ أي قرار بخصوص التعرفة، أو إطلاق حملة لنزع التعديات وتقليص معدلات الهدر. ولا يبدو أن هناك ما يبشّر بقرب تفكيك الألغام التي تعرقل الإطار الأوسع من المعالجات، المرتبطة بخطة التعافي المالي. هكذا بالتحديد، تحول المصالح محليّة ضيّقة دون تسجيل انفراجة في أزمة قطاع الكهرباء، فيما يموّه السياسيون المسألة بربطها بعوامل الضغط الخارجي للهروب من مسؤوليّاتهم.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top