درسٌ وجيزٌ من سنةِ 2016 لشربل وهبه وأَضْرابِه...
لفْتُ نظر برَسْمِ عنصريّينا السُفهاء، مُحَقّّري البَداوة ومن يسمّون أهلَها "رعيانَ الغنم":
تقليدياً، كان أكثرُ البدو في الجزيرة العربية رعاةَ جِمالٍ وأقلُّهم رعاةَ غَنَم. فيما كان هذا الميزان معكوساً في بلاد الشام والعراق... أي عندنا أيضاً... إذ لا يَعْرفُ البدوُ حدودَ الدول، والحدودُ حديثة النشوء، في كلّ حال. وعلى الدوام، كان "الجمّالون" المقاتلون يزدَرُون "الغنّامين" الميّالين إلى المسالمة (و"المعّازين" أيضاً، ومنهم اللبنانيون)... وكان هؤلاء يخشون أولئك ويعتصمون بالجبال العاقّة خوفاً من البدو بالدرجة الأولى، لا طلباً للاستقلال عن السلطان كما تعلّموا أن يقولوا لاحقاً.
فضلاً عن ذلك، يزْعُم حَضَريو اليوم أفضليةً على البداوة وهي نظامُ حياةٍ كانوا، لعقودٍ قليلةٍ خَلَتْ، يفاخرون بانتسابٍ ما إلى عشائره (لا دليلَ على صحّته في الأغلب). وقد أصبَحوا، اليومَ، لا يعرفون عنه شيئاً، على ما يظهر. ومن بين ما لا يعرفونه أن البدو كانوا يرْعُون ضوابطَ في العلاقات بينهم تجعل نظامَ حياتهم أقلّ همجيةً بما لا يقاس ممّا نعاينه اليوم على أيدي الحَضَر المزعومين.
اليومَ يزْعُم نَسْلُ "الغنّامين" و"المعّازين" أفضليةً على نَسْلِ "الجمّالين"، وهذا بعدَ أن شارفَت البداوةُ كلّها على الانقراض. ومن البداية، لم تكن المفاضلةُ سوى مفاضلةٍ بين حيوانات. هذا بينما كان الإنسانُ في الجهتين (ولا يزال) أسوأَ الحيوانات قاطبةً في أرجح الظنّ...(*) مدونة نشرها الباحث والمؤرخ أحمد بيضون في صفحته الفايسبوكية العام 2016، ونعيد نشرها بالتزامن مع الضجة التي أثارها تصريح الوزير السابق شربل وهبة حول البداوة والأزمة التي أحدثها مع بلدان الخليج العربي.