2024- 05 - 07   |   بحث في الموقع  
logo هجوم جويّ كبير شنّه “الحزب” على إسرائيل… ماذا استهدف فيه؟ logo وفد “لبنان القوي” يزور سفيرة الاتحاد الأوروبي logo عمال "كهرباء لبنان" يعلنون الإضراب: الإدارة تعرقل دفع المستحقات logo فضائح العلامات المدرسية.. التمهيد لمنح طلاب البروفيه "الإفادات" logo بيان من رئيس بلدية عيون الغزلان السابق خالد المرعبي حول قضية مغتصبي القاصرين.. ماذا جاء فيه؟ logo "لبنان القوي" يشدد على عودة النازحين! logo "بصاروخ موجّه"... حزب الله يستهدف ثكنة اسرائيلية! logo 3 سيناريوهات لصيف لبنان... وإرتفاع سعر الدولار رهن حدث كبير!
بالات طرابلس لم تعد حكراً على الفقير… الحرب والدولار والتدهور المستمر
2021-06-25 18:26:11





IMG-20210616-WA0338

IMG-20210616-WA0340

IMG-20210616-WA0341


<►>





في سوق للملابس المستعملة في طرابلس، يرتفع صوت مكبّر الصّوت من أحد المحالّ معلنًا عن “أوكازيون… القطعة بخمسة عشر ألف ليرة”، فتدخل إليه سيّدات للبحث عن ثياب بهذا السّعر المغري الّذي كان يعدّ مرتفعًا قبل أزمة الدولار.


وبينما كانت هذه الأسواق المعروفة بـ”البالة”، تشكّل مقصدًا للطبقة الفقراء وشريحة من الطبقة المتوسطة في طرابلس وجيرانها من زغرتا والكورة، أصبحت اليوم مجالًا إجتماعيًا يعكس تدهور قدرة هؤلاء الشرائيّة، وخيارًا يتمدّد ليغطّي مستهلكين جدد ما كانت “البالة” من خيارتهم سابقًا، إلى جانب صراع الدولار المستمر بين الموردين من أوروبا وتجّار البيع بالمفرّق.


صاحب هذا المحل، يكشف لنا سرّ أسعاره المنخفضة “اضطررت لابتزاز تاجر الجملة الذي يبيعني الملابس الأوروبية بالدولار. لم أفِ الأسبوع الماضي بثمن البالة التي اشتريتها، قائلاً له أنّ المبيعات منعدمة وعليك أن تراعيني بثمن الدولار، فرضخ”.


في الدّاخل، تحمل نهى وديما مقرّرات جامعيّة بيد، ويتفحّصن القمصان الصّيفيّة باليد الأخرى. لاحظت الصبيّتان “ارتفاعًا كبيرًا بأسعار البالة، لكنها تبقى البضائع هنا ذات جودة أفضل لأنها أوروبية”.


وندمت الزبونتان في السابق جراء شراء الثياب الجديدة المصنوعة محليًا، بسبب تدهور الصناعة المحليّة، فصارت تقصدان البالة لأنّ النوعيّة أفضل وبكلفة أقلّ.


في بالة محاذية، تنادي الجدّة زهرة حفيدتها لتختار سراويل داخلية، الواحد منها بخمسة آلاف ليرة.


تقول الجدّة: “ملابس كل عائلتنا من البالة، ولا تزال أسعارها مقبولة برغم الارتفاع. ما اختلف هو أنّنا بتنا نشتري الملابس الداخليّة المستعملة، وما كان ذلك ليخطر ببالنا من قبل لكن الغلاء أجبرنا”.


العمّ سعدي في محل مجاور، استغنى منذ شهرين عن استيراد بالة “الكريم”، أي ذات نوعية باب أول أو شبه الجديدة لأنّ “ثمنها لم يعد ضمن ميزانية الزبائن المعتادين”. ويجد أنّ أعداد الزبونات ارتفع بالرغم من جنون الدولار وغلاء البالة بنسبة 40%، لأنّ البضائع الجديدة أسعارها كارثية.


ويختصر البائع مفارقات الأسعار بالمثل الآتي “كان البنطلون الولادي يباع في البالة بـعشرة آلاف ليرة، قفز ثمنه إلى أربعين ألفًا. لكنّ سعره يبقى أقل بكثير من بنطلون جديد بـ150 ألف ليرة”.


ويدل على سكربينة “شانيل” أصلي تتدلى من سقف المحل، يبيعها بـ75 ألف ليرة، فيما هي مسعّرة “أونلاين” بـ400 أورو.


ويقصد سوق البالات الطرابلسي اليوم زبونات من المدينة، وآخرين من الأقضية المجاورة في بشري وزغرتا والكورة والبترون، والبعض يأتي من بيروت، إلى جانب السياح الأجانب الّذين يمتعهم اقتناء الحاجيات بسعر رخيص وهم يقومون بسياحة المأكولات في الأسواق القديمة.


هذه البالة التي تقع في “السرايا العتيقة”، لطالما صنّفها أبناء طرابلس ببالة “الذوات”، التي تضم مستويات اجتماعية أعلى من البالة التي تقع على نهر أبو علي المسقوف وفي الأسواق المحيطة به، حيث الأسعار أرخص بسبب تدني النوعية.


اليوم، لم تعد بالات السرايا العتيقة سوقًا للفقير وحده. بل أصبحت تضمّ “أبناء الطبقة المعدمة التي نلاحظ فقرهم الشديد على هندامهم، وهناك الفقراء منخفضو الدخل، والعاملات الأجنبيات، ومتوسطو الحال زادت مشاويرهم الى البالات، حتى الأغنياء نسبيًا يحرصون على توفير بأسعار “الماركات” في البالة، إلا أنّ هناك طبقة من الميسورين جدًا، وهم قلة في طرابلس، لا يقصدون البالات”، يشير خالد العمر، أحد باعة الثياب المستعملة منذ 30 عامًا.


ولم تشهد مصلحته طوال تلك العقود تعثرًا كالذي يعيشه حاليًا. يحاول البائع التحايل على الأزمة من خلال “التضحية بالأرباح. السيولة لم يعد لها قيمة. أن نبيع بـ500 ألف ليرة منذ سنتين يعود بأرباح أفضل من البيع بمليوني ليرة حاليًا”.


في هذا السياق، يأسف العميد المتقاعد عبد القادر الخولي، المضطلع بتاريخ طرابلس القديمة، على “تحوّل هذه المنطقة الجميلة الى بالات، منذ عام 1975 الذي يؤرّخ لاندلاع الحرب الأهليّة”.


ويشرح “كانت هذه المنطقة غير مفتوحة للسيارات، وبدل البالات بيوت مأهولة. ولا مجال بين البيوت سوى لمرور عربات الخيل، التي وسّع لها الرئيس الراحل عبد الحميد كرامي طريقًا في الخمسينيات من القرن الماضي. ويمكن ملاحظة أنّ بناء البالات حجريّ من الداخل، استبدل أبواب البيوت الخشبية بأبواب حديديّة للبالات وبعض محلّات الأحذية والسمانة”.


وإذ تجسّد هذه البالات تحوّلات في تدهور القدرة الاستهلاكيّة للمواطن اللبناني عمومًا والطرابلسي خصوصًا مقارنة بالعقود الثلاثة السابقة، هي أوّلا انعكاس لتدهور وظيفة هذه الأسواق، وما يليها من دور طرابلس في أذهنة اللبنانيين والسياح. كثر منهم يقصدونها لأجل البالة، وعبثًا تحاول طرابلس أن تخلع عنها لقب “أم الفقير”.




Damo Finianos



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top