أسدل الستار السبت على فعاليات مهرجان كان السينمائي في دورته الـ75، بفوز المخرج السويدي روبن أوستلوند بجائزة السعفة الذهبية عن فيلمه "مثلث الحزن". وتعد الجائزة ثاني "سعفة ذهبية" للمخرج خلال مسيرته السينمائية. الجائزة الأولى كانت قبل خمس سنوات.وقال المخرج السويدي لدى تسلمه الجائزة "عندما بدأنا العمل على هذا الفيلم، كان لدينا هدف واحد يتمثل في محاولة صنع عمل يثير اهتمام الجمهور ويدفعه إلى التفكير مع منحى استفزازي". وكعادته، انتقد المخرج السويدي الطبقة البورجوازية التي تعيش في عالم آخر من الترف على طريقته. ووقف عند شكل من أشكاله على يخت، لكن في الوقت نفسه بالكثير من السخرية، وحال لسانه يقول رغم الثراء الذي يبلغه أشخاص، لا يمكن أن يخرجهم من لحظات صعبة في الحياة، يتساوى فيها الفقير مع الغني.وهذا العمل الذي يبدو أشبه بنسخة معاكسة لـ"تيتانيك" لا يكون فيها الأكثر ضعفا بالضرورة هم الخاسرون، يصور بشكل ساخر التباينات الاجتماعية، بين الأغنياء والفقراء وأيضا بين الرجال والنساء أو بين البيض والسود.وقال المخرج السويدي الذي تربى على يد والدته الشيوعية والذي يصنف نفسه على أنه "اشتراكي"، إنه لم يسقط في فخ "تصوير الأغنياء على أنهم أشرار"، مفضلاً "فهم سلوكياتهم". وبعد "بلاي" (2011) و"سنو ثيرابي" (2014) و"ذي سكوير" (2017)، يواصل روبن أوستلوند تشريح القواعد الاجتماعية مع مكامن الضعف والإشكاليات الأخلاقية.
قصة الفيلم
وقسّم المخرج عمله إلى ثلاثة أجزاء، الأول أظهر فيه منذ بداية الفيلم مجموعة من الشباب في اختبار لاختيار عارضي الأزياء بنوع من الفكاهة دائما، ثم الجزء الثاني انتقل فيه إلى يخت يوجد على متنه شابان من المجموعة المذكورة، تجمعهما علاقة غرامية لكن الحسابات المادية والغيرة حاضرة فيها بقوة، وكلاهما يعتبران من المؤثرين على مواقع التواصل، إضافة إلى أثرياء أمريكيين وروس. وتسود على اليخت أجواء من الترفيه البادخ. ولا يتردد هؤلاء الأغنياء الموجودون على متنه في استعراض ثرواتهم ومصادرها فيما بينهم وأمام العاملات والعمال البسطاء الذين يخدمونهم طيلة عطلتهم في عرض البحر.
لكن أجواء المرح على اليخت سرعان ما ستنقلب رأساً على عقب أثناء حفل عشاء على شرف قائد السفينة السكير، وهو الأميركي الذي يحب الأفكار الماركسية، حيث سيبدأ الجميع في التقيؤ بسبب اضطرابات بحرية أدت إلى اهتزازات خطيرة للسفينة. هذا الوضع سينتهي بغرق اليخت، وسينجو البعض من ركابه بعد أن حطوا أقدامهم في جزيرة. وفي هذه المرحلة من الفيلم يستخدم المخرج أيضا أسلوبه في تتفيه المال والغنى، ويقوم بإنزال شخصياته الثرية من برجها العاجي إلى مستوى يتحولون فيه إلى أناس يتصرفون بأوامر العاملة البسيطة التي كانت تستجيب لكل طلباتهم في اليخت.وقالت مجلة "فاراييتي" في مراجعتها للفيلم: "ما يميز أوستلوند هو أنه يجعلك تضحك، لكنه يجعلك تفكر أيضاً". وأضافت: "بغض النظر عن المجال الذي يتعامل معه، نحن ملزمون برؤية العالم بشكل مختلف".
جوائز أخرى
بالنسبة لجائزة أحسن سيناريو فاز بها المخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح عن فيلمه "صبي في الجنة"، الذي تسلل إلى جامعة الأزهر سينمائيا، ليكشف حضور الشرطة السياسية في دهاليز هذه المؤسسة الدينية الإسلامية العريقة، والتي ينظر لها كأحد أهم مراكز الإسلام السني في العالم.
كما نالت جائزة أفضل ممثلة الإيرانية زار أمير إبراهيمي، التي تعيش في المنفى بعد حملة تشهير بحياتها العاطفية، وقد اغرورقت عيناها بدموع الفرح لحظة تسلمها جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي يوم السبت. وفازت إبراهيمي، البالغة من العمر 41 عاماً، عن دورها في فيلم "العنكبوت المقدس"، حيث تؤدي دور صحافية تحاول حل سلسلة جرائم قتل لبائعات الهوى في مدينة مشهد المقدسة في إيران.
وقالت إبراهيمي للجمهور في حفل توزيع الجوائز "لقد مررت بالكثير حتى وصلت لأكون على هذا المسرح الليلة. لم تكن قصتي سهلة". وفيلم "العنكبوت المقدس" للمخرج الدنماركي الإيراني علي عباسي، مستوحى من قصة حقيقية لرجل من الطبقة العاملة قتل بائعات الهوى في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وأصبح يعرف باسم "العنكبوت القاتل". ولم يسمح لعباسي بتصوير الفيلم في إيران وتم تصويره في النهاية في الأردن.ـــــــــهكذا توزعت جوائز المهرجان الذي عاد في الذكرى 75 لتأسيسه إلى مساره التقليدي هذا العام بعد عامين من الاضطرابات جراء تفشي فيروس كورونا:
السعفة الذهبية: روبن أوستلوند عن "مثلث الحزن" (السويد - ألمانيا - فرنسا - بريطانيا)
الجائزة الكبرى: مشاركة بين لوكاس دونت عن فيلم "قريب" (بلجيكا-هولندا-فرنسا) وكلير دينيس عن فيلم "نجوم في الظهيرة" (فرنسا)
أفضل مخرج: بارك تشان ووك "قرار الرحيل" (كوريا الجنوبية)
أفضل ممثلة: زار أمير إبراهيمي عن فيلم "العنكبوت المقدس" (الدنمارك-ألمانيا-السويد-فرنسا).
أفضل ممثل: سونغ كانغ-هو عن فيلم "بروكر" (كوريا الجنوبية)
أفضل سيناريو: طارق صالح عن "صبي من الجنة" (السويد-فرنسا-فنلندا-الدنمارك)
جائزة لجنة التحكيم: مشاركة بين جيرزي سكوليموفسكي عن فيلم "إي أو" (بولندا) وشارلوت فانديرميرش وفيليكس فان غرونينغن عن فيلم "الجبال الثمانية" (إيطاليا - بلجيكا - فرنسا - بريطانيا).
الكاميرا الذهبية لأفضل فيلم أول: رايلي كيو وجينا غاميل عن "War Pony" (الولايات المتحدة)
أفضل فيلم قصير: جيانينغ تشين عن فيلم The Water Murmurs (الصين)