تبلّغ الإعلامي اللبناني، باسل العريضي، اليوم، قرار فصله من عمله في شبكة "دويتشه فيله" الألمانية، الى جانب أربعة آخرين، كنتيجة للتحقيقات في "معاداة السامية" التي بدأتها القناة في شهر ديسمبر/كانون الاول الماضي بعد شيوع تغريدات لهؤلاء الموظفين والصحافيين تنتقد اسرائيل. وبالاطلاع على توصيات لجنة التحقيق التي أفضت الى فصل الموظفين من العمل، يتبين حجم التأثير الإسرائيلي في الإعلام الألماني من جهة، وعقدة الذنب (من أيام النازية) التي ما زالت محور السياسات الألمانية المُغالية في الاعتذارية، لا سيما في الإعلام، وفي كل ما يتعلق بإسرائيل. غير أن الكثير من الإعلاميين والمراقبين والخبراء، يرون أن المنحى الاعتذاري والتكفيري عن عقدة الذنب، يفتتح مساراً لتقويض الحريات وتخيير العاملين بين الموقف السياسي الشخصي وبين العمل. وذلك حتى حينما تكون التغريدة-موضوع الموقف السياسي هذا، قديمة، وتم التعبير عنها قبل العمل في الشبكة الألمانية بسنوات، بل وفي صفحات شخصية في مواقع التواصل، ومن دون تداخل هذه المواقف مع الخط التحريري للشبكة الإعلامية أو مع العمل الذي يقوم به الموظفون/ات فيها. وقدمت لجنة التحقيق في التهم الموجهة لعدد من موظفي القسم العربي في "دويتشه فيله" بمعاداة السامية، نتائجها، وخلصت الى انه "ليست هناك معاداة السامية ممنهجة في القسم (العربي)، بل يتعلق الأمر بحالات فردية". وتوسعت تداعيات القضية إثر صدور قرار بفصل 5 موظفين، والشروع في التحقيق في 8 حالات أخرى، بحسب ما نقل صحافيون ألمان متخصصون في وسائل الاعلام. وتقدم مدير القسم العربي في القناة، ناصر شروف، استقالته، وتم قبولها. وقالت قناة "الجديد" اللبنانية أن العريضي الذي يرأس مكتب القسم العربي لـ"دويتشه فيله" في بيروت، تبلغ قرار فصله. فيما أكدت الصحافية الفلسطينية مرام سالم تلقيها قراراً بفصلها من مؤسسة "دويتشه فيله" الإعلامية الألمانية. وشمل القرار الصحافية الفلسطينية الأردنية، فرح مرقة، التي قالت في تغريدة على "تويتر" إنها تلقّت إخطاراً من دون توضيحات بأنه سيتم إشعارها بإنهاء عملها في "دويتشه فيله" فوراً. وبدأت القصة عندما نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" تقريراً زعمت فيه أن هناك "فضيحة معاداة سامية في دويتشه فيله"، ونشرت أسماء موظفين في الشبكة من المنطقة العربية، قائلة إن تغريداتهم تُعدّ "معادية للسامية"، استناداً الى منشورات يعود بعضها الى عشر سنوات خلت. والى جانب العريضي، طاول الفصل الخبير في مجال إدارة الإعلام الصحافي، داود إبراهيم، الذي يشارك في دورات تدريب تنظمها أكاديمية "دويتشه فيله" في بيروت، والمحرر في الشبكة مرهف محمود، والصحافية الفلسطينية مرام سالم، والصحافية الأردنية فرح مرقة التي اتهمت بكتابة مقالات "معادية لإسرائيل" في موقع "رأي اليوم". وكانت الشبكة قد أوقفت الموظفين/المتهمين عن العمل ريثما تنهي لجنة خارجية التحقيق في الأمر، بينما أعربت إدارة الشبكة في بيان عن تأييدها الواضح لحقّ إسرائيل في الوجود، موضحة أنها "ألزمت كل موظفيها/اتها بمناهضة معاداة السامية التي قد تأتي بشكل كراهية إسرائيل أيضاً". وتألفت لجنة التحقيق من وزيرة العدل السابقة، والمفوضة الحالية لشؤون معاداة السامية في ولاية شمال الراين، والكاتب الإسرائيلي الألماني أحمد منصور. ومنصور، هو عربي الأصل، يحمل الجنسية الاسرائيلية، وانتقل إلى إلمانيا التي يحمل جنسيتها أيضاً. وقالت مفوضة مناهضة السامية في ولاية شمال الراين، التي أجرت التحقيق مع الكاتب الاسرائيلي الألماني أحمد منصور إن عملهما "لم يكن سهلاً لأن بعض الأقوال حُذفت من حسابات الموظفين/ات في وسائل التواصل". ورأى منصور أن فصل بعض الموظفين/ات مبرر، قائلاً إن تصورات معادية للسامية "استخدمت من قبلهم إلى درجة إنكار الهولوكوست، وأن الأمر لم يقتصر على انتقاد إسرائيل"، مضيفاً أنه "ليست هناك معاداة سامية ممنهجة، بل حالات فردية"، بحسب ما نقل صحافيون ألمان متخصصون في قضايا الإعلام. ونصح منصور الشبكة، في ما يخص الشراكة مع القنوات في المنطقة العربية "بجعل رفض معاداة السامية والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود شرطاً للشراكة، أو خوض حوار معها"، كما نصح بـ"إنهاء الشراكة في حال عدم الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود أو معاداة السامية". وانتقد أحمد منصور بشكل مباشر في التوصية "معاداة السامية في القسم العربي، عبر برامج حوارية وإخبارية ووثائقية خلال العامين الماضيين، رغم أن الأمر ليس هيكلياً بل هو مرتبط بأفراد"، مطالباً بتنظيم القناة "دورات تدريبية وورش عمل بهدف تدريب العاملين في القسم العربي".