يوم أمس، شهدت منطقة الهلالية في مدينة صيدا حرباً بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى بين عناصر من التنظيم الشّعبي الناصري الذي يرأسه النّائب أسامة سعد، وصاحب أحد مولّدات الكهرباء الخاصّة، جرى فيه تبادل الشّتائم واللكم والركل .. وصولاً إلى إطلاق الرصاص، ما كاد يؤدّي إلى كارثة حقيقية وسقوط ضحايا فيه لولا العناية الإلهية التي حالت دون ذلك.
أسباب “الحرب” بين الطرفين تعود إلى أنّ صاحب مولّد كهرباء خاص لم يلتزم تسعيرة وزارة الطاقة لكلّ كيلو وات كهرباء، وهو 14 ألف ليرة، وبقي “يفوتر” وفق تسعيرته الخاصة السابقة التي تفوق التسعيرة الرسمية قرابة ضعف، ما أدّى إلى تلاسن بينه وبين المشترك، قبل أن يتطور الأمر إلى تدخل عناصر التنظيم الشعبي الناصري الذين وقفوا إلى جانب المشترك في وجه صاحب المولّد، الذي استدعى “جماعته” وهم بكامل أسلحتهم، ما تسبّب بتطور الإشكال إلى تبادل لإطلاق النّار سقط جرّاءه جرحى، وجعل أهالي منطقة الهلالية في عاصمة الجنوب يعيشون حرب شوارع حقيقية.
كلّ ذلك حصل في المدينة من غير أن تتدخل القوى الأمنية لوضع حدّ لإشكال كاد يتطوّر إلى ما لا تحمد عقباه، ولم يتوقف الإشكال إلّا بعد تدخل سعاة الخير من أهالي وفاعليات المدينة، على أمل أن تسفر الإتصالات واللقاءات اللاحقة في التوصّل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، ولو بالحدّ الأدنى.
ودفع إشكال صيدا بلديتها، بعد الإشكال المؤسف كما وصفته، إلى أن تهيب بالجميع “تحكيم لغة الحوار الهادىء بعيداً عن أيّ ردّات فعل أو تشنجات قد لا تحمد عقباها”، مؤكّدة أنّها “تواصل إهتمامها بموضوع تسعيرة المولّدات الكهربائية ومعالجة هذا الملف من خلال لجنة الشفافية لقضايا المولدات والمحروقات، وبالإجتماع الدوري المتواصل مع أصحاب المولدات”.
ما جرى مؤخّراً في مدينة صيدا جاء بعد حملة سياسية وشعبية واسعة قادها النائب أسامة سعد وتنظيمه في مواجهة أصحاب المولّدات، وبدعم قضائي أجبر أصحاب المولّدات في صيدا على الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة تحت طائلة فرض غرامات وعقويات، بعدما قام القضاء بإغلاق بعض المولّدات بالشّمع الأحمر بعدما رفضوا الإلتزام بالتسعيرة الرسمية.
برغم ذلك ما تزال مدينة طرابلس تعيش فترة مراقبة، ذلك أنّ القرار ببدء إجبار أصحاب المولّدات على الإلتزام تسعيرة وزارة الطاقة مرّت أيّام على إعلان بدء تنفيذه مطلع شهر آب الجاري من غير أن يُنفذ، ومن غير أن تقوم السلطات القضائية والقوى السّياسية والشّعبية بأيّ تحرّك لإجبار أصحاب المولّدات على الإلتزام بالتسعيرة، بعدما صمّوا آذانهم وتابعوا عملهم وكأنّ الأمر لا يعنيهم، بشكل جعلهم يبدون أقوى من الدولة وفوق القانون، كيف لا وهم مدعومون من جهات سياسية وأمنية نافذة في طرابلس.
لكنّ السؤال الذي حضر في الذهن سريعاً بعد إشكال صيدا، هو: هل يمكن أن تشهد طرابلس إشكالاً مماثلاً لما حصل في صيدا، ومن هي الجهة التي يمكنها الوقوف في وجه أصحاب المولّدات الذين تحوّلوا إلى “مافيا” ليس من السّهل مواجهتها والتغلب عليها، وإجبارها على العمل تحت سقف القانون في مدينة تعدّ الأفقر في لبنان؟