2024- 04 - 30   |   بحث في الموقع  
logo "العراضة المسلحة": تشظية السنّة وتخويف المسيحيين وتقويض الدولة logo "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"... أميركا: 5 وحدات إسرائيلية مسؤولة logo كراهنبول: الصليب الأحمر لن يحل مكان الأونروا في غزة logo البحرية الإيطالية تعلن "اسقاط مسيرة" أطلقها الحوثيون في البحر الأحمر logo مقدمات نشرات الاخبار المسائية logo عشر غارات إسرائيلية.. و"الحزب" يصعّد هجماته الصاروخية logo رغد صدام حسين تنشر مذكرات والدها logo مدبولي يؤكد ان لا استقرار في المنطقة إلا بحل الدولتين
بالفيديو.. THE NORTHMAN .. ملحمة انتقام «الفايكنج» ومأساة رائعة الجمال
2022-06-02 20:56:01

هناك فيلمان يتصارعان داخل «The Northman»، أحدث أفلام روبرت إيغرز مخرج فيلمي «The Witch» و«The Lighthouse»، الأول هو تجربة حسية رائعة تسحركم في النصف ساعة الأولى، والثاني عبارة عن ملحمة انتقام تاريخية تبدو مباشرة أكثر (من ناحية التقديم بدلا مما يتكشف بالأحداث فعليا)، ويبدو في نفس الوقت مترددا بتصويره للعنف والدموية، وعلى الرغم من تنقله بين هذين الجانبين (أحدهما أكثر فاعلية من الآخر)، إلا أن الفيلم ممتع للغاية، خاصة عند الأخذ بالاعتبار أن استوديوهات هوليوود الكبرى (في هذه الحالة Universal وFocus Features التابعة لها) نادرا ما تصنع هذا النوع من القصص.

القصة بسيطة من الناحية النظرية، فبعدما شاهد والده الملك أورفانديل وور-رايفن (إيثان هوك) يتعرض للخيانة والقتل على يد عمه الذي لا يرحم فيولنير (كلايس بانغ)، يعود أمير «الفايكنج» المحارب أمليث (ألكسندر سكارزغارد) بعد سنوات عديدة، متنكرا بهيئة عبد، لإرواء عطشه للانتقام وإنقاذ والدته الملكة غودرين (نيكول كيدمان)، ومع ذلك، يكون «The Northman» بأفضل حالاته عندما يكون الزخم عفويا، وعندما يغوص في الأجواء الغامضة والضبابية التي أنشأها إيغرز ومعاونيه، ولا تأتي خيانة «فيولنير» كمجرد تفصيل في مقدمة القصة، بل في نهاية مشهد مطول «وهو واحد من عدة فصول تظهر مع عنوانها الخاص على الشاشة»، حيث يتم تأسيس الشخصيات بشكل عام، فنرى طقوس تقديم أمليث اليافع (أوسكار نوفاك) لسلالته الملكية، فتبرز مواضيع الفيلم المتعلقة بالحس الداخلي والقدر.

تبرز الموسيقى التي تأتي من تأليف روبين كارولان وسيباستيان غينزبورو بشكل رائع، وتتنقل بين أوتار الموسيقى الشعبية التي تستحضر ملوكية «أورفانديل» عند عودته من الحرب، وبين الإيقاعات الثقيلة جدا خلال المقاطع الأكثر ضبابية وروحانية، لدرجة أنها ستهز أواصر المشاهدين لو تمت مشاهدة الفيلم مع النظام الصوتي المسرحي المناسب.

في مشهد مبكر، يظهر فيه النجم القدير ويليام دافو بشكل مقتضب للغاية بدور «شامان»، نرى أن كل من «أورفانديل» و«أمليث» يجسدان كلاب صيد، حيث يتجولان حول النار على أربع ويعويان، بينما يطلقان العنان للغرائز الحيوانية التي تتواجد بالتوازي مع الهلوسات الحية لأسلافهم، هذا مجرد مشهد واحد من بين عدة مشاهد مشابهة ستجعل المشاهدين، بفضل موسيقى كارولان وغينزبورو المدوية، يشعرون برغبة بضرب صدورهم والانضمام إلى الطقوس الظاهرة على الشاشة، ويساعد بذلك التصوير السينمائي لغارين بلاشك الغارق بالظلال العميقة ولهب النيران الوامضة، الذي يضفي طابعا من الغرابة والجاذبية.

يتخلل هذا الشعور بالطقوس بقية القصة، عندما يهرب «أمليث» الشاب من براثن عمه، يبدأ في تكرار عبارة «سأنتقم لك يا أبي، سأنقذك يا أمي سأقتلك يا فيولنير» لنفسه مرة تلو الأخرى، حتى كشخص بالغ، حتى تصبح تعويذة مقدسة، ومع ذلك تصبح هذه المهمة معقدة أخلاقيا بسبب بعض التفاصيل المفاجئة مع تكشف القصة، وبحلول الوقت الذي تظهر به هذه التعقيدات، فإن فكرة إراقة الدماء ذاتها وتحديدا إراقة الدماء التي تبدو صالحة تتخذ نزعة روحانية، بعدما أجبرت العديد من الرؤى الضاءة بنور القمر «أمليث» على استعادة سيف أسطوري من أجل مسعاه، فيصبح المسار الطويل والانتقامي أمامه متشابكا مع مفاهيم المصير الملكي في مراحل الفيلم المبكرة، وسرعان ما يصبح العنف حتى طقسا خاصا بنفسه.

في حين تبدو مشاهد «The Northman» الرائعة التي تشبه الحلم بأنها من خارج الزمن، إلا أن المشاهد الأكثر تقليدية في النصف الثاني من الفيلم تكافح بعض الشيء، إنها لا تأخذ الكثير من الدقائق الـ 30 الأولى، لكن بمجرد بدء الحبكة، وانطلاق «أمليث» البالغ في رحلته، بعد قضاء الكثير من الوقت في النهب العنيف ضمن مجموعة من الغزاة الذين قاموا بتشكيل أنفسهم على شكل الذئاب والدببة، ما أدى إلى المزيد من مشاهد الاحتفالات البدائية الجذابة، يستقر الفيلم بعد ذلك ضمن حدود قصص هوليوود القياسية، هذه ليست مشكلة بطبيعتها، خاصة أن العنصر الرومانسي الذي يقدمه العمل يتميز أيضا بمنحنى غامض مع الجارية أولغا (أنيا تايلور جوي)، وهي لها معتقدات في السحر والتنجيم، وتتوافق صلواتها التي تستحضر القوى الطبيعية مع تصرف «أمليث» المتعطش للدماء، ومع ذلك عندما تبدأ القصة بتقليل استخدام الظلال والموسيقى والأحلام ولغة الجسد وتركز أكثر على الحوار، تبدأ نقاط ضعف الفيلم كدراما كلاسيكية بالتراكم. على مدار 140 دقيقة تقريبا التي يمتد عليها الفيلم، تبدو العديد من التفاعلات بأنها وضعت على عجل وتم بناؤها بشكل سيئ، مع عدم الاهتمام كثيرا بالعلاقات أو الإيقاع.

يكون «إيغرز» في أفضل حالاته عندما يتراجع عن التقاليد، مثلما يحدث عندما يزيح الكاميرا من المنظور التقليدي فوق الكتف ويختار بدلا من ذلك الانتقال إلى لقطات مقربة منعزلة نشعر فيها ان الشخصيات تخاطب الجمهور (غالبا ما نشعر في هذه اللحظات وكأنهم يحدقون في أرواحهم بينما تطفو الكاميرا باتجاههم).

يضم «The Northman» الكثير من الوحشية التي تتكشف بشكل هامشي، خاصة كقصة يكون «بطلها» عديم الرحمة مثل أشرارها، لكن تبدو الكثير من هذه الحالات خالية من الدماء على الرغم من عمليات الطعن وقطع الأوصال المتكررة، فالكثير من العنف ضمني ويقع خارج الشاشة، لكن لا نشعر سوى بالقليل منه، وبالمثل تبدو المشاهد العاطفية في الفيلم باهتة بنفس المقدار، تلتقط الكاميرا في كلتا الحالتين الأجساد بأكثر حالاتها ضعفا، سواء كانت لحظات عاطفية أو دموية، لكن لفترة وجيزة فقط قبل قطع المشهد.

من الجيد أن أداء الممثلين قادر على عكس بعض هذه الأفكار على الأقل، حيث يهتمون بالخط الفاصل بين العنف والعاطفة، حتى لو تردد «The Northman» بالتعمق فيها بالمعنى الجمالي، فعلى سبيل المثال، يبدو «سكارزغارد» ممزقا حقا بين خططه للانتقام وبين رغبته وعاطفته الجديدة تجاه «أولغا»، في حين يقدم بانغ أداء صامتا وجذابا في نفس الوقت، حيث يستخدم صمته لتقديم طبقات مخفية ومدروسة لـ«فيولنير»، الأمر الذي يزيد من تعقيد طموح «أمليث» الذي يصمم على تنفيذه، وتحافظ كيدمان بشكل خاص على الإثارة في الفيلم عندما يبتعد عن المشاهد الأكثر سيريالية، حتى أنها موجودة في قلب حوار نادر يبدو بأنه دموي ويثير الغثيان، حيث تستغل بعض الغرائز المثيرة للقلق، وبالطبع لابد أن نذكر وريث «فيولنير» الساخط ثورير (غوستاف ليند)، إنه شخصية ثانوية، لكن وجوده المقيت يجعله أكثر ابن فاشل يثير الرغبة باللكم.

على الرغم من أن العناصر الأقل فعالية تتزايد في «The Northman»، إلا أنه يحافظ على إحساس من عنصر المفاجأة والإمكانية بفضل المفاهيم الروحانية في جوهره، كل ما يتعلمه «أمليث» أو لا يتعلمه، أو يختبره شخصيا (أيا كان اللطف الذي يجبره على الانحراف عن طريقه الانتقامي) يتوازى تماما مع رؤاه المجنونة للمجد، ورغبته في تحقيق مصير مدمر للذات بطريقة تجعل «The Northman» مأساة في نهاية المطاف، ومع ذلك هي مأساة رائعة الجمال.



وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top