أنا من الذين فاتتهم أخبار سعدي. علمت أنه في المستشفى في حال خطرة، ثم فهمتُ أنه خرج منها. واليوم فهمتُ من مقالة لالياس خوري أن وزير الصحة العراقي، اعتذر عن اسعاف سعدي بعدما وعد بذلك. السبب هو تكالب مثقفين عراقيين على رفض هذه الخطوة... تكالب مثقفين لسعهم سعدي بتغريداته وآرائه الأخيرة. لا أطمح إلى الدفاع عن مواقف سعدي الأخيرة ولا عن لسعاته، علماً أنه نالني شيء منها، فقد وصمني بشتيمة لا أريد أن أذكرها وليس هذا وقت ذلك. لم أجب، فهذا هو مزاج سعدي والكل يعرفه ويغض عنه.
لم أجب إلا بدفاع عن سعدي، حين تجاهله مؤتمر الشعر في القاهرة في جائزته. كانت هذه مناسبة لاستعادة مقالة محمود درويش حين سئل عن أهم شاعر عربي. جواب محمود درويش، وهو من هو في شهرته واسمه، ان الاهم هو سعدي يوسف. جواب محمود ينم بالتأكيد عن نزاهة وكبر نفس، لكنه ليس ذلك فحسب، انه باعث على التفكير، فليس اعتباطاً أنه قال ذلك ولا تكرماً. شعر سعدي يرشحه لمكانة كهذه. منذ "قصائد مرئية"، وسعدي يواصل تجربة تجعله بين الشعراء العرب، أجدرهم بأن يكون صاحب قصيدة مفردة وعالم شعري خاص... قصيدة يبني فيها وعليها ديوانًا بعد ديوان. حين يحين الوقت لمراجعة شعر المرحلة الراهنة، لا بد أن يقف النقد عند هذه الميزة التي هي أيضاً أصالة حقيقية. عندها ربما يقع النقد على شعر سعدي كتجربة هي الأكثر اكتمالاً والأكثر تأصيلاً. لقد أسس سعدي لحداثة تمنح الشعر، ليس فقط تجربة كاملة، لكن أيضاً تجربة قابلة للذهاب عمقاً ولإيجاد وجهة متوالية.بين القصائد التي صنعها رواد الحداثة الراهنة، شِعر سعدي هو من القلّة التي يصح أن نعتبرها قصيدة.(*) مدونة نشرها الشاعر والروائي اللبناني عباس بيضون في صفحته الفايسبوكية.
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع