2024- 05 - 07   |   بحث في الموقع  
logo بالجرم المشهود.. توقيف مروّج مخدرات logo تراجع ملحوظ بأسعار المحروقات logo "إعادة تدوير"... الحجار: الهبة الأوروبية ليست بالأمر الجديد logo عصابة "تيك توك" السوداء: كرة الثلج تتدحرج … ومعلومات تُثير الريبة عن "الجندي المجهول!! logo درجات الحرارة إلى ارتفاع.. إليكم تفاصيل الطقس logo بالأرقام... حصيلة خسائر الجيش الإسرائيلي بنيران حزب الله خلال شهر logo طقسٌ "مستقر" يسيطر على لبنان! logo في ذكرى 7 أيار... الحريري: ستبقى بيروت عصية على كل ظالم
لعنة المغتربين
2022-02-08 18:26:06

لم يعد خافياً التأثير الوازن المرتقب لاقتراع المغتربين اللبنانيين في الانتخابات النيابية المقبلة. وصارت مكشوفة ألاعيب العُصبة الحاكمة لنسف هذا التأثير أو الاستفادة منه، كل بحسب تقديراته لطائفته وخريطة توزع "ناسه". أول المرتعبين، جبران باسيل. أما آخر الألاعيب، فتمنُّع وزارة الخارجية عن تسليم جداول أقلام الاقتراع لوزارة الداخلية.
أكثر من 220 ألف مغترب مسجّل للاقتراع، غالبيتهم تريد "التغيير"، تقول مجسّات الاستطلاع. وأحدث المعطيات تفيد بأنهم، بنسبة الثلثين، ميالون للمعارضة، فيما لا يُتوقّع أن تحصل أحزاب السلطة إلا على الثلث المتبقي في أفضل الأحوال.وكما في كل ما يتصل بلبنان، لا شيء في الحقيقة متطابق مع ما يبدو عليه. السياسة والرأي والانحيازات، مثل الأفكار والمشاعر. معنى الاغتراب ربطاً بمسمّى الوطن، ومعنى الرحيل بموازاة البتر والاقتلاع. مفاهيم مستغلقة، مستعصية، معقّدة. "التغيير". كلمة حلوة. وجوه وأسماء جديدة في المجلس النيابي. طبعاً. لكن، في بلد يعاني تعطّلاً عميماً، وسلاحاً ذا سطوة، وفساداً عميقاً صار مضرب مثل عالمياً حتى من ضمن الزبائنية المعروفة، فيما الشلل يتمدد من المياه والكهرباء إلى القضاء والأمن والحكومة، ووجه الموت واحد كالحيّ القيّوم، مهما تعددت أسبابه... بماذا تنفع الدماء الجديدة في السلطة التشريعية؟ توازنات جديدة للقوى التقليدية؟ قوى ثالثة ورابعة؟ خرق مُستقلين ربما يستحدث نموذجاً مغايراً للأداء التمثيلي والتشريعي والحقوقي؟ سنرى اقتراحات قوانين نظيفة، مواضيعها تثلج صدور ما تبقى من لبنانيين كادوا ييأسون من تحولهم مواطنين؟ فتح كوة صغيرة في جدار السلطة يدخل منها بعض الشارع إلى إحدى مؤسسات الحكم والمساءلة والمحاسبة؟ جميل، جداً.لكن اقتراع المغترب اللبناني يبرز كترميز وتكثيف لأكثر من ذلك. حالة لا تخلو من خصوصية، سواء قورنت باقتراع أميركيين وأوروبيين في سفارات بلدانهم، أو باللبنانيين الماكثين في لبنان. فكرة واحدة، حدث مستدام بدلاً من النمو، يتفرع ويتشعب إلى ثأر، أمل، غضب، خسارة. حدث الانهيار الذي لم يعد طارئاً ولا مؤقتاً ولا منظوراً، بل هكذا ممتداً، وهو الحكاية الرازحة.الانهيار اللبناني يجعل للاغتراب – قديماً كان أم جديداً – شكل "الزومبي" ومضمونه. أولئك الأموات الأحياء نجوم أفلام الرعب. لا فناء كاملاً، ولا حياة إلا بذيول ماضٍ صمغيّ. فالاغتراب، الهجرة، وحتى اللجوء الإنساني/السياسي، في القاموس اللبناني الحالي، تبقى دالّات منقوصة المدلولات. فلا قطع نهائياً ممكناً مع لبنان. والمقصود هنا أبعد وأكثر حيوية ومباشرة بكثير من ترف الذاكرة والروابط العاطفية والحالة النفسية والشعورية، وحتى الوطنية، مهما كانت صادقة.لا قطع ناجزاً، بالمعنى العملي، الحياتي، المؤذي في الغالب. من النادر أن تجد مغترباً(ة) لا يساعد أقرباء وعائلة في لبنان، كمعيل كامل، أو كداعمٍ بتحويلات مالية متواترة وأدوية وعينيات. وقلّة من المغتربين لم تخسر شيئاً في لبنان: وديعة مصرفية، عقار، استثمار، ممتلكات، بيت، عمل، تعويض نهاية خدمة، وطبعاً أحبّة قتلوا أو أصيبوا أو هُجّروا، خصوصاً إثر انفجار مرفأ بيروت. الأزمات الكبرى أقوى من القطيعة، سواء كانت إرادية واعية، أو قسرية بحُكم تعريف الهجرة نفسه. الأزمة اللبنانية التي يندر إيجاد أشباهها في العوالم الأولى والثانية والنامية، تحتّم علاقة مَرَضية بالوطن الأم. أشبه ببيت الطاعة الذي لا فكاك منه ولا طلاق. الفراق الحبّي، بما يُبقي من رغبة في المشاركة، أمل في العودة، أو حرية حسم مآلات هذا الزواج المنعقد قرانه بقوى إلهية/قَدَرية لا يكسرها إنسان أو رحيل.. هذا الفراق متعذّر، وغالباً مستحيل، للبناني المغادر طوعاً أو اضطراراً. ربما يخرج من عباءة الطائفة والحزب، بما لا يقوى عليه الماكثون. حياته، المهنية والعائلية والمالية، تخرج من السيستم الموبوء، على عكس أهل وأصدقاء تركهم خلفه. علاقاته وشبكة مصالحه تدخل حقلاً مختلف الديناميات وبعيد وبائن. سِمات يفترض أن تدعم استقلاليته. لكن لبنان، كثقب أسود فريد، لا يعمل على هذا النحو، حتى خارجه، بل إن لا خارجَ له.مهاجرو العالم يفقدون أحياناً الحماسة للمشاركة في انتخابات بلدانهم. وفي أحيان أخرى، يدفعهم إليها تسييسهم، أو ما تبقى من أواصر عملية، كالضرائب التي لا يستيطعون تفاديها، أو التقديمات العامة التي لا يريدون فقدانها في شيخوختهم. حتى البلدان المُصدّرة للاجئين، الشرعيين وغير الشرعيين، ترخي قبضتها في نهايةٍ ما عن مصائر مغادريها اليائسين.أما المهاجرو اللبنانيون، فمعظمهم ما زالت رقبته في يد العصابة، بشكل أو بآخر. والعصابة تقول إنها ستجري انتخابات، فكيف لا يشاركون، وبكل ما أوتوا من عِقاب؟ رغم قلة ثقتهم في كل شيء يصدر عن الدولة-الزمرة، حتى المنصة الالكترونية لتسجيل بياناتهم كمقترعين، وسرّبت بسحر ساحر مجهول... رغم احتمالات الجدوى المحدودة، والتزوير والرشاوى، وشد كل الأعصاب الممكنة والتلاعب بالأصوات... يتحمسون، هذه المرة، بثلاثة أضعافهم عن الانتخابات الماضية، لقول الكلمة الوحيدة التي يستطيعونها: اللعنة.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top