أصدرت مجموعة من الشخصيات السورية المعارضة بياناً، حيّت فيه صمود الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وقالت إن المقاومة الشعبية الفلسطينية ربحت في هذه المواجهة الرهان الاستراتيجي وأثبتت وجودها كقوة يحسب حسابها.
وجاء في البيان: سطر شبابنا وشاباتنا في فلسطين المحتلة فصلاً جديداً في ملحمة مقاومتهم البطولية للاحتلال وسعيهم لانتزاع حقوقهم العادلة وفي مقدمها الحق في تقرير المصير على أرضهم. وبمقدار ما أظهروا استعدادهم للتضحيات الكبرى؛ كسرت انتفاضتهم الجديدة شوكة الاحتلال ووجهت ضربة لغطرسته ووضعت حداً لإمكانية الهرب من العقاب. لقد ربحت المقاومة الشعبية الفلسطينية في هذه المواجهة الرهان الاستراتيجي وأثبتت وجودها كقوة يحسب حسابها بعدما تمادت تل أبيب في أعمال التدمير الانتقامية التي تستهدف المدنيين من دون تمييز، والمباني العامة والبنى التحتية في قطاع غزة المحاصر.
ففي مواجهة احتلال استيطاني عنصري، ورداً على اقتحام المتطرفين اليهود للحرم القدسي، وعلى قرار المستشار القضائي لحكومة تل أبيب ترحيل العائلات المقدسية من حي الشيخ جراح؛ اندلعت في 10 أيار/مايو 2021 انتفاضة فلسطينية عارمة تجدد عهد الانتفاضات المستمرة منذ أكثر من قرن ضد الاحتلال. وانتقلت المواجهات من القدس إلى عكا واللد وعسقلان وغزة ورام الله وانتشرت في كل مدن وقرى فلسطين، كما أثارت تعاطفاً كبيراً في أوساط الرأي العام العربي والعالمي وأعادت القضية الفلسطينية إلى مركز اهتمام الدبلوماسية الدولية بعد أن اعتقدت القوى العنصرية الإسرائيلية والعالمية المعادية للعرب والفلسطينيين أنها في طريقها إلى كسب معركة تهويد البلاد وإجلاء ما تبقى من شعب فلسطين من أرضه وتدنيس مقدساته وإجباره على الاستسلام.
لقد كشفت هذه المواجهة غير المتكافئة حقيقة الجوهر العنصري للنظام الإسرائيلي القائم، وأسقطت صفقة القرن المشؤومة، كما أبرزت عبثية الرهان على الدبلوماسية الدولية وعلى التعاون مع سلطة الاحتلال في التوصل الى حل يحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وفضحت بالمناسبة ذاتها أدعياء المقاومة وميليشياتهم الطائفية التي استخدمت شعار تحرير فلسطين لتبرير التآمر على ثورة الشعب السوري والمشاركة في حرب الإبادة الجماعية وإزهاق أرواح مئات آلاف الأبرياء وتهجير الملايين منهم، دفاعاً عن عرش ديكتاتور صغير وخدمة لمصالح طهران التوسعية.
لقد كشفت هذه المواجهات أيضا التماثل والتشابه والتكامل بين النضال الفلسطيني ضد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي وبين نضال الشعب السوري ضد نظام الإبادة في دمشق وأظهرت للعالم كيف يخوض السوريون والفلسطينيون معركة واحدة، بالرغم من اختلاف الأسماء والمواقع، وضد عدو واحد، عدو السلام والحق والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. ولا يماثل القصف الوحشي لأكبر مخيم لاجئين في العالم إسمه غزة سوى التدمير الجنوني المستمر للمدن السورية على يدي طاغيتها منذ سنوات.
وجاءت هذه الانتفاضة الوطنية لتؤكد لجميع المناضلين من أجل الحرية مجموعة من الحقائق يجدر بكل الحركات التحررية وفي مقدمهم السوريون الذين يخوضون غمار حرب شرسة ودموية ضد تحالف عدواني وعنصري غاشم، أن لا يتهاونوا بها. أولها، أن وحدة القوى الوطنية هي شرط التقدم في معركة الحرية في كل زمان ومكان؛ وأن عدم التوازن في القوى العسكرية لا يعني عدم القدرة على المقاومة وتحقيق المكاسب السياسية والاستراتيجية على طريق الانتصار؛ وأن تفوق الحركات الثورية لا يكمن في قوة سلاحها وإنما في قوة إرادة مناضليها وإيمانهم الذي لا يتزعزع بعدالة قضيتهم وقدرتهم على المبادرة والتنظيم والتمسك بالأمل مهما كانت الظروف والتحديات؛ وأنه لا توجد قوة يمكن أن تقهر إلى الأبد إرادة شعب تمسك بأرضه وآمن بحقه في الحرية والبقاء.
لقد أكدت في الوقت ذاته، للأسف، وللمرة الألف، خطأ الرهان على منظمات الأمم المتحدة لوقف نزيف الدم والحد من تغول قوى السيطرة والاحتلال، وأظهرت حالة الشلل التي يعيشها المجتمع الدولي بسبب تعطيل العمل بالمواثيق الدولية من قبل دول مركزية جعلت من أولوياتها دعم التطهير الإثني في فلسطين وغض النظر عن تطبيق سياسة الانتقام الجماعي، وتوفير الحماية الدائمة في مجلس الامن للعدوان الإسرائيلي.
تحية إجلال لشهداء فلسطين، وتحية إكبار لصمود شعبها البطولي في وجه محتليه، وتحية لجميع الأصوات الحرة في عموم بقاع الأرض التي امتلكت الشجاعة لتقول كلمة الحق ولم تتوقف عند الإدانة الواضحة لسياسات التمييز العنصري الاسرائيلية فحسب وإنما لم تتردد أيضاً في فضح مؤامرة الصمت وتواطؤ الحكومات الاستعمارية التي كانت ولا تزال الداعم الأول للمشروع الاستيطاني العنصري في فلسطين.
ووقع على البيان كل من: رياض حجاب، برهان غليون، أحمد معاذ الخطيب، أيمن أصفري، ناصر سابا، مروان قبلان، أحمد رحال، رياض نعسان آغا ومحمد صبرا.