إتصل الرئيس سعد الحريري بالرئيس ميشال عون طالباً تأجيل موعد كان مقرراً يوم أمس (الثالثاء) ، وكان له ما أراد، وحدد عون موعداً جديداً بعد ظهر اليوم. لقد رغب الحريري في أن يكون لقاء الحسم مع عون بعد زيارته الى مصر حيث يلتقيه الرئيس عبد الفتاح السيسي. في لقائه مع السيسي يُسهب الحريري على الأرجح في شرح العقبات التي حالت دون التأليف وتدفعه الى الإعتذار وعدم إكمال المهمة.
لا الحريري ذاهب الى القاهرة لتحصيل دعم مصري لحكومته الجديدة، ولا القيادة المصرية ذاهبة الى ممارسة ضغوط على الحريري من أجل البقاء وعدم الإعتذار، وإنما تميل الى تفهم أوضاعه وظروفه، ولا تريد للحكومة الجديدة أن تكون محرقة سياسية له وهي ما زالت مؤيدة له وتعتبره زعيم السنّة في لبنان وتريد أن تحافظ عليه وأن يدخل الى
إستحقاق الانتخابات النيابية وهو في الموقع الأفضل سياسياً وشعبياً كي يعود الى رئاسة الحكومة من موقع أقوى بعد الانتخابات.
يعود الحريري من القاهرة ويتوجه مباشرة الى بعبدا. يحمل معه تشكيلة حكومية جديدة من 24 وزيرا وبيان ُمعّد مسبقاً. في حسابات الحريري أن تقديم تشكيلة جديدة يضع الكرة في ملعب رئيس الجمهورية الذي إما
الإعتذار لا
يرفض عرضه الأخير أو يقبل به، وفي الحالين هو الذي يكسب. فإذا وافق عون يكون قد تراجع عن كل مواقفه السابقة ووافق على توقيع الحكومة التي شكلها الرئيس المكلف وفق تصوره. وإذا رفض عون التشكيلة الجديدة يكون قد أعطى
المبرر للحريري كي يعتذر بعدما قدم أقصى ما يمكنه، ويكون قد أعطى إشارة الإنطلاق الى مرحلة شديدة التأزم تضعه منفرداً في صدارة المواجهة والمسؤولية.
في حسابات الحريري أن عون سيرفض تشكيلة الـ24 وزيراً كما رفض سابقاً تشكيلة الـ18 ...وفي الواقع، فإن الرئيس عون ـــ وحتى لو قدم الحريري عرضه الجديد في قالب تسويقي جذاب بالقول إنها حكومة موزونة ومتوازنة وليس بين أسماء وزرائها من يشكلون تحدياً واستفزازاً لأحد ـــ لا يمكنه أن يوافق على حكومة شكلها الحريري بالكامل وسمى وزراءها المسيحيين ويعرض على رئيس الجمهورية إما أن يوافق عليها كما هي أو يرفضها. وعلى الأرجح،
فإن عون الذي سيوافق على التشكيلة من حيث المبدأ وينظر إليها بإيجابية، وسيطلب تعديلات عليها. وهنا على الحريري أن يقرر أن يوافق على إدخال تعديلات وأن يعطي مهلة جديدة لتفاوض أخير حولها، أو أن يرفض مجرد البحث في تعديل ما هو معروض وينطلق الى إذاعة بيان اعتذاره مخاطباً اللبنانيين بلهجة تجمع بين الأسى واأَلأسف والخيبة مما جرى، والخشية مما هو أتٍ... ويتبع الحريري إعتذاره غير المدوي بإطلالة تلفزيونية (إختارها هذه المرة عبر
تلفزيون "الجديد" بعدما كان اختار تلفزيون MTV لإعلان ترشحيه) يشرح فيها كل الظروف والأسباب التي دفعته الى
الإنسحاب ويفتتح "مرحلة ما بعد الإعتذار".
الكل يترقب مثل هذا السيناريو والأنظار اتجهت فعلياً الى "مرحلة ما بعد الإعتذار" التي يكتنفها غموض شديد، بدءاً
من إستشارات التكليف التي لن تجري قبل الإتفاق على البديل المستعد والمؤهل لترؤس حكومة استحقاقات العام المقبل.
الكل يرجح سيناريو "لقاء الفراق" ويستبعد حصول مفاجآت "النهاية السعيدة"، وحتى أنه ليس هناك من رغبة واستعداد لتصور حصول مفاجآت من نوع:
- أن يطلب الرئيس السيسي من الحريري التريث وإعطاء فرصة جديدة وأخيرة لتلافي إحتمالات وأوضاع سيئة ومدمرة.
- أن يوافق عون على التشكيلة التي حملها الحريري ويبدي إستعداداً لإصدار مراسيمها بعد دعوة رئيس المجلس للحضور الى القصر، ويكون للبنان حكومة جديدة قبل عيد الأضحى المبارك...