اعتاد مناصرو الثنائي الشيعي على الاحتفال بانتصارات أحزابهم دوماً. فلا يمر أسبوع في الضاحية الجنوبية من دون إيجاد أي حدث سياسي أو ديني يستحق الاحتفال به. فمنذ مساء البارحة، انشغل مناصرو حركة أمل بالتحضير لاحتفالٍ أقاموه اليوم الثلاثاء بعد إعلان نبيه برّي رئيساً لمجلس النواب للمرة السابعة. وقبل إعلان النتيجة؛ كما فعلوا يوم الانتخابات النيابية واحتفلوا بفوز نوابهم قبل صدور النتائج، تجمعوا في زوايا الشوارع وعلى الطرقات العامة، فعلّقوا أعلام حركة أمل على أعمدة الكهرباء، ورفعوا صوراً لبرّي وجهزوا الأطعمة والحلويات بانتظار النتيجة "المحسومة".رصاص وقذائف ومفرقعاتوفور إعلان النتيجة المتوقعة، اختنقت الضاحية الجنوبية بالرصاص العشوائي والقذائف التي أطلقت ابتهاجاً بالفوز. وعلى الرغم من بيان حركة أمل، الذي طلب من مناصريه عدم تبذير المال على إطلاق الرصاص والمفرقعات، وتجنباً لأي إصابة تنتج عن الرصاص العشوائي في الهواء، وحفاظاً على لوائح الطاقة الشمسية الموجودة على أسطح الأبنية، إلا أنهم لم يلتزموا بهذا البيان أبداً، إذ استمر إطلاق الرصاص لساعاتٍ بعد إعلان النتائج وفي مناطقة مختلفة.
أما في شوارع الشياح، فقد قطع مناصرو حركة أمل الطريق وأوقفوا السير لدقائق، ووضعوا في منتصفها المفرقعات النارية وأشعلوها وسط أجواء مليئة بالحماسة والفرح والابتهاج والرقص.عرس برّي السابعوتجمع مئات من الشبان على دراجاتهم النارية وفي سياراتهم الخصوصية، وانطلقوا بمسيرة طويلة امتدت من منطقة الشياح نحو عين التينة. وعند وصولهم، تجمّعوا في نقاطٍ مختلفة، وتوزعوا بالقرب من بيت نبيه برّي. وإلى جانب مجموعة من شرطة مجلس النواب المسلحة، هتفوا بشعارات وأناشيد حركة أمل. وأمام قصره حضرت فرقة الزفة ودقّت الطبول. واللافت في هذا "الزفاف" هو بهجة حرس المجلس، وكأن العريس فرداً من عائلتهم، فرقصوا على أغانٍ عدة وحملوا بعضهم على الأكتاف وشبكوا أيديهم وتشاركوا بالدبكة، وحملوا المغني على أكتافهم، الذي ردد أناشيد حركة أمل، وهتفوا سوياً بعبارات المديح لـ"أبو خشبة" (يوسف دمشق) وبرّي. ولحظة وصوله، وسط حماية أمنية مكثفة، تهاتفوا عليه مرددين عبارات عن اتباعهم لنهج موسى الصدر وداعين له بطول العمر.خبز وبقلاوةوعادوا بعدها إلى الضاحية الجنوبية لإكمال الاحتفال، فاصطفوا مجموعاتٍ على أرصفة الشارع بالقرب من كنيسة مار مخايل، ووضعوا مكبرات الصوت و"دي. جي" على طاولة في منتصف الطريق، ورقصوا على أناشيدهم وأطلقوا المفرقعات النارية. أما على جوانب الطريق فوضعوا أمام المحال التجارية سلاتٍ تحتوي على حبات من الحلوى المغلفة، ووزعوها على المارة، طالبين منهم الدعاء لبرّي بطول العمر. أما في الغبيري، فقامت مجموعة من الشبان بالتجمع في مسجد بالمنطقة، الموجود بالقرب من روضة الشهيدين، وحملوا صور الإمام موسى الصدر وبرّي ورفعوا الأعلام وأذاعوا عبر مكبرات الصوت خطاباً سابقاً لبرّي.
وعند جادة هادي نصرلله وزع بعض الشبان الخبز وعبوات من المياه الباردة على المارة مرددين "الله يخليلنا الرئيس برّي". وفي أحد أحياء أسعد الأسعد وُزعت صوانٍ من البقلاوة على المارة. ولم يكتفوا بالحلويات وتبادل التهاني، بل وزعوا الطعام والسندويشات على المتجمهرين.
ويؤكد محمد كنج، وهو من سكان الغبيري ومن مناصري حركة أمل، بأن كل هذه المبادرات فردية، واتفق الشباب بين بعضهم البعض منذ البارحة ونسقوا مع شُعَب حركة أمل المتوزعة في مختلف مناطق الضاحية الجنوبية لتنظيم هذه الاحتفالات، واتفقوا مع بعضهم حول المسيرة الجماهيرية التي انطلقت من الضاحية نحو بيروت، وذلك "من محبتهم لبرّي". ويقول بأن كل ما فعلوه يُعدّ قليلاً، فالرئيس يستحق أن يحتفل به يومياً. لذا، منذ الصباح الباكر، جمع الشبان المال من بعضهم البعض واشتروا صواني البقلاوة ووزعوها.
أما طلاب الجامعة اللبنانية فرع الإعلام في الأونيسكو، فتجمعوا أمام مبنى الجامعة وهم يرتدون لباساً باللونين الأخضر والأبيض، ولف بعضهم علم حركة أمل على جسمه بالكامل، وحملت الطالبات بالونات حددت ألوانها بالأحمر والأخضر والأبيض، وهي ألوان علم حركة أمل، ورفع بعضهم صورة كبيرة لنبيه برّي موضوعة في برواز زجاجي عملاق، وأخرى للإمام موسى الصدر. ووسط المفرقعات وتصفيق الطلاب، أطلقوا يافطة عملاقة تحمل صورة برّي امتدت على طول مبنى الجامعة إلى جانب علمي لبنان وحركة أمل، ورددوا قسماً على استمرارهم على نهج موسى صدر، واختتموا قائلين: لبيك يا نبيه لبيك يا نبيه.. بالروح بالدم نفديك يا نبيه. دعوة ليلية عامةوعبر مجموعات الواتساب، عمم مناصرو حركة أمل دعوة منهم لمسيرة حاشدة للمرة الثانية من الضاحية الجنوبية نحو عين التينة، وقالوا فيها إن هذه الدعوة هي من جماهير الإمام القائد السيد موسى الصدر، وقسموا التجمعات في مناطق عدة وبأوقات مختلفة، تبدأ منذ السادسة مساءً حتى التاسعة ليلاً، أما نقاط التجمع فهي المشرفية، برج البراجنة، الخندق الغميق، حي اللجا، بئر حسن وبربور. وهي عبارة عن تجمع جماهيري لحركة أمل، تُرفع فيها أعلام حركة أمل من بيروت والضاحية للوصول أمام قصر نبيه برّي وإكمال احتفالهم به.إغلاق عين الرمانةبالمقابل، ومنذ ساعات الصباح الباكر، حوصرت عين الرمانة بعناصر الجيش اللبناني، الذين حضروا إلى المنطقة وأقفلوها تماماً، وأغلقوا كل المفارق المشتركة بين عين الرمانة والشياح بالأسلاك الشائكة، ومنعوا دخول أي دراجة نارية إلى عين الرمانة، وأمام مفرق أسعد الأسعد في الشياح، في هذا الشارع الذي لطالما نشبت الصدامات على ضفتيه، توزعت آليات الجيش اللبناني بكثافة، فاصطفت أكثر من 10 آليات للجيش اللبناني أمام هذا المفرق بجهوزية تامة، وذلك خوفاً من أي استفزاز ممكن أن يؤدي إلى نشوب صدام بين أهالي المنطقتين. ومن الطيونة وصولاً إلى كنيسة مار مخايل انتشرت آليات الجيش اللبناني بكثافة غير مسبوقة، وتوزعت في كل المفارق حتى مساء اليوم الثلاثاء. وعند الخامسة تقريباً، فُتحت بعض الطرق الفرعية وأزيلت الأسلاك الشائكة، تسهيلاً لحركة السير. أما عناصر الجيش فلم يتركوا آلياتهم وظلوا مستنفرين لحماية المنطقتين.