يتوسع إطار الحركة الدولية للبحث في الأزمة اللبنانية: لقاءات سفيرتي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في المملكة العربية السعودية. تواصل فاتيكاني مع دول الاتحاد الأوروبي. اجتماع وزراء خارجية الاتحاد إياه يوم الإثنين المقبل.انتظارات اللبنانيين البائسة
لكن ما يسود في لبنان هو قصور عن مواكبة هذه التطورات، وعجز مستمر يعبّر عنه المسؤولون الدوليون في مواقفهم الرسمية وبياناتهم. فالحركة الدولية هذه قد تقود في النهاية إلى عقد مؤتمر دولي لمناقشة المعضلة اللبنانية. ولكن ذلك يحتاج إلى وقت طويل وبلورة الوجهة السياسية العامة في المنطقة.
واللبنانيون ينتظرون نتائج الاستحقاقات الخارجية وبلورة نتائجها وتداعياتها على واقعهم الداخلي. كحالهم اليوم في انتظارهم ما تحمله السفيرتان الأميركية والفرنسية من السعودية. وفي انتظار عودتهما للبت في مسألة اعتذار الرئيس المكلف أو إقدامه أو بقائه على موقفه.
في المقابل، أقدم جبران باسيل على تقديم إشارات إيجابية تجاه الحريري، بعد الكلام عن احتمال اعتذاره. ومرر باسيل موقفاً نفى فيه مطالبته بالثلث المعطّل، واعتبر أن مسألة منح الثقة للحكومة عولجت، ويبقى الاتفاق بين الرئيسين على تسمية الوزيرين المسيحيين. وموقف باسيل هذا هدفه إحراج الحريري.مناورات عون الدوليةعلى المدى الأبعد أخذ رئيس الجمهورية ميشال عون المسألة إلى نقطة أكثر تقدماً: قبيل مناقشة مجلس الأمن تقريراً حول تطبيق القرار 1701 والوضع في الجنوب وعمل القوات الدولية، بحث عون مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة يوانا فرونيسكا وقال: "لبنان يرغب بالتمديد لليونيفيل من دون تعديل في مهامها وعديدها، واستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية من دون شروط مسبقة".
ويأتي موقف عون هذا في ظل زيادة الضغط الأميركي والفرنسي على المسؤولين اللبنانيين. ولا يمكن إغفال ارتباط هذا الضغط بالتصعيد السياسي أو التفاوضي الحاصل بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا مع طهران، في ظل تعرقل مفاوضات الاتفاق النووي.
وهذه المواقف العونية تعطي انطباعاً بأن الأزمات الداخلية مرتبطة بمعضلات خارجية. فتجديد البحث في مهمات قوات الطوارئ الدولية وتوسيع صلاحياتها، يعتبرهما حزب الله نوعاً من الضغوط الدولية التي تستهدفه، وتندرج في إطار الضغوط الممارسة عليه.
فالحزب إياه يرفض أي توسيع لمهام اليونفيل. وهذا ما كانت فرنسا ترفضه أيضاً، وأخذت على عاتقها تجديد عمل قوات اليونفيل سنة واحدة تنتهي في أواخر الشهر المقبل. وحينذاك كانت إدارة دونالد ترامب تهدد بالتوقف عن تقديم الدعم اللازمة للقوات الدولية في لبنان.
لكن الموقف الفرنسي هذا تغيّر عما كان عليه قبل أشهر، وراح يتوافق مع الموقف الأميركي. والطرفان يعلمان أن لا مجال لإقرار صيغة جديدة توسع نطاق وصلاحيات عمل قوات الطوارئ لا في الجنوب ولا باتجاه الحدود الشرقية. هذا يحتاج إلى اتفاق أشمل وأوسع مع إيران. وهذا ما ينطبق على ملف ترسيم الحدود.حزب الله ليس لبنان كله في المقابل، يدور البحث حول الحكومة، وفي إمكان تشكيل حكومة مصغرة متجانسة تسعى إلى تحقيق أهداف سريعة: خطة توافق مع صندوق النقد الدولي. البدء بإصلاحات في قطاع الكهرباء. وإجراء الانتخابات النيابية.
وهنا تقول المعلومات إن المسألة لا ترتبط بتأخير اعتذار الحريري أو عدم اعتذاره، بل ترتبط بالاتفاق على آلية تشكيل الحكومة. وتوفُّر هذا الاتفاق يمهد الطريق أمام الحريري نفسه لتشكيل حكومته.
أما زيارة السفيرتين الفرنسية والأميركية إلى المملكة العربية فلها بعد "إنقاذي": مساعدات للجم الانهيار اللبناني. ولا تعول القوى على تغيير سياسي في الموقف السعودي من لبنان. والمساعدات تقتصر على عدد من المؤسسات اللبنانية، وخصوصاً الجيش. وذلك انطلاقاً من عدم اعتبار لبنان كله واقع تحت سيطرة حزب الله.
فواشنطن تصنف حزب الله تنظيماً إرهابياً، ولكنها تقدم المساعدات للجيش ولغيره من المؤسسات. وهذا ما يحاول الفرنسيون والأميركيون تحفيز السعودية عليه، بإضفاء صيغة ثلاثية على المساعدات، على قاعدة التنسيق بين وزارء خارجية الدول الثلاث، أو بين سفرائها في لبنان، وربما وفق استراتيجية قد تتطور، ولمّح إليها الفرنسيون، إلى حد "التدخل الإنساني" كم حدث في كوسوفو أو كردستان العراق..