2024- 05 - 05   |   بحث في الموقع  
logo في تحديد جنس الاقتصاد السوري logo معلومات جديدة عن جريمة فندق الروشة.. هل تمّ اغتصاب الضحية؟ logo منخفض جوي بدءاً من بعد ظهر اليوم… هل يعود مشهد السيول؟ logo بأقل من 3 اشهر... فازت بـ"اليانصيب" مرّتين! logo "مختبئاً خلف مسؤول دبلوماسي"... نتنياهو يسعى لإفشال المفاوضات! logo حربُ الانتقادات بين إسبانيا والأرجنتين مستمرة! logo قصفٌ ليلي مركز في الجنوب! logo دار الفتوى: النزوح السوري قضية إنسانية تعالجها الحكومة والشغور الرئاسي أمر مضر
انتفاضة 6 شباط 1984: مساجد وحسينيات وعمليات انتحارية
2022-02-08 12:26:04


في مناسبة مرور 38 سنة على ما سمي انتفاضة 6 شباط 1984، تستعيد الحلقة الثانية من هذا التحقيق (نشرت "المدن" الأحد 6 شباط الحالي حلقته الأولى) مظاهر تطييف الشيعة اللبنانيين، أو تكوُّنهم المستجد كطائفة في خضم الحروب الأهلية في لبنان: نشوء المنظمتين الأهليتين العسكريتين الشيعيتين، حركة أمل وحزب الله الذي ولد من رحمها وصار حزب "المقاومة"، التي استمرت حتى اليوم وغيرت مصير لبنان الذي نشهد اليوم فصلًا مدمرًا من فصوله.رمل أمل العالي
في نهاية حرب السنتين (1975-1976) وحتى اجتياح الجيش الإسرائيلي لبنان صيف 1982، توسعت حركة البناء العشوائي في الرمل الواطي والعالي وتكاثفت، جراء تدفق سيل المهجرين المقتلعين من ضواحي بيروت الشرقية (النبعة، الدكوانة، المكلس، تل الزعتر) إلى الضاحية الجنوبية. وتتقاطع شهادات كثيرين من قدامى سكان الحيين في أنهم شجعوا المهجرين من أبناء قراهم وأقاربهم وساعدوهم في اقتطاع مساحات من الأراضي وبناء مساكنهم عليها كيفما اتفق. ولم يحدث ذلك بلا نزاعات ومواجهات دامية، يختلط فيها الأهلي بالعصبي العشائري والعائلي بالحزبي. ولم تخلُ تلك المواجهات من سقوط قتلى وجرحى من المتنازعين. واختلطت مساكن مهجري الحرب بمساكن شيدها وافدون، تلقائيًا أو إراديًا بلا تهجير، من قرى البقاع والجنوب، وبتلك التي شيدها سكان من الرمل الواطي بغية استثمارها، بيعًا أو تأجيرًا. وشيد بعض من آل عواد بيوتًا لأسرهم في الرمل العالي، لأنهم لا يطيقون السكن في شقق بنايات كثيرة الطبقات في الرمل الواطي. فبيوت الرمل العالي كانت من طبقة واحدة أو اثنتين. ونمط العيش في الحي الجديد الناشئ كان أقرب بعدُ إلى الريفي، وبيوته من طبقة واحدة تحوطها قطعة أرض صغيرة زرع فيها الساكنون أشجارًا وخضروات.وبعد تكون الكتلة السكانية الأساسية في حي الرمل العالي، شيِّد مسجد الرسول الأعظم قرب طريق المطار القديم. وفي العام 1979 كان الحي لا يزال متباعد البيوت، حسب شهادة من كان شابًا من آل المولى عندما تهجر أهله أثناء حرب السنتين من إنطلياس إلى حربتا في البقاع. ومن حربتا أتت عائلته إلى الرمل العالي، مسبوقة بعائلات من آل المولى تهجرت من النبعة وبرج حمود. وإلى جانب أقاربها اشترت العائلة الوافدة قطعة أرض بـ600 ليرة، فشيدت عليها مسكنًا من غرفتين نزل فيهما أفراد العائلة السبعة. ونشأت بذلك نواة حي آل المولى الذي وصل عدد بيوته إلى نحو 75 بيتًا، والوا حركة أمل. وقبل قدوم عائلات المولى من حربتا والنبعة وبرج حمود، كانت تنزل في الرمل العالي، إلى آل عواد، عائلتا الأتات ومنذر البقاعيتان.
أما عائلات خير الدين (اللبوة) وشمص (الهرمل وجبيل) والطفيلي (الهرمل) والعزير والحاج قاسم وآل حمية (بعلبك)، فوفدت بعد آل المولى. ومن الطائفة السنية في بعلبك وجوارها، وفدت عائلات من آل المصري، حلوم، الحافي، مطر، وحوري، فشيدت مصلى خاصًا بها، وأقامت محالًا تجارية ومطاعم واجهاتها إلى رصيف طريق المطار القديم.
وفي مطلع الثمانينات، حينما وفد إلى الرمل العالي رجل من آل سبيتي في كفرا الجنوبية، باحثًا عن قطعة أرض ليشيد عليها منزلا لأسرته، وجد أن متنفذي أمل في الحي وضعوا أيديهم على معظم المساحات. لذا أُرغم على بيع أرض يملكها والده في جبشيت، ليشترى من آل المولى في الرمل العالي قطعة أرض بمبلغ 11 ألف ليرة، فشيد عليها بيتًا. وفي أثناء الاجتياح الإسرائيلي (1982) تهجر مع عائلته إلى اقليم الخروب. وبعد عودته إلى بيته في الرمل العالي عمل على سيارة لنقل الخضر، وانتسب إلى حركة أمل. والحي الذي شيدت فيه عائلة سبيتي منزلها، كان معظم سكانه من قرية مجدل زون الجنوبية. وكانوا توافدوا من قريتهم في بعد اجتياح إسرائيل الجنوب عام 1978. وإلى حي قرية مجدل زون، هنالك حي آخر لأبناء قرية بليدا، وثالث لأبناء عيترون. وهذه قرى جنوبية كلها. ومن أحياء القرى الجنوبية في الرمل العالي، حي كبير لقرية مركبا (نحو 50 بيتاً). وتنتشر هذه الأحياء بين شارع عين الدلبة في وسط الرمل العالي، وما كان مربع أو منتزه الكوكودي الراقي الشهير على طريق المطار قبل الحرب. وأحياء الرمل العالي هذه كان معظم سكانها من أهالي قرى الشريط الحدودي في الجنوب وموالون لحركة أمل، لكنها لم تكن تخلو من ساكنين بقاعيين. وأحياء أبناء القرى البقاعية المنتشرة من شارع عين الدلبة إلى مسجد الرسول الأعظم شمالًا، لا تخلو من السكان الجنوبيين.
ويغلب النموذج العائلي على وحدات البناء والسكن في الرمل العالي. فالعائلة الوافدة إلى حي ما تقيم بيتها من طبقة واحدة في البداية، ثم تشيِّد بيتًا لأحد أبنائها فوق بيت العائلة، حينما يتزوج. والمنزل الذي بناه أبو مهدي سبيتي من طبقة واحدة، شيد فوقه ابنه البكر منزلًا له، لما تزوج وأنجب. ولما تزوج ابنه الثاني، شيّد منزلاً لأسرته الجديدة فوق منزل أخيه. والسكن على هذا المنوال هو النموذج الغالب في أحياء الرمل العالي أكثر منه في الواطي.عشائر وقرىالذاكرة المكانية الحية لسكان أحياء الرمل العالي، والمتصلة بحياتهم اليومية، ذاكرة عضوية قوامها ومحورها الحي الأهلي المتجانس السكان، حسب مصادر الوافدين القروية أو العائلية. فالبقاعي يغلب على ذاكرته حضور أحياء العائلات البقاعية. وحين يتحدث الجنوبي عن محيطه السكني، تحضر أحياء الجنوبيين. لكن ما يميز ذاكرة البقاعي المكانية عن ذاكرة الجنوبي، يتمثل في أن الأحياء التي يقيم فيها البقاعيون عشائرية وعائلية، وتُعرف بأسماء عائلاتها وعشائرها. أما الأحياء الجنوبية فيقيم فيها أبناء القرى، وتُعرف بأسماء هذه القرى، وليس بأسماء العائلات التي تسكنها. وهذا يعني أن الإقامة البقاعية في الرمل العالي عائلية وعشائرية، بينما تغلب على إقامة الجنوبيين وحدات سكنية وأحياء قروية. فالتجانس البقاعي قوامه العائلة- العشيرة، والتجانس الجنوبي قوامه القرية. وينحلُّ الانتساب إلى الأحياء في كلام سكان الرمل العالي، في انتساب أوسع منه: التمييز بين بقاعي وجنوبي. أما آل عواد الذين يميزون أنفسهم عن الكتلتين السكانيتين، البقاعية والجنوبية، فغالبًا ما ينطوي كلامهم عن عائلتهم على شعورهم الحاد بالاختلاف عن الكتلة الجنوبية، والوئام مع الكتلة البقاعية. وتبرز لدى آل عواد نعرة حادة تنفر من الجنوبيين، فيعتبرونهم وافدين حديثًا إلى الرمل الواطي أولاً، وإلى الرمل العالي تاليًا. كأنما الجنوبيين في وفادتهم هذه قد ضيّقوا على آل عواد إقامتهم وقاسموهم موطنهم أو معقلهم الذي كان لهم وحدهم. ويتجلى نفور آل عواد من الجنوبيين في سياق آخر، حزبي. فهم وآل المولى يعتبرون أن الجنوبيين نافسوهم في انتزاع موقع فاعل وقوي لهم في حركة أمل، مع صعود نفوذ الأستاذ نبيه برّي إلى قيادة الحركة الشيعية الأهلية المسلحة.تعبئة واغتيالاتوبعد حرب السنتين وحتى الاجتياح الإسرائيلي صيف 1982، تركزت تعبئة حركة أمل على ترسيخ عصبية أهلية شيعية ضد سيطرة المنظمات الفلسطينية المسلحة، وعلى استخراج الموارد البشرية الشيعية من الأحزاب اللبنانية اليسارية والقومية بأشكال شتى، تراوحت بين المجابهات العسكرية المباشرة والخطف والاغتيالات. وفي ذلك الوقت كتب الشاعر عباس بيضون قصيدة يستعيد فيها حادثة اغتيال صديقه الشيوعي المدرس في صور، فكتب: "حين قتلوا الصديق استردوه/هكذا سيعيدوني إلى أهلي". وكان الخطف والاغتيال والقصف العشوائي أصلًا من أسلحة الحروب الأهلية منذ العام 1975.
ومن منطقة برج البراجنة ومحيطها القريب حول أحد أكبر المخيمات الفلسطينية المسلحة في لبنان، إلى الشياح، ووصولًا إلى بلدات الجنوب، راجت وتكاثرت بين الأهالي الشيعة روايات عن تعديات المنظمات الفلسطينية المسلحة، بعد نشوب مواجهات دامية بينها وبين أمل. وشاع النفور من سلطة جهاز الكفاح المسلح الفلسطيني، وتضاعف انتساب الشبان الشيعة إلى حركة أمل للاحتماء من ما سُمي "الاضطهاد الفلسطيني". ومن رواياتة مثلًا، أن أحد المسؤولين العسكريين الفلسطينيين أقدم على خطف امرأة من الرمل العالي، وتزوجها عنوة عن أهلها.وراج في الحقبة نفسها خطف أمل بعثيين عراقيين وتصفيتهم. وجرى تفجير مبنى جريدة بيروت البعثية العراقية في محلة المشرفية. واغتيل الشاعر الشيعي اللبناني موسى شعيب، الذي كان من قياديي البعث العراقي في الضاحية الجنوبية. وكان شعيب قد كتب قصيدة اشتهرت حينما كان طالبًا في الجامعة اللبنانية، عنوانها "جنوبي أنا"، ويقول مطلعها: "جنوبي أنا/والقصر قصر البيك من عرقي/ينام البيك/مرتاحًا على حُرقي/لأجل سواد عينيه/ذبحت أختي/شتمت أبي/دخلت السجن بعد السجن/ذقت مرارة النوب". والبيك هو أحمد الأسعد زعيم جبل عامل، الذي ورثه نجله كامل، وعلى زعامته الإقطاعية انتفضت حركة محرومي موسى الصدر، وفي بدايات الحرب الأهلية أحرقت قصره أو داره في بلدة الطيبة.
وروى شخص من آل عواد أن شيعة البقاع وبلاد جبيل (آل عواد) كانوا أقوى حضورًا في أمل من الجنوبيين في الرمل العالي. فأول قائد عسكري للحركة الناهضة من ركام الحروب والتهجير -المدعو أبو جعفر- كان من آل عواد، واجتمع حوله نحو 15 شخصًا بقاعيًا بينهم عقل حمية وإخوته، ومصطفى الديراني، وشبان من آل المولى. وربما تنحو رواية أحد أبناء عائلة عواد إلى المبالغة في قوله إن 200 شخص من عائلته كانوا مسلحين في حركة أمل، فيما كان المتعلمون من عائلته الموسعة أو الممتدة، في حزب البعث العراقي، فتركوه من غير أن يلتحقوا بأمل.حادثة الرسول الأعظموفي صيف 1982 انكفأت أمل على نفسها وأوقفت نشاطها العسكري أثناء الاجتياح الإسرائيلي وبعده بقليل. وأُجلي المقاتلون الفلسطينيون برًا وبحرًا من بيروت، فيما أُجلي من ضاحيتها الجنوبية الدعاة الخمينيون الإيرانيون. ويروي أحد مشايخ الحركة الشيعية الخمينية (كتاب "دولة حزب الله" لوضاح شرارة، 1998) أنه خرج على رأس تظاهرة صاخبة في مناسبة ذكرى عاشوراء أواخر سنة 1982، "لزرع الأمل وبعث الوعي في نفوس شبابنا، وطرد الخوف منها". وخرجت تلك التظاهرة من مسجد الرسول الأعظم في الرمل العالي، ويمكن التأريخ لانطلاق الحركة الخمينية في الضاحية الجنوبية بها. فالرئيس أمين الجميل دشن عهده بعد اغتيال أخيه بشير المنتخب رئيسًا للجمهورية صيف 1982، بالعزم على إزالة المباني والأحياء السكنية غير الشرعية (العشوائية) في الرمل العالي.
وفي الأثناء كان مسلحو "القوات اللبنانية" يعودون عودة صلفة وقاهرة إلى أحياء بيروت الغربية وبلدات الشوف. وقاموا بعمليات ترويع وخطف بعض من كانوا في صفوف المنظمات السياسية والعسكرية اللبنانية اليسارية. وكان قد مضى وقت قليل على مقتلة صبرا وشاتيلا الشهيرة المروعة. وتخوّف أهالي الضاحية الجنوبية وبيروت من احتمال تعرضهم للتنكيل. وراجت شائعات كثيرة عن احتمال حدوث مجازر، فبلغ الخوف في بيروت وضاحيتها الجنوبية حدّ التطيّر الذي استُغل في بتعبئة طائفية مسعورة، وخصوصًا في الرمل العالي التي لم يكف سكانها عن الكلام عن حاجتهم للحماية، لشعورهم المستفحل بأنهم مهددون بالطرد إلى العراء من مساكنهم المشيدة عشوائيًا في خضم الحروب التهجير والبؤس. وقد تُرجم هذا الشعور إلى لغة التعبئة والشائعات التي صورت العالم كله (إسرائيل، القوات المتعددة الجنسية التي نزلت في بيروت لحماية المدنيين الفلسطينيين، أميركا، القوات اللبنانية، الجيش اللبناني) متحالفاً ضدهم لاقتلاعهم وطردهم.
لم تكن التعبئة والشائعات هذه مجازًا وتهويلًا كلها. فآليات الجيش اللبناني شرعت فعلاً بهدم بعض المنازل المخالفة في الرمل العالي والمحاذية لطريق المطار. وحين تجمع قسم من الأهالي في مسجد الرسول الأعظم هناك، قصف الجيش رشقات من مدافعه الرشاشة في اتجاههم. وثمة من يقول إنه رد على مسلحين أطلقوا عليه النار من المسجد. فسقط من الأهالي المتظاهرين الخائفين الغاضبين قتيلان، وجرح عدد منهم. لكن الجيش سرعان ما انكفأ وتراجع، فشعر المتظاهرون بجدوى التعبئة والمجابهة اللتين مكنتهما من الصمود.مساجد وعمليات انتحاريةوأكدت التجربة لكل من حركة أمل وخلايا الحركة الخمينية -حسب شهادات من عايشوا تلك الوقائع في الرمل العالي- أن التحصن في المساجد والحسينيات يمكّن الناس من مجابهة خوفها ويمنحها القوة والصمود. لذا أخذت الدعاوى والفتاوى والتعبئة تنطلق من المساجد والحسينيات التي صدحت من مكبرات الصوت فيها الأدعيةُ والأناشيد والخطب الحسينية والكربلائية.
وسرعان ما جعل السيد محمد حسين فضل الله من مسجد الإمام الرضا في محلة بئر العبد بحارة حريك، منصة لخطبه، ومسرحاً لتعبئة ما سماه الحالة الإسلامية الناهضة على إيقاع انتصار الثورة الخمينية في إيران. والشيخ حسن طراد أطلق نشاطه من مسجد الغبيري. والسيد حسن نصرالله اتخذ مسجد الرسول الأعظم في الرمل العالي قاعدة للتعبئة والتأطير. وإلى جوار هذه المساجد نشأت نوادٍ حسينية في حارة حريك وحي السلم والشياح قرب روضة الشهيدين.
وفي خضم هذه التعبئة المحمومة والمجابهات بين مسلحي أمل والحركة الإسلامية من جهة، والجيش اللبناني من جهة أخرى، ولد حزب الله، الذي تولى رجال الحرس الثوري الإيراني تشكيل مجموعاته الأولى في الضاحية الجنوبية والبقاع. وحين انضم الأستاذ نبيه برّي إلى "هيئة الحوار الوطني" مع الشيخ بشير الجميل والزعيم وليد جنبلاط أثناء الاجتياح الإسرائيلي، أخذ حسين الموسوي في بعلبك وابراهيم أمين السيد الذي كان مبعوث أمل في إيران، يعدّان للانشقاق عن حركة أمل. وفي هذا المناخ الملبد والمحموم بدأت العمليات العسكرية "الاستشهادية"، الانتحارية والإرهابية: تفجير مقر السفارة الأميركية في بيروت (نيسان 1983) ومقري القوات الفرنسية والأميركية في بئر حسن والمطار. أما حين جلت القوات الإسرائيلية عن المتن الجنوبي وعاليه ومعظم الشوف صيف 1983، فاتصل المعقل الشيعي في الضاحية الجنوبية بالجبل الدرزي الذي بدأت فيه الحرب بين الدروز والقوات الفلسطينية الموالية لسوريا من جهة، ووحدات الجيش اللبناني والقوات اللبنانية من جهة أخرى.لبنان محمية للأسدومهد هذا الاتصال العسكري- الجغرافي لانتفاضة 6 شباط 1984، التي جمعت بقايا منظمات الحركة الوطنية اللبنانية المسلحة من شيوعيين وبعثيين سوريين، وقوميين سوريين ومنظمات فلسطينية، إلى الحزب الاشتراكي الدرزي الجنبلاطي وحركة أمل والحركة الإسلامية الخمينية السرية بعدُ، في رعاية نظام الأسد. واستطاع هذا الحلف الأهلي، الأمني والعسكري، من الضغط على وحدات الجيش اللبناني والقوات المتعددة الجنسية. فأخرج الأولى من بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية، وأخرج الثانية من لبنان كله. وسارع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات إلى العودة بحرًا إلى طرابلس، فتحصّن فيها مع بقايا قواته إلى جانب أمير حركة التوحيد الأسلامي سعيد شعبان التي روعت المدينة الشمالية، وحولتها معقلًا عسكريًا لصراع عرفات المرير مع نظام الأسد. فاستخدم الأسد أتباعه ومواليه من بعثيين وشيوعيين وقوميين سوريين لإخراج عرفات وقواته بحرًا من طرابلس، على غرار ما فعلت القوات الإسرائيلية صيف 1982، حينما أخرجت المقاتلين الفلسطينيين بحرًا وبرًا من بيروت.
وهكذا أمسى لبنان كله، سوى جبله المسيحي من بعبدا إلى البترون، مسرحاً احتياطياً للسياسات الأمنية الأسدية. لكن الجبل المسيحي سرعان ما سقط بدوره في القبضة إياها عقب الحركة التي قادها جنرال الخديعة ميشال عون، وسحقها الجيش السوري مباشرة في 13 تشرين الأول 1989، بتغطية دولية ومن دون وسائط لبنانية كثيرة هذه المرة. ومذّاك صار لبنان محمية سياسية- أمنية وسياسية لسوريا الأسد، حتى اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط 2005، بعد إخراجه من الحكم عقب معارضته المكتومة أو الصامتة للنظام الأمني السوري- اللبناني المشترك، في عهد نظام الأسد الإبن ووكيله في لبنان، العماد الرئيس إميل لحود.(يتبع)


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top