2024- 05 - 04   |   بحث في الموقع  
logo أمن الدولة توقف منتحل صفة مسؤول في الأمم المتحدة logo أنطونوف: اتهامات واشنطن بتورط روسيا في هجمات إلكترونية على أوروبا عديمة الأساس logo العدوان يدخل يومه الـ211… ومزيد من الشهداء والجرحى في غزة logo "ليلة صيد الخنازير" لـإيناس العباسي... المنسيون بعيداً من أوطانهم logo مكتب ميقاتي يرد على حملة المليار يورو: مزايدات وشعبوية وعدم أعتراف بأي إنجاز للحكومة..  logo سطو مسلح وقنبلة... رعبٌ حقيقي عاشه صاحب أغنية "بنت الجيران"! (فيديو) logo "صيغة توافقية"... تقدمٌ ملحوظ في مفاوضات هدنة غزة! logo "14000 ليرة باليوم"... باسيل: وكأن الإتحاد الأوروبي استأجر لبنان للنازحين
الحريرية: صعود الدور وضموره
2022-01-22 10:56:04


ما زال مصطلح الحريرية افتراضياً، حتى تاريخه، فالأمر اقتصر على نسبة الحالة إلى اسم الرئيس الراحل رفيق الحريري، فجرى الأمر مجرى الدلالة الشخصية، من دون الإشارة إلى حالة سياسية برنامجية، كما هو متعارف عليه في الأحوال الحزبية.
على هذه الخلفية، كانت الحريرية ظاهرة "زعاماتية" جديدة، وَفَدَت إلى الحياة السياسية اللبنانية من خارج البيئة الزعاماتية المعروفة: ضمن السنّية السياسية، وضمن البيئات الأهلية اللبنانية المشابهة.لقد أفسح الظرف السياسي اللبناني في المجال أمام تنامي دور رفيق الحريري، فالبلد الخارج من الاحتراب الأهلي كان مهيّئاً لقبول دور "المنقذ"، وكان مستعداً للتحلّق حول خطاب سلمي، يصدر عن جهة غير مشاركة في الصراع الداخلي، لا بصفتها الجمعية، ولا بصفتها الفردية. هذا التوق اللبناني الغالب، علّق رهانه على شخص رفيق الحريري الفرد، الآتي من بيئة السنّية السياسية، التي يغلب عليها طابع "التوسّط" اللبناني، في الصيغة اللبنانية الوليدة، وفي الموقع الصراعي الذي رافق تاريخ الصيغة. والموقعان، الفردي والجمعي، كانا موضوع عناية ودعم، من المرجعية العربية الحاضنة للسنّية الداخلية، وفي قلب هذه الحاضنة، المملكة العربية السعودية، التي كان رفيق الحريري "رَجُلها" الأوّل في لبنان ما بعد الحرب الأهلية. على هذه الروافع، الداخلية والخارجية والشخصية، أُتيح للحريرية أن تصعد مع صاحبها، فأمَّنت لها موقعاً متقدماً في نظام ما بعد الطائف، وصادرت، تقريباً، النطق باسم السنّية اللبنانية، وتولّت صناعة، الشطر الأوسع من مصالحها.اغتيال الدورمثَّل اغتيال رفيق الحريري نقطة تحوّل في سياق تقدّم موقع السنيّة السياسية، وكان التفجير الذي أودى به، إيذاناً بإطلاق سياق هجومي، ضد الحالة الصعودية التي مثّلها. تجدر الإشارة هنا إلى أن "الصعود" الحريري حقّق نقلة في الحقل اللبناني العام، عندما قدّم الرئيس الراحل نفسه كشخصية عابرة للأطر الأهلية المحروسة، بقوّة الخارج وبقوى الداخل، ولعلّ هذا العبور، كان سبباً إضافياً لإزاحته بالقتل، من قبل السياسات التي لا ترى رأيه في التجميع، وطنياً ولا ترضى بدوره الناهض، مذهبياً. سقط الحريري الأب، فباشرت السنّية السياسية عموماً، السير في سياق تراجعي، يتوّجُه اليوم وصول الرئيس سعد الحريري إلى نقطة إعلان المأزق الفردي، الذي هو في الوقت ذاته، مأزق جمْعي، لا يبدو أنه مفتوح في المدى القريب، على احتمال حلول ناجعة تساهم في الحدّ من الخسائر، هذا قبل الحديث عن إعادة الانطلاق صوب محطات توازن سياسي تأتي فصوله تباعاً.حريرية الخَلَفلم تستمر حريرية السلف، في حريرية الخلف، فالزمن السياسي الذي صنَع رفيق الحريري، هو غير الزمن الذي وجد سعد الدين الحريري نفسه فيه. سبق القول، إن الزمن الأول قد جاء بوعد نهضة وطنية عامة، أما الزمن الثاني فقد اقتصر على المحافظة على إنجازات زمنه السابق، لأن تطوير تلك الإنجازات كان محاطاً بكل العقبات المانعة، ولأن السياسة التي أطاحت بالأب، لم تكن في وارد السماح لاستئناف سيرة حريرية جديدة، تحمل طابع الإبن، وتنتسب إليه. تجديد الحريرية صار ممنوعاً، وسياسة تحجيمها، تمهيداً لشلّها وإبطالها، وتقييدها، باتت هي المعتمدة. وعلى هذا الأساس، عاش اللبنانيون في كنف أحداث كان من بينها الدخول إلى بيروت بالسلاح، وكان منها مؤتمر الدوحة الذي استأنف نظاماً لبنانياً تناقضياً، وكان ما هو ماثل للعيان، من انهيار لبناني عام، تطورت فصوله المأساوية منذ تعطيل المجلس النيابي، قبيل انتخاب الرئيس الحالي للجمهورية، وحتى تاريخه، الذي بات قريباً من اختتام ولاية الرئيس المذكور.على امتداد عقد من الزمن، تقريباً، راكم سعد الحريري جملة من الإخفاقات السياسية التي وجدت أساسها في عدد من المواضيع الهامّة، بعضها موروث من فترة الأب، وبعضها طارئ من فترات لاحقة.
من الموروث، سياسة إضعافية اعتمدها الرئيس الراحل. فهذا الأخير عمل بدأب على "تذويب" البيوت السياسية التاريخية في الوسط السنّي السياسي، ولم يتردّد في إحاطة نفسه بجيش من "المستشارين"، الذين اقتصر دور الغالبية منهم، على "الإفتاء" بما ينسجم ورغبة المستفتي.
لقد تناقض سلوك الحريري المؤسس، ضمن كتلته الأهلية، مع سلوك غيره من المتقدّمين في كتلهم الأهلية. ففي هذه الكتل كان شدّ العصب والتجميع سمّةً غالبة واستلحاق بعض البيوت السياسية الموروثة، لم يغب عن بال أهل السياسة الذين حاصروا الحريري الإبن، وفي الوقت الذي بدا فيه سعد الحريري فرداً مستفرداً، كانت الأهليات الأخرى، وفي الطليعة منها الأهلية الشيعية، متمركزة ثابتة ضمن بيئتها، ومنتشرة وذات أذرع، في أكثر من بيئة أهلية.على صعيد آخر، أضاف سعد الحريري إلى الموروث من عنده، فبالغ في دور "أمّ الصبي" حيث كان الصبيّ اللبناني قد صار "لقيطاً" تتنابذه الأهليات، وقرأ تسووياً، مع حلفاء هجوميين، كانت تسويتهم تكتيكاً ولم تكن استراتيجية، واطمأن إلى طامحين إلى منازعته على دوره التنفيذي، ظنّاً منه أنه يحفظ بذلك صلاحياته التنفيذية. حصيلة هذه السياسات، كانت إرباكاً متفاقماً لموقع رئاسة الحكومة، ولرئيسها، ثم تطور الإرباك ليصير تقييداً لحركة الموقع الأهم في السنية السياسية، ثم صار الموقع كله، رهينة تجاذبات وتوترات عدد من القوى الأهلية، الطائفية والمذهبية.
وفقاً لمعايير عديدة، لقد قاد سعد الحريري السنّية السياسية إلى لحظة ضعفها الراهن، باعتماده سلسلة من المواقف الأهلية التي جاءت بنتائج متعاكسة مع رغباته. وإلى هذه المواقف الداخلية، أضيفت العقبات الخارجية، وفي طليعتها العقبة السعودية، التي ألقت ما يشبه الحُرْم على شخص سعد الحريري، فأضافت إلى عوامل ضعفه ضعفاً، الأمر الذي أصاب دور السنّية السياسية عموماً في الصميم."المستقبل" ومستقبل الدورسيكون تعسّفاً اختزال وضع تيار المستقبل إلى حلقة ضيقة لا دور لها سوى انتظار ما يقترحه الحريري عليها. هذا يعادل نفي حضور المصالح المتعددة التي يحملها كل من انتسب إلى التيار، من موقع شعبي، أو من موقع مختلف الشرائح الاجتماعية، الثقافية والسياسية والاقتصادية. لكن، في الوقت ذاته، سيكون تجاوزاً على واقع الحال، افتراض متابعة تيار المستقبل ليوميات حضوره، من دون الحريرية، بميراثها وبتاريخ الورثة، وفي مركز التاريخ والميراث، وجود الحريرية في السلطة، وفي موقع القرار. موضوع السلطة، بما هو موقع خدمات وصناعة نفوذ وتأكيد مشاركة في إدارة سياسات الجمهورية، يشكل عنصر الجذب الأهم لجموع المتحلقين حول التيار، ولمجموع العاملين في هيئات سياساته المختلفة، الاجتماعية وغير الاجتماعية، فإذا أضفنا إلى "غُنْم" السلطة، هِبَات المال السياسي، أمكننا القول إن متابعة تيار المستقبل، لمستقبله، ستكون عسيرة من دون عامل السلطة وعامل المال، والعسر هذا، قد يصير استحالة، إذا فُقِدَ عامل الدفع السياسي، والاندفاع التطوعي، الذي قد تفرضه حالة الشعور بالتهميش الذي دفعت إليه السنية السياسية.
هل يمكن افتراض ردّ رفضيّ هجومي من قبل تيار المستقبل؟ أي هل يمكن توقع وجود حالة تضع التيار على خط حالة سياسية شعبية استنهاضية، فلا يكون ختام كلام الحريرية ختاماً لكلامها؟ يجب عدم إسقاط هكذا احتمال، أي يجب عدم الإحالة إلى العدمية، على الرغم من كل القراءات الوضعية التي تقول بخلاف استقرار تيار المستقبل في حالته التراجعية.الحريرية والمستقبليصعب توقع سلوك الحريرية المستمرّة في إسم رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، وعسير توقع عودتها من "انكفائها"، وغير مضمون الرهان على قدرتها على استعادة نفوذها، لحظة اتخاذ القرار بالعودة عن الانكفاء. السيرة استمرار، هذا في السياسة، فإذا انقطعت السيرة، كان ذلك مؤشراً لانتفائها لاحقاً، أقلّه على الوجه الذي كان لها قبل إطفاء أنوارها.
عطفاً على ما تقدّم، يُحال المستقبل إلى بيئته السنيّة السياسية، فهذه لا تستطيع البقاء في حالة الفراغ القيادي، ولا تقوى على الإقامة في الانتظارية السياسية القاتلة، وهي مضطرة لمنح "بركتها" لشخصيات بديلة من الحريري، بغض النظر عن كفاءة هذه الشخصيات حالياً، وعن مستوى حزبيتها الشعبية.
ينفع التذكير لو قلنا: إن رفيق الحريري كان مجهولاً حين قدومه، فتوفرت له كل الظروف الذي جعلته "معلوماً" أوّل، وعليه، من يدري، فقد تتوفّر ظروف مؤاتية لمجهول آخر، ليصير معلوماً.. حتى ذلك الوقت، ستكون "الشرذمة" سمة غالبة على وضع السنّية السياسية، وسيكون الطموح الزعاماتي مطلباً لكل وافد إلى ساحة التزعّم.. وما أكثر الطالبين.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top