للسنة الثانية على التوالي، يتم تأجيل عرض الجزء الثاني من مسلسل "مقابلة مع السيد أدم"، رغم الحملة الإعلامية الواسعة التي انتشرت عنه قبل أيام من بدء الموسم الرمضاني، حيث تم نشر مواعيد عرض المسلسل ضمن جداول مسلسلات رمضان على الصفحات المتخصصة بالدراما السورية في مواقع التواصل الاجتماعي.
كان من المفترض عرض المسلسل على عدة قنوات تلفزيونية في رمضان، بينها "الفضائية السورية" وقناة "لنا" وقناة "أبو ظبي دراما"... لكن بعد كل التهليل أعلن مخرج ومؤلف العمل فادي سليم، عن تأجيل عرض المسلسل في اليوم الأول من رمضان، من دون تحديد موعد عرضه، ولأسباب خاصة رفض الكشف عنها.
العام الماضي حدث أمر مشابه، إذ تم الإعلان عن تأجيل المسلسل حينذاك إلى ما بعد الموسم الرمضاني السابق، لأسباب تتعلق بعدم توافر عروض مناسبة للبيع، بحسب تصريحات محمد الأحمد، الذي يلعب أحد أدوار البطولة في المسلسل. وقد يكون سبب تأجيل عرضه هذه السنة هو لأسباب مماثلة، علماً أن صنّاعه لم يطرحوا برومو رسمي للجزء الثاني رغم كل الإعلانات والصور التي انتشرت له.
وقد يكون السبب في تأخير عرض الجزء الثاني من "مقابلة مع السيد آدم" لهذه الفترة الطويلة يتعلق بردود الفعل السلبية التي طالته عند عرض إحدى حلقات الجزء الأول منه، التي استُخدمت فيها إحدى صور ضحايا التعذيب التي وثقها "قيصر"، وهي صور كان لها الدور الأكبر بفرض عقوبات على نظام الأسد باسم "قانون قيصر".
الصورة كانت للناشطة رحاب علاوي، التي تم اعتقالها عام 2013، وقتلت تحت التعذيب في فرع 215 التابع للأمن العسكري في دمشق، وبقي مصيرها مجهولاً بالنسبة لعائلتها لسنوات، إلى أن تعرفوا على جثتها من خلال الصور التي سرّبها "قيصر"، ووثقت موت 55 ألف معتقل في سجون النظام السوري تحت التعذيب.
حينذاك تم استخدام صورة رحاب علاوي في لقطة مجانية من المسلسل، كان يمكن الاستغناء عنها بكل بساطة، ونسبت لشابة مصرية تم اختطافها وتعذيبها وسرقة أعضائها من قبل مجرم كانت تربطها به علاقة عاطفية، وظهرت صورتها بالمسلسل مع عصبة على رأسها كتب عليها رقمها التسلسلي، وهي أرقام يستخدمها النظام السوري لترتيب جثث المعتقلين.
حينذاك تجاهل صنّاع العمل الانتقادات اللاذعة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يبرروا أو يعتذروا عن هذا الانتهاك الإنساني الصارخ، الذي لم يكن له أي هدف درامي أو سياسي، لأن المسلسل فعلياً كان أبعد ما يكون عن السياسة، حيث تتمحور قصته حول الطبيب الشرعي "آدم"، الذي يؤدي دوره الفنان غسان مسعود، ويتحول إلى قاتل متسلسل حين يسعى للانتقام من المشتركين في خطف ابنته وقتلها واحداً تلو الأخر، وينفذ جرائمه بطريقة غامضة تجعل الأجهزة الأمنية تفشل في تحديد هويته أو دوافع جرائمه، رغم تركه لشرائط فيديو توثق تلك الجرائم؛ وانتهي الجزء الأول من المسلسل دون خاتمة فعلية، مع كلمة "يتبع"، ولاتزال خطوط الجريمة الأصلية وما يتبعها لم تحل بعد.
ومن تداعيات البلبلة التي حدثت حين عُرض الجزء الأول، أن العديد من الممثلين الرئيسيين اعتذروا عن عدم المشاركة في الجزء الثاني من العمل دون توضيح الأسباب؛ أبرزهم: لجين إسماعيل، الذي كان يلعب شخصية "يوسف"، ليحل محله الممثل يزن خليل، والفنانة ضحى الدبس التي لعبت دور "ريما"، وحلت محلها الفنانة فاديا خطاب، والممثلة يارا قاسم التي لعبت دور "سماح" واستبدلت بالممثلة ترف تقي الدين.
إلا أن الأمر الذي لا يمكن إنكاره أن المسلسل كان يملك حبكة درامية جيدة، رغم عدم اكتمالها، وأنه نجح بحصد شعبية كبيرة لدى الجمهور السوري في الداخل. لذلك ضجّت مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بالانتقادات عندما تم الإعلان عن تأجيل الجزء الثاني، وتوجه العديد من المتابعين لنجم العمل الفنان غسان مسعود، لسؤاله عن مصير العمل. لكن مسعود التزم الصمت ولم يقدم أي تعليق.
فعلياً، لقد كان اسم غسان مسعود هو أحد الأسماء الأكثر تداولاً في الأيام الأولى من شهر رمضان، رغم المساحة المحدودة لحضوره، والسبب الآخر يتعلق بشارة مسلسل "مع وقف التنفيذ" الذي يلعب غسان مسعود دور البطولة فيه، ولكن اسمه لم يتصدر شارة العمل ولم يكن من الأسماء الأولى، بل جاء ضمن قائمة الأسماء الأخيرة قبل انتهاء الشارة.
لذلك استنكر جمهوره الأمر، فلم يتقبل البعض منهم عدم كتابة اسمه مع قائمة أسماء الأبطال المشاركين بالعمل، رغم مساحة الدور الكبير الذي يلعبه بالمسلسل، واعتبروا ذلك إهانة كبيرة بحق تاريخه الفني وهم من يرونه "فناناً عالمياً"، بسبب مشاركته بمشاهد محدودة وأدوار ثانوية جداً في الفيلمين الأميركيين "قراصنة الكاريبي" و"مملكة السماء"!