شهدت بادية حماة قصفاً بالبراميل المتفجرة نفذته الطائرات المروحية التابعة لنظام الأسد على مواقع تنظيم "داعش" الذي شن هجمات متفرقة مواقع وثكنات قوات النظام والمليشيات الموالية لها في المنطقة، كما استهدفت مجموعات التنظيم طرق المواصلات الرئيسية التي تربط مناطق البادية الممتدة على محافظات الرقة ودير الزور وحماة وحمص وحلب.قصف مخابئ
وطاول قصف الطائرات المروحية عدداً من المواقع والمخابئ التي يتحصن داخلها عناصر التنظيم في ريف ناحية عقيربات شرق منطقة السلمية بريف حماة الشرقي، وتسبب القصف بمقتل عدد من عناصر التنظيم وتدمير مجموعة من الكهوف التي عادة ما تستخدمها المجموعات المقتحمة للحماية والتمركز أثناء تنفيذها للهجمات المفاجئة على مواقع قوات النظام والمليشيات في مثلث أثريا عقيربات الرهجان.
وتغزو هذه المجموعات المنطقة بين الحين والآخر قادمة من نقاط تمركزها الأساسية وسط البادية، وبالتحديد من منطقة وادي أبو فياض الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظات الرقة ودير الزور وحماة. ويتمتع معقل التنظيم المفترض وسط البادية بموقع استراتيجي، إذ يشرف على عقدة طرق صحراوية تصل المحافظات الشرقية والوسطى، أهمها طريق الرصافة-حماة، وهو ما مكّن التنظيم من إرباك خصومه، وضرب الأرتال العسكرية وتوجيه ضربات موجعة من ناحية الخسائر والآليات التي يتم تدميرها، وعرقلة عمليات نقل الامدادات العسكرية والإطعام.عودة البراميل
ومن المفترض أن تبدأ قوات النظام والمليشيات حملة عسكرية جديدة ضد التنظيم منتصف أيار/مايو. وقد جهزت قوات النظام للحملة بالفعل بعد أن دفعت بتعزيزات عسكرية من لواء القدس الفلسطيني ولواء الباقر وفاطميون وغيرها من المليشيات، ومن المتوقع أن يتوسع قصف مروحيات البراميل التابعة للنظام بسبب انخفاض معدل الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الحربية الروسية والتي تقدم الدعم للقوات البرية.
استخدام النظام للطائرات المروحية في عمليات القصف مستخدماً البراميل المتفجرة البدائية التي يتم تصنيعها محلياً هو الأول من نوعه في العام 2022. وكان استخدام مروحيات البراميل سائداً بشكل أكبر قبل التدخل الروسي المباشر في العام 2015، وكان استخدامها في حلب والغوطة الشرقية أساساً، واشتركت أيضاَ في معارك شرق سكة الحجاز بين العامين 2017 و2018، وفي المعارك الأخيرة للسيطرة على جانبي الطريق إم5 في العام 2019 لكن كان استخدامها منخفضاً مقارنة بالفترة ما قبل العام 2015. ويبدو أن النظام سيعاود استخدامها خلال الفترة القادمة، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول انخفاض الدعم الروسي وبشكل خاص التغطية الجوية والذخائر المخصصة للطائرات الحربية.
ويرى القيادي في الفصائل المعارضة العقيد مصطفى بكور أن الجهد العسكري الروسي في دعم نظام الأسد قد انخفض مستواه كماً ونوعاً بعد بدء غزو أوكرانيا، حيث نقلت القوات الجوية الروسية الطيارين الروس الذين تدربوا في سوريا خلال السنوات الماضية لاستخدامهم في اوكرانيا وهذا يعني أن طيارين جدداً لم يحصلوا على التدريب الذي حصل عليه زملاؤهم، قد حلّوا محلهم.قتل عشوائي
وأضاف بكور ل"المدن"، أن "كمية الذخائر المخزنة في مستودعات الروس في سوريا انخفضت أيضاَ بعد توجيه القسم الأكبر منها باتجاه أوكرانيا وإغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات الروسية، وصعوبة شحن ذخائر وأسلحة بكميات كبيرة كما كان يحصل خلال السنوات القليلة الماضية". وقال: "كل ذلك يدفع بالتأكيد إلى عودة نظام الأسد لاستخدام الطرق القديمة التي استخدمها في بداية حربه على الشعب السوري ومنها البراميل واسطوانات الغاز والألغام البحرية التي تلقيها الطائرات المروحية، وغيرها من وسائل القتل العشوائي".
من جهته يرى المحلل العسكري العميد أحمد حمادة أن نظام الأسد سيضطر مجدداً للاعتماد على إمكاناته العسكرية بعد انخفاض الدعم الروسي. ولم يستبعد أن يعاود النظام استخدام المروحيات من الطرازات الروسية القديمة لإلقاء البراميل المتفجرة على المدن والبلدات الأهلة بالسكان ليعوض التغطية النارية التي كانت تقدمها أسراب الطائرات الروسية.
وأضاف حمادة ل"المدن"، " قد نشهد عودة للبراميل المتفجرة العمياء والألغام البحرية وهي تتساقط من مروحيات النظام في حال أطلق الأخير معركة على مناطق إدلب مستفيداً من الدعم الإيراني مثلاً والذي من المفترض أن يتزايد على حساب انحسار الدعم الروسي". وتابع: "الإيرانيون يفضلون هذا النوع المتوحش من الأسلحة العشوائية لقتل أكبر عدد ممكن من السوريين وإرهاب سكان البلدات أثناء عمليات الزحف العسكري".