منذ عام ونصف العام يحصد اللبنانيون نتائج سياسات الهدر والفساد التي استمرت لعقود: هجرة أطباء وممرضين ومهندسين، وأساتذة جامعيين، نتيجة تراجع مستوى الدخل، وتجنباً للعوز والفقر الذي بات يهدد معظم اللبنانيين. وفيما يصارع وزير التربية، طارق المجذوب، لتنظيم امتحانات لشهادة صفوف الثانوي، التي ستقتصر عملياً على طلاب بعض المدراس الخاصة، التي تمكنت من تعليم الطلاب عن بعد، ينحدر القطاع التربوي اللبناني إلى قعر القعر. وفيما يفكر المسؤولون بالطرق السهلة لرفع الدعم عن الدواء والغذاء، لم يلتفتوا بعد إلى كارثة ستنفجر في مطلع العام الدراسي المقبل. فوزير التربية منشغل بكيفية تأمين تمويل وجهات مانحة لشراء أوراق ومحابر لطابعة أسئلة الامتحانات الرسمية، لتقطيع هذا العام الكارثي، تاركاً، مثل الحكومة المستقيلة، قضايا الجامعة اللبنانية للحكومة المقبلة لتدبر نفسها بنفسها. العام المقبل لا جامعة لبنانية
ففي جلسة لجنة التربية النيابية التي عقدت الثلاثاء في 4 أيار، والتي غاب عنها وزير التربية طارق المجذوب، استمع أعضاء اللجنة إلى رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب. وأكد عضو اللجنة النائب إدغار طرابلسي أن رئيس الجامعة أثار قضية مقلقة جداً بخصوص مستقبل الجامعة. فقد أبلغهم أن الجامعة لن تتمكن من تنظيم العام الدراسي المقبل بسبب هجرة الأساتذة المتعاقدين إلى جامعات في دول الخليج والخارج، بسبب عدم تثبيتهم. وستعاني الجامعة من نقص كبير في عدد الأساتذة.
وشرح طرابلسي في حديث لـ"المدن" أن أعضاء اللجنة استمعوا إلى رئيس الجامعة الذي عرض المشاكل اللوجستية في كيفية انهاء العام الدراسي، مؤكداً أنه يعمل على حلها من خلال استقدام لقاحات لأهل الجامعة. فهو لن يقبل بأن ينتهي العام الدراسي من دون إجراء امتحانات حضورية للطلاب. لكن الجامعة ستعاني في العام الدراسي المقبل، كما أبلغهم أيوب، مقدماً سلسلة اقتراحات قوانين لحل هذه المشاكل. لن ينتظروا طويلاًوأثار أعضاء اللجنة قضية عدم تلقي أساتذة متعاقدين كثر رواتبهم من أشهر طويلة، بعدما تبين أن موظفين في الجامعة ارتكبوا أخطاء في إعداد الملفات التي أعيدت للتدقيق فيها من جديد. ووعدهم أيوب أن يسرع العمل على حلها، كما قال طرابلسي. لكن هجرة أساتذة الجامعة تبقى مشكلة أساسية يجب تداركها.
مصادر رئيس الجامعة أكدت لـ"المدن" أن كلام طرابلسي يعوزه الدقة. فهو لم يبلغهم عن هجرة الأساتذة. فأساتذة الجامعة اللبنانية من أصحاب الكفاءات العليا. وهم مرغوبون في الخارج، ولكنهم حتى الآن باقون لإيمانهم بهذه الجامعة وتعلقهم بعائلاتهم ووطنهم. ولكن إلى متى سينتظرون؟
وأضافت المصادر أن أيوب عرض عليهم إنجازات الجامعة لهذا العام، وكل ما مرت به من مشاكل منذ بداية انتشار الجائحة، والخطة الموضوعة لإنهاء العام الدراسي الحالي. وأبلغهم أن انهاء العام الدراسي الحالي بيد الجامعة، أما بداية العام الدراسي المقبل فليس كذلك، إذا لم يتم العمل للحفاظ على الأساتذة الذين تحتاجهم الجامعة، وتفريغهم وفق استيفاء شروطهم. فيجب عدم التذرع باستقالة الحكومة، وإقرار تفريغهم بموجب قانون معجل مكرر، طالما أن الوضع الحكومي على ما هو عليه. لن يقفوا مكتوفي الأيديكما عرض أيوب واقع الموظفين في الجامعة وحاجتها لـ2303 موظفين لتغطية الوظائف الملحوظة في المراسيم. فقد استهلكت الجامعة أهلها جراء مسايرتها للتوجه العام للدولة بعدم التوظيف. لذا، قدم أيوب مشاريع قوانين تتعلق بإجراء مباراة محصورة بالمدربين الحاليين كي تدرسها اللجنة وترسلها إلى مجلس النواب ليتخذ القرار المناسب بشأنها. ومشاريع أخرى تتعلق بتفريغ الأساتذة المستحقين، من خلال قانون معجل مكرر. وخلاف ذلك فإن الأساتذة لن يقفوا مكتوفي الأيدي. ولن ينتظروا قبض رواتبهم بموجب بدعة عقود المصالحة ومن دون وجود أدنى مقومات الأمان الصحي والاجتماعي.