رئيس إيراني ذهبي..للتوقيع أم للتوريث
2021-06-21 07:55:47
انتهت الانتخابات الرئاسية الإيرانية بالفوز المتوقع للمرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، وبفارق شاسع عن منافسيه الثلاثة. ذاك أن هذه الانتخابات لم تُحسم في صناديق الاقتراع أو المناظرات بين المرشحين. الانتخابات حُسمت في مجلس صيانة الدستور الذي حجب مرشحين بارزين على رأسهم اسحق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني، وعلي لاريجاني رئيس مجلس الشورى، ما ترك رئيسي وحيداً في الميدان، وهو ما يُفسر نسبة الاقتراع المتدنية (حتى النسبة الرسمية، وهي 48٪، غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الاسلامية في إيران- كانت نسبة المشاركة عام 2009 85%). حتى إن بعض الصحافة الإيرانية تحدث عن "صمود" مرشحين آخرين، إذ أن انسحابهم كان حوّل هذه الانتخابات الخالية من المضمون، إلى مبايعة أو استفتاء على مرشح واحد وحيد.
وفوز رئيسي يتزامن مع وصول محادثات فيينا الى مرحلتها الأخيرة، إذ انتهت الجولة السادسة منها، على أن تبدأ السابعة (والأخيرة بحسب بعض التوقعات) مطلع الشهر المقبل. وفي حال صحّت التوقعات عن عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي في ظل حكومة روحاني، فإن هذه فُسحة زمنية قصيرة جداً، كون ولاية الرئيس الحالي تنتهي في الثالث من آب (أغسطس) المقبل. ووزير الخارجية الايراني الحالي محمد جواد ظريف من أنصار هذا الفريق "المتفائل" حيال احتمال الانتهاء من الاتفاق قبل رحيل حكومة روحاني. وهناك من يُرجح أيضاً أن تخلص الجولة السابعة من محادثات فيينا الى اتفاق نهائي في 14 تموز (يوليو) المقبل، أي في الذكرى السنوية للتوقيع على الاتفاق النووي عام 2015.
على الجانبين الأميركي والإيراني تحصيل موافقة سياسية من واشنطن وطهران قبل الخروج بإعلان في هذا المجال، إذ تُفيد مصادر الدول الوسيطة والشريكة في الاتفاق، أي روسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، أن التفاصيل باتت شبه منجزة بعد شهور من التفاوض (بدأت المفاوضات في اليوم الثاني من نيسان-أبريل الماضي). الأسئلة المطروحة اليوم هي سياسية، وعلى ارتباط بكيفية اخراج العودة الى الاتفاق ايرانياً، سيما أن صحيفة "نيويورك تايمز" ومصادر أخرى أشارت الى أن الاتفاق أُنجز تقريباً بانتظار نضوج ظروف إعلانه لدى الجانب الايراني.
هناك من يرى أن الهدف هو انجاز روحاني الاتفاق، ومن ثم تشدد رئيسي في التنفيذ ولو شكلياً، وإظهار ثنائية إيرانية في مقابل الثنائية الديموقراطية-الجمهورية الأميركية. ديموقراطي يُوقع، وآخر جمهوري ينسحب. وعلى الجانب الإيراني، رئيس إصلاحي يُوقع، وآخر مُحافظ يتشدد في التنفيذ ويلوم السابق، ويُدافع عن حقوق بلاده المهدورة. مثل هذا السيناريو يحصر التوقيع بحسن روحاني، إذ يصير الرجل مسؤولاً عن اتفاقين نووين، لا واحداً، بما يُتيح لخليفته فُسحة لانتاج سياسة إيرانية جديدة والتنصل من فشل الاتفاق في جلب فوائد اقتصادية أو عدم التزام الجانب الأميركي به بعد نهاية ولاية الرئيس جو بايدن في واشنطن.
وقد تصح أيضاً فرضية أن رئيسي سيحصد فوائد الاتفاق من دون تحمل تكاليفه، وأن الانفراجة الاقتصادية (في حال حصولها) ستكون من نصيبه وتُحتسب في سجله. كل ما سبق ليس متناقضاً في المضمون، ذاك أننا أمام مرشح ذهبي للنظام يُؤمل منه ضمان الديمومة أو الاستمرارية. إذا كان الاتفاق مفيداً في هذه المرحلة، ويُقدم وفرة مالية لا بد منها، سيستفيد رئيسي من ذلك. وفي حال تراجع الفائدة الإيرانية من الاتفاق، وخيبة الشعب الإيراني من ذلك، روحاني سيتحمل المسؤولية.
عملياً، نحن نقترب من مرحلة تناغم بين أجنحة النظام، لا بل قد تتضافر جهوده جميعها لانجاح تجربة رئيسي، تمهيداً للعب دور أكبر مستقبلاً، تماماً كما انكب الجميع على تصميم انتخابات على مقاس مرشح واحد.
وكالات