2024- 05 - 07   |   بحث في الموقع  
logo لبنان يرحّب بموقف حماس.. والمستوطنون ينتقدون تسوية مع "الحزب" logo إذا فشلت مفاوضات غزة.. فالخوف الأعظم على لبنان logo توتر كبير على الجبهة الجنوبية.. إليكم التطورات logo اتفاق الهدنة:رحلة معقدة من 3 مراحل..معرضة للانتهاكات logo ميقاتي: موافقة حماس على وقف اطلاق النار خطوة متقدمة نحو وقف العدوان.. logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأثنين logo للضغط على حماس... مجلس الحرب الاسرائيلي يقرر بالإجماع استمرار العملية في رفح logo "خطوة متقدمة"... ميقاتي يُعلق على موافقة "حماس" وقف اطلاق النار بِغزة
نوستالجيا زيمور: عشق العودة..إلى المُحال
2022-04-03 07:26:06

نوستالجيا، ككلمة، تتألف من نوستوس، يعني عودة، وألغوس، يعني ألم، بالتالي، هي تفيد بألم يتعلق بعودة ما، وهو، ولكي يحضر، لا بد أن تكون هذه العودة محالة. قد يصح الوصف الذي يطلق على خطبة إريك زيمور بما هي خطبة نوستالجية من هذا الباب، أي من باب أنها خطبة العودة، التي تودي إلى ألم، أو التي يرافقها الألم، لكـن تحقيقها بعيد المنال للغاية. ولكن، وعلى الرغم من واقع العودة تلك، يواظب زيمور على تقديم نفسه على أنه هو الذي سيتيح للفرنسيين ان يعودوا، وبالتالي، أن يخلصهم مما يصوره ألمهم. بالطبع، هذه العودة هي عودة إلى ماضٍ بوطن كبير، حيث لا مكان فيه سوى لحضارة عظيمة، قوية، مكتفية بذاتها، بلون وشكل وهيئة وهوية واحدة.
ومن أجل جعل هذه العودة يسيرة، الوسيلة واضحة وبسيطة: طرد وعزل ونفي كل ما لا يمت لها بصلة. فالألم، الذي ينم عن كون العودة محالة، هو، بالنسبة إلى زيمور، من صنيعة كل هؤلاء الذين يمنعون الفرنسيين عنها. لذلك، الإنتهاء من الألم، وإحداث العودة، يستلزم التخلص منهم. القائمة التي تتضمنهم طويلة: تحتوي المسلمين، الذين، وفي عيون زيمور، هم كناية عن اسلاميين، مثلما تحتوي المثليين، بما هم علامة على سقوط الذكر الفرنسي، ذاك، الذي كان يعيش في زمن لويس الرابع عشر او نابليون، ومعهم، هناك النساء، بحيث أنهن سبب إنهيار الحضارة التي كانت هنا وما عادت من جراء حصولهن على حقوقهن فيها، وانكفاءهن عن اداء واجبهن الاساس اي الحمل بفرنسيين عظماء وجلبهم إلى الحياة. وثمة الأجانب، الذين "أتوا" بهم-اي المتآمرون المجهولون- من أجل وضعهم مكان الفرنسيين الفعليين، فالاستبدال الكبير هو أمر واقع، ولا يمكن لأحد دحضه. كما لا مناص من زيادة الذين يجري تصويرهم كـ"معاقين" جسديا وعقلياً، أي من ليس له جسد وعقل كاملين بقوتهما، وبالتوازي معهم، هناك الذين يعيشون في الضواحي ومبانيها المضغوطة لأنهم زعران وأوباش. كل هؤلاء يمنعون العودة إلى وطن الطهارة والقوة، ولذلك، من الضروري التخلّص منهم لكي تتكون الهوية الفرنسية من جديد. التخلّص منهم يساوي نقل الألم، الذي يشكلون مصدره، إليهم، أي رده عليهم، من أجل أن يلاقوا، وبفعله، زوالهم.
إلا أن العودة، التي يرنو إليها أصحاب وجهة النظر الزيمورية، لن تتحقق، وهذا، حتى لو قضوا على كل الذين تحتويهم القائمة اياها. فما يتحقق هو فعليا تكبير هذه القائمة، توسيعها لكي تطال الجميع تقريبا بما هم يستحقون "التأليم"، وفي نتيجة ذلك، يحصل فعل مختلف عن العودة، وهو الرجوع، بما هو تقهقر وتدهور وتردي. فالعودة المحالة تنتج هذا الرجوع، الذي يبين أن كل ذلك الماضي المنشود بوطنه وهويته وجبروته هو كناية عن وهم. ولكن، الرجوع إلى وهم لاكتشاف أنه كذلك هو شيء صعب جداً، ولهذا، يجري تلافي هذا الاكتشاف بالمزيد من الرجوع، بالمزيد من التطرف في الوهم، بالانطلاق من كون الرجوع اكثر يعني ضمان العودة، ولكنه، فعلياً، لا يعني سوى الإطاحة بها.
فالتيار الزيموري، وككل مغالاة نوستالجية، لا يفقه أي شيء عن العودة، إذ إنها، في الأساس، ليست رجوعاً، بما هي نفي لكونها محالة. فالعودة هي بمثابة دعوة دائمة إلى اثبات محالها ذاك، وبالتالي، الانفتاح على المقبل، وليس الانغلاق في وهمٍ، كل قيمته يستمدها من دعاية أنه انصرم ويمكن استحضاره من جديد. باسم العودة، يعمد التيار الزيموري إلى تشويهها، يجعلها قرينة الألم، يحولها إلى مصنع لقائمة طويلة من الأعداء المرذولين والمستهدفين، مثلما يجعلها سبيلاً إلى وهم جسيم في خطورته لأنه، وبعبارة واحدة، يقوم بنبذها، أي بنبذ أنها، وباستمرار، تودي إلى كونها لا تتحقق البتة. إنه يحولها إلى رجوع، يعني أنه يقضي عليها.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top