2024- 05 - 04   |   بحث في الموقع  
logo إتصال بين ميقاتي وبري.. ماذا دار فيه؟ logo جريح بحادث سير في الضنية logo العثور على جثة مراهق داخل بركة زراعية logo هدنة غزة... إسرائيل لن ترسل وفدًا إلى القاهرة إلا بِشرط واحد logo بشأن النازحين السوريين... تمنٍّ من ميقاتي إلى بري! logo جعجع مفقود.. هل تعرفون عنه شيئا؟ logo جعجع مفقود... هل من يَعرف عنه شيئًا؟ logo لإطلاقه النار من سلاح حربي... توقيف مواطن في المتين المزاريع
#كسر_عضم .. دراما الادعاء والافتعال
2022-05-06 13:26:05

تقدّم المخرجة السورية رشا شربتجي في مسلسل "كسر عضم"، دراما تقليدية ذات منحى شعبي باستخدام نماذج وشعارات بحجوم متورمة "كفساد السلطة"، فتتبنى مجدداً صراعاً بين مجموعة شريرة متسلّطة وجماعة من الأخيار ذات تطلع نبيل..
تستهوي هذه الدراما مُشاهِداً يخلط ما يراه على الشاشة، مع الواقع، ويجد نفسه مضطراً ليبرر كل المغالطات التي يقدمها المسلسل، باعتبار أن هذه الدراما تحكي عنه، وتعبّر عما يواجهه من مشكلات. فقد أبقت المخرجة، جمهور المسلسل، متوتراً وهو يتابع الكوارث الكبرى التي يفتعلها بطل المسلسل: حكم الصياد. لكن المشاهد يتوقع أنه على موعد مع مفاجأة سعيدة ستقدّم له في الحلقة الأخيرة وهو يتناول معمول العيد، وأتت الحلقة الأخيرة بمنزلة "بونوس" للمشاهد عوقب فيها الفاسد وتاجر الأعضاء والعملة وقامع المرأة والمُتاجر بالشرف، في حفلة عرس صغيرة وعرض زواج من دون مبررات مسبقة، قدمه الضابط الشريف للسيدة الصلبة التي تصدت للصياد وحطمت عظامه.يتبرأ المسلسل في بداية كل حلقة، بجملة اعتذارية طويلة، من أي تشابه بين أحداث المسلسل والواقع، ويصرّ على أن ما يقدمه حالة تخيّلية صرفة، رغم أنه قدم أسماء وأماكن ورتباً عسكرية وعملة ورقية وصوراً لشخصيات معروفة، بالإضافة إلى قرائن أخرى من البيئة السورية، وكأنه يؤكد أن ما يقدّمه من أحداث، يصور حالة اجتماعية وسياسية راهنة. يصوّر المسلسل مجتمعاً يعيش حالة متقدّمة من التفكك، حيث يتكاثر الفساد والجريمة المنظّمة والاتجار بالبشر والأعضاء والعملة، ويعرض بعض العلاقات الاجتماعية التي تدور بين مجرمي هذا المجتمع وشخصياته المتنوعة، كما يتصورها وفق دوائر درامية مغلقة ومتقاطعة على درجات من التفاوت... ويضع في الخلفية مسؤولاً يقول السيناريو بأنه كبير جداً، ويتحرّك بحرية ناثراً جواً من الإرهاب والفساد حيثما حل. ثم يقدّم، بشكل موازٍ، مجتمعاً أصغر تتخلله بعض العلاقات الصحيحة، إذ ينمو الحب في الظل ومن دون دوافع مادية. ولا ينسى المسلسل بالطبع أن يقدّم بطلاً ذا شعبية يحمل رتبة عسكرية متوسطة يأخذ دور "الشاطر حسن"، لكن رشا شربتجي تطلق عليه في مسلسلها اسم "الرائد مروان".إجرامحكم الصياد، رجل حكومي كبير، لا يظهر إلا وسط مجموعة صغيرة من المجرمين الذين يتحرّكون وفق مصالحه الخاصة، بفتح الحدود، وتأمين العمولات وإنجاح الصفقات ثم حصد الأموال. وبين الصفقة والأخرى، لا بدّ للصياد أن يستمتع بهتك أعراض الفتيات أو السيدات المستورات. لا يفصح سيناريو المسلسل عن مصدر سلطة هذا الشخص أو المنصب الذي يحتله، فلم يظهر في أي من مَشاهده وهو يمارس عمله الحكومي المفترض. المواجهة الأساسية التي يتبناها المسلسل، وكسر العظام المفترض، هي بين حكم الصياد، والسيدة عبلة، زوجة ضابط كبير نزيه قًتل على أحد حواجز التهريب. تشكّل عبلة حلفاً مع ضابط متوسّط الرتبة يدعى مروان، ينخرط حتّى أذنيه في عملية بحث وتدقيق وعمليات مداهمة لا حصر لها حتى ينجح في الحلقة الأخيرة في الإيقاع بأخطبوط الفساد هذا والإجهاز عليه.الشقة المجاورةضمن هذا الصراع الأساسي، يقدم المسلسل طبقة شبه منفصلة عن هذا الوسط، هي مجموعة صغيرة من ثلاثة طلاب يتشاركون مسكناً واحداً، وسيدة مبتسمة طوال الوقت وأختها يسكنان في الشقة المجاورة... لا يكف هذا المجتمع الصغير عن الضحك، السمج أحياناً، ويستطيع أعضاؤه اختلاق النكتة من أحلك المواقف. ينخرط هذا المجتمع اليانع في الأحداث الكبرى للمسلسل بفضل مثابرة الضابط الهُمام مروان، وبفضل نقاء سريرة شمس، التي تمثّل إشراقة المسلسل. وحتى يكسر السيناريو جو المسلسل المعبأ بالميلودراما، يبتكر شخصية مجرم من الدرجة الثانية يقوم بقتل سيدة وهي تدافع عن ابنتها، ويقدّم قصتها كفواصل تنشيط كوميدي بين مشاهد إهراق الدم، الذي لم يتوقف في أي حلقة من الحلقات، حتى كادت مجرد الملاسنة بين أي شخصيتين تسكب الدماء بغزارة على الرصيف حيث تركّز الكاميرا على لونه القاني وتغوص في أنسجة القماش الملوث بالصباغ الأحمر.لا يقدّم المسلسل قصة واضحة المعالم، فما نراه من مَشاهد يمكن أن تجمعها الرغبة في عرض أجواء عنيفة، تعكس قسوة رجل السلطة الفاسد، وقسوة المجتمع الذي يتخيله السيناريو، فيورط نفسه بعدد كبير من الجثث، وتظهر الشخصيات في المسلسل مكتملة ومن دون أن تؤثر الأحداث في تطويرها أو تنميتها. فالفاسد فاسد بهدف الفساد، والطيب طيب بطبيعته الجينية، وزحمة الأحداث في المسلسل مكرّسة لإظهار هذه الجوانب فقط والتأكيد عليها وترسيخها حتى اللحظة الأخيرة. و"بقَدَرية" محتومة، تصمم المخرجة نهاية لكل شخصيات هذا المسلسل. فالشرير لقي جزاءه العادل، كما تقرر كل الكتب المقدسة: الحرق والمرض العضال للأشرار، أما الأخيار فلهم طيب العيش بالزواج السعيد.مبالغةكان الادعاء والافتعال والمبالغة عناوين بارزة في مسلسل "كسر عضم"، فقد زعم بأنه يحارب الفساد، أو يشير إليه على الأقل. لكنه قدم رجل سلطة فاسداً من دون أن يشير إلى موقعه، وعرض هذا الفاسد على أنه ظاهرة شاذة ومنفصلة تم عزلها واستئصالها عن بقية أفراد النظام نفسه الذي لا تنقصه النزاهة ولا الشرف. والافتعال بدا في إقحام مشاهد العنف والمواجهات الحربية من دون أن تبرر الدراما ذلك كله. فقد تم ذبح فتاة، وقُدّم المشهد بالطريقة الداعشية من غير أن يكون الفاعل مؤهلاً لذلك، ومن دون أن تكون الضحية مرشحة للجريمة. وكان الافتعال أوضح في مشاهد الميلودراما الكثيرة التي توزعت فوق جثث رايان وأمثاله من الشخصيات الطيبة التي جرت التضحية بها لابتزاز المزيد من مشاعر الجمهور. أما طريقة تقديم الشخصيات الرئيسية، فقد شكلت كارثة أخرى، إذ اختار فايز قزق أن يثبّت عنقه على وضعية واحدة أعطته شكلاً كاريكاتورياً، وقد خلت تعابيره المتجهمة من الكاريزما الضرورية لتخليق صورة الشرير، وحلّت محلها صورة أقرب إلى الكوميديا، بشخص نحيل يكره ربطات العنق. وبدورها، شخصية عبلة، التي أدتها كاريس بشار، كانت بعيدة من مظهر السيدة القوية القادرة على التحكم باللعبة وإدارتها، فقد خلا وجهها من التعابير وثبتت نظراتها على التطلع الساذج الذي يحاكي وجوه طالبات الإعدادية اللواتي ينتظرن مكافأة المدرسة. وكانت عضلات وجهها لا تتحرك على الإطلاق، مهما كان المشهد انفعالياً، ولم تنفعها السبحة السوداء الصغيرة في إضفاء أي بُعد جديد على الشخصية. ففشلت الشخصيتان الرئيسيتان في تقديم المنحنى الدرامي المطلوب، الأمر الذي جر عدم تصديق الحدث الزلزالي الذي يتبناه المسلسل وهو فضح الفساد وآلية العمل به.لا نستطيع وضع المسلسل في دراما السياسة أو الدراما الإصلاحية، وكل جهده مصبوب لإبقاء المشاهد في حالة دهشة وترقّب في انتظار الجريمة التالية. وكان الفساد خلفية باهتة غير واضحة، ومعبراً شعبياً يبرر العنف الذي قدمه المسلسل وميلودراما ضرورية لإبقاء المشاعر متأججة وتمرير حلقة أخيرة، تضفي السعادة. وقد أحس المُشاهد بأنه انتقم لنفسه وهو يرى تفاصيل عرس شابين جميلين.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top