أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من ستراسبورغ الاثنين، أنه في سبيل إنهاء الحرب التي يشنها الجيش الروسي في أوكرانيا، يجب بناء السلام من دون "إذلال" روسيا.لا إذلال
وقال خلال مؤتمر صحافي في البرلمان الأوروبي: "غداً سيكون لدينا سلام نبنيه، دعونا لا ننسى ذلك أبداً. سيتعين علينا القيام بذلك مع أوكرانيا وروسيا حول الطاولة... لكن ذلك لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضاً، ولا حتى بالإذلال".
قبل ذلك بقليل، قال ماكرون في كلمة له:"عندما يعود السلام إلى التراب الأوروبي، سيتعين علينا بناء توازنات أمنية جديدة" من دون "الاستسلام أبداً للإغراء أو الإذلال، ولا لروح الانتقام ... لأنها أمعنت في تدمير طرق السلام في الماضي"، في إشارة إلى معاهدة فرساي التي أبرمت بعد الحرب العالمية الأولى وشكلت "إذلالاً" لألمانيا.
وحتى ذلك الحين، يجب على الأوروبيين كما قال أن "يفعلوا كل شيء حتى تتمكن أوكرانيا من الصمود ولا تنتصر روسيا أبداً"، ولكن أيضاً "الحفاظ على السلام في بقية القارة الأوروبية وتجنب أي تصعيد" مع موسكو.
وقال الرئيس الفرنسي إن يوم الاثنين "أعطى وجهين مختلفين تماماً ليوم 9 أيار/مايو"، الأول يوم أوروبا في الاتحاد الأوروبي والثاني الاحتفال بالذكرى السنوية لانتصار العام 1945 على ألمانيا النازية في روسيا.
وأضاف أنه في موسكو "كانت هناك رغبة في عرض القوة والترهيب وخطاب حربي حازم" ألقاه الرئيس فلاديمير بوتين. ولكن في ستراسبورغ "كانت هناك جمعية للمواطنين والبرلمانيين الوطنيين والأوروبيين" من أجل "التفكير في مستقبل" القارة.منظمة سياسية أوروبية
ودعا الرئيس الفرنسي إلى إنشاء "منظمة سياسية أوروبية" لضمّ أوكرانيا خصوصاً، بالتوازي مع آلية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي التي قد تستغرق "عقوداً".
وقال ماكرون أمام البرلمان الأوروبي إنه "مؤيد" "لمراجعة معاهدات" الاتحاد الأوروبي، وهو اقتراح قدّمه البرلمان الأوروبي من أجل اكتساب فعالية مؤسساتية في أوقات السلم كما في أوقات الأزمات. وأقرّ بوجود "نقاط خلافية" بين الدول الأعضاء حول الموضوع متمنيًا أن تناقش الدول الأعضاء هذه المسألة خلال قمة تعقد في حزيران/يونيو.
وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن المفوضية ستبدي "رأيها" الشهر المقبل بشأن ترشيح أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي مداخلته بمناسبة يوم أوروبا، أشار ماكرون إلى أن أوكرانيا التي تتعرض لهجوم روسي، هي أصلاً "عضو في قلب اتحادنا". لكنه أوضح أن آلية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي التي قدّمتها كييف، "ستستغرق سنوات عدة، وفي الحقيقة عقوداً" مقترحًا بالتوازي، إنشاء "منظمة أوروبية جديدة". وقال ماكرون: "هذه المنظمة الأوروبية الجديدة ستسمح للأمم الأوروبية الديموقراطية التي تؤمن بقيمنا الأساسية، بإيجاد مساحة جديدة للتعاون السياسي وللأمن".
ورحّب المستشار الألماني أولاف شولتس الاثنين باقتراح ماكرون إنشاء منظمة أوروبية أوسع تضم دولاً من خارج الاتحاد الأوروبي يمكن أن تشمل أوكرانيا وبريطانيا.وقال شولتس للصحافيين: "أريد أن أقول صراحة إن هذا اقتراح مثير للاهتمام بشدة"، مضيفا أنه "سعيد للغاية بالاقتراح الذي نناقشه معاً".زيارة شارل ميشال
وفي السياق، وجّه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الاثنين، رسالة دعم ثابت للاوكرانيين خلال زيارة مفاجئة لمدينة أوديسا الرئيسية في جنوب أوكرانيا حيث اضطر للاحتماء بسبب ضربات صاروخية على المنطقة.
وقال في رسالة مصورة نُشرت على تويتر بعد ساعات على العرض العسكري في موسكو: "يريد الكرملين قمع روح الحرية والديموقراطية لديكم. أنا مقتنع تمامًا أنه لن ينجح أبدًا في تحقيق ذلك". وأضاف متوجها الى الأوكرانيين "لستم وحدكم. نحن الى جانبكم ولن نخذلكم".
وتابع: "سنكون معكم طالما لزم الأمر"، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي "سيساعد في بناء دولة حديثة وديموقراطية تتطلع إلى المستقبل". وأوضح شارل ميشال أنه جاء إلى أوديسا للاحتفال بيوم أوروبا "في ثقافة وتاريخ أوروبي في الوقت (...) الذي اندلعت الحرب مرة أخرى" في هذه القارة.
في مقطع مصور آخر نشره مكتبه، شوهد شارل ميشال مرتديًا سترة واقية من الرصاص وهو يزور ميناء أوديسا ويتفقد المباني المدمرة برفقة رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميغال وحاكم منطقة أوديسا ماكسيم مارشينكو وعناصر أمن مسلحين. ولم يعلن مكتب رئيس المجلس الأوروبي عن زيارة ميشال لمدينة أوديسا الساحلية.
في وقت سابق الاثنين، اضطر رئيس المجلس الأوروبي للاحتماء بسبب الهجمات الصاروخية، حسبما أفاد مسؤول في الاتحاد الأوروبي. وأكد المصدر أنه خلال لقاء بين ميشال ورئيس الوزراء الأوكراني "اضطر المشاركون إلى قطع الاجتماع للاحتماء لأن صواريخ ضربت منطقة أوديسا مرة أخرى".
وشكر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الذي عقد اجتماعا عبر الفيديو مع ميشال، رئيس المجلس الأوروبي على "شجاعته" وزيارته لأوديسا بحسب بيان صادر عن الرئاسة. وقال زيلينسكي: "أود أن أشكرك على دعمك السياسي وعلى حضورك. لأنك ترى أوكرانيا في المستقبل القريب على قدم المساواة مع أعضاء آخرين في الأسرة الأوروبية".
ونقل المسؤول الأوروبي عن ميشال إشارته خلال الزيارة المفاجئة إلى "تأثير الحرب الروسية على سلاسل الإمداد العالمية" لا سيما في ما يتعلق بالحبوب، التي "علقت أطنان منها في الميناء بسبب حصار روسيا للبحر الأسود".
وأضاف أنّ الحصار "لا يضر بالاقتصاد الأوكراني فحسب، بل يعيق أيضًا وصول العالم إلى المواد الغذائية الحيوية ويعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر".