منذ الصباح الباكر، بدأت جموع من المواطنين السوريين بالتوجّه إلى السفارة السورية في منطقة اليرزة، للاقتراع لرئيس النظام بشار الأسد. ووسط إجراءات أمنية مشدّدة في الحازمية على طول خط الصياد وصولاً إلى منطقة الجمهور، عملت وحدات من الجيش على تنظيم حركة العابرين، وخصّصت ممراً خاصاً لجمهور الأسد. ولعلّ أبرز ما يختصر المشهد، هتاف "بالروح، بالدم، نفديك يا بشار"، إلا أنه عندما يواجه مراسلاً أو مراسلة تلفزيونية الهاتفين بالسؤال عن سبب عدم مشاركتهم بهذه الانتخابات من الأراضي السورية، يكون الجواب "بيخدونا عالجندية". ماكينة الحشد والبروباغندا عملت منذ أيام في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية، فسيّرت مواكب مع مكبّرات صوت دعت الجموع السورية إلى انتخاب الأسد اليوم في السفارة. كما تمّ تخصيص محطّات لنقل الناخبين من المناطق. لكن بين هذه الماكينة وعشرات آلاف العمال السوريين، يبقى السؤال الأهم حول مصير مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين لن يقترعوا. ودفع تسيير المواكب الانتخابية اليوم واستفزازات رفع صور بشار الأسد ورايات نظامه على مختلف الطرقات اللبنانية، مئات الشبان إلى تحديد نقاط للانقضاض على هذه المواكب وتكسير سياراتها والاعتداء على من فيها.اعتداءات وتكسيرالمشهد الأمني الأبرز كان عند المسلك الغربي لأوتوستراد يسوع الملك قبل نفق الضبية، حيث احتشد المئات من الشبان التابعين للقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ مقابل تجمّع عدد من الباصات والسيارات التي تحمل صور الأسد وأعلام الحزب القومي السوري. فتمّ تكسير الموكب وضرب من فيه، وتدخّلت قوّة من الجيش على الأثر وعملت على فض الإشكال، وفتح الطريق ليكمل بعدها الموكب طريقه باتجاه اليرزة. إشكال آخر سجل في ساحة ساسين في الأشرفية، حيث تم تحطيم ثلاث سيارات كانت تجوب المنطقة رافعة صور الأسد، وعملت القوى الأمنية بعدها على تفريق المتجمهرين. وتكرّر المشهد أيضاً في منطقة الناعمة، حيث تم تكسير حافلات ألصقت على زجاجها صور الأسد، وعملت قوّة من الجيش على تهدئة الوضع. وعمد المحتجّون على إحراق صور الأسد وأعلام النظام السوري. المشهد الانتخابيلم يكن أحد ينتظر مشهداً مختلفاً أمام السفارة السورية في اليرزة. الآلاف يرفعون صور رئيس النظام السوري ويطلقون الهتافات، وعدد كبير منهم يتحضّر للاقتراع بالدم. وعمدت وحدات من الجيش اللبناني إلى قطع الطريق المؤدية إلى السفارة بالقرب من وزارة الدفاع، حيث نصب حاجز تفتيش دقيق وتم إدخال الناخبين على مجموعات من 50 شخصاً أو أقلّ حرصاً على اجراءات الوقاية من وباء كورونا وتحقيقاً للتباعد الاجتماعي. وكانت النظام قد حدّد نقاط تجمّع في مختلف المناطق اللبنانية لتسيير باصات ومواكب تقلّ الناخبين باتجاه السفارة. وفي هذا الإطار، تم رصد عشرات محطّات الحافلات، منها في جبل محسن والنبطية وبعلبك وفي الشويفات والكولا، حيث كان لافتاً توقّف معظم ورشات العمال المياومين بسبب الانتخابات السورية. وسجّل وفاة أحد المواطنين السوريين في منطقة البقاع، جراء إصابته بنوبة قلبية في أحد الباصات التي كانت تقلّ الناخبين إلى السفارة.كورية وصليباوصباحاً، توجّه كل من مطران بيروت للسريان الأرثوذكس دانيال كورية ومطران جبل لبنان جورج صليبا إلى السفارة، وأدليا بصوتيهما. وفي هذا الإطار قال كورية إنه "اليوم نشارك مع أهلنا السوريين في عرسهم الديموقراطي ونصلّي لأجل الرئيس السوري البطل، الذي تحمل وصبر، وان شاء الله سينتصر، ونصلي من أجل الشعب السوري والجيش العربي السوري الباسل ومن أجل قيادة سوريا الحكيمة التي قاومت". كما أضاف "نؤمن بأن هذه الانتخابات ستكون نقطة انطلاق جديدة وقوة دفع جديدة لتعود سوريا أقوى وأجمل وأروع مما كانت، ونصلي لراحة انفس الشهداء الذين بذلوا الدماء من أجل خلاص البلاد من التكفيريين ومن كل الارهابيين. ونسأل التوفيق للجميع".السفير السوري
وعلّق السفير السوري في لبنان، علي عبد الكريم علي، على الاعتداءات التي طالت حافلات الناخبين السوريين مشيراً إلى أنّ هذه الاعتداءات "مؤلمة ولا تليق باللبنانيين". وأضاف في إطلالة متلفزة أنّ "ما يحصل يجب أن يسعد اللبنانيين. والسوريين يرغبون بالعودة إلى بلادهم". وأشار إلى أنّ "الكلام التحريضي على العلاقة بين لبنان وسوريا إلى تراجع والكلام العنصري لا يفيد البلدين".