قالت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية إنه على الرغم من عدم توصل الرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى اتفاق بشأن سوريا في القمة التي عقدت في 31 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن بلديهما سيستفيدان بشكل كبير عبر التعاون مع دول تشاطرهم الفكر ذاته بأن الأولوية هي لسياسة تركز على الشعب السوري.
وأشارت المجلة في تقرير إلى أن تعاون الولايات المتحدة وتركيا مع بلاد تمتلك التفكير ذاته حول سوريا "سيمنح فرصة أخيرة لهذا البلد الذي مزقته الحرب طوال عقد من الزمان".وأضافت أن التعاون بين الدول يزداد إلحاحاً في الوقت الذي يواصل فيه رئيس النظام بشار الأسد مساعيه لإخضاع كامل سوريا لسلطته من خلال القوة، مستفيداً من غياب الإرادة لدى حليفه الروسي في إطلاق عملية سياسية ذات مغزى مما يزيد حياة السوريين تعقيداً.وتابعت أنه "في الوقت الراهن يمكن أن تكون المصالحة بين المناطق الشمالية الغربية والشمالية الشرقية في سوريا حافزاً لإصلاح حقيقي في البلاد، لأن 6 ملايين سوري ينتمون لبيئات مختلفة باتوا يعيشون خارج سيطرة النظام في الشمال السوري".وأردفت المجلة أن هؤلاء السوريين الذين يشكلون حوالي 40 في المئة من سكان سوريا الحاليين يعانون من ظروف معيشية صعبة للغاية ونزوح متكرر وضعف لسيادة القانون، لكنهم يسعون على الرغم من فشل كل الجهود الدبلوماسية السابقة لحمايتهم والحفاظ على بناهم التحتية إلى ضمان حياة أفضل لهم ولأطفالهم.وقد يؤدي الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة الشمالية من سوريا، بحسب المجلة، إلى منح المجتمعات المحلية مسارات أفضل وتعزيز المجتمع المدني والحكم المحلي مع مرور الوقت.وأضافت المجلة أن الجماعات العسكرية المسيطرة في كل من المناطق الشمالية الشرقية والشمالية الغربية وهي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا (الجيش السوري الحر سابقاً)، تؤكد أنها تقاتل تنظيم داعش بالتعاون مع المجتمع الدولي وهو أمر فيه جانب من الصحة، إلا أن هذا الهدف المشترك بات يترنح، وذلك بسبب تحول هاتين المنطقتين إلى منطقتين متناحرتين ضمن الصراع السوري.وذكرت أن الاتهامات التي يوجهها كل طرف إلى الآخر لا تتوقف، إذ تم توجيه اتهامات لقسد بقصف أحياء مدنية والمشاركة في حصار حلب عام 2016 مما تسبب حينها في واحدة من أكبر عمليات النزوح الداخلي للسوريين. وفي المقابل هناك فصائل داخل الجيش الوطني متهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في عفرين إثر العملية العسكرية التركية عام 2018.وتابعت المجلة أنه "على الرغم من كل هذه التباينات يمكن للمنطقتين الشماليتين الاستفادة من مواردهما وتجارب بعضهما بعضاً، إذ أن ضعف سيادة القانون والاستقطاب السياسي وعوامل أخرى مرتبطة بالخارج أعاقت هذا التعاون الذي ستكون له فوائد جمة في حال تمكن الطرفان من صياغة إستراتيجية مشتركة موحدة للشمال السوري".وأردفت أنه "يجب على كل من الولايات المتحدة وتركيا أن تشاركا في دعم هذا التعاون بين المنطقتين ودعم قيادتهما المدنية من خلال شراكات هادفة ومركزة على مجالات مكافحة الإرهاب والاحترام المتبادل لحقوق الإنسان"، مما سيؤدي إلى "تحييد نفوذ كل من روسيا وإيران اللتين لم يتسبب تدخلهما لمساندة نظام الأسد إلا في تعميق المعاناة الإنسانية للسوريين ومساعدة الجماعات الإرهابية مثل داعش".وتحدثت المجلة عن الإيجابيات طويلة الأمد للتعاون بين المنطقتين في الشمال السوري، وقالت إن "التعاون قد يخلق منصة دبلوماسية موثوقة يمكنها أن تلعب دور الوسيط في حوار وطني سوري بناء"، فضلاً عن أنه "يمكن لهذا التعاون أن يتيح للمجتمع في شمال شرقي وشمال غربي سوريا فرصة لإصلاح التباينات بينهما التي من المرجح أن تعزز رؤيتهما لمستقبل سوري يسوده السلام".