الأبواب الحكومية مقفلة من مختلف الجوانب، لكن الرهان ما زال قائمًا على مبادرة الرئيس نبيه بري الداعية إلى حكومة من 24 وزيرا، بدون ثلث معطل، والتي كان ينقصها بعض الوقود لتتحرك، وهو ما وفرته له بكركي، التي تريد حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، ولا يعنيها العدد أو المقاعد وسواهما من أمور تقنية، وليست لديها خطوط حمراء بالنسبة لرئاسة الجمهورية، كما أكد البطريرك بشارة الراعي شخصيا بالأمس لوفد من المجموعات الثورية مشترطا في حال كان لابد من التغيير على المستوى الرئاسي ان يتم عبر الوسائل الدستورية المعروفة.
ولفت هنا استقبال البطريرك بشارة الراعي لوفد إيراني برئاسة د.حميد شهرياري الذي أكد بعد اللقاء أن «هناك تلاقيا مع البطريرك حول ضرورة تكثيف الجهود بين الديانات للتوصل إلى السلام العادل والتمسك بالوحدة الوطنية للحفاظ على حرية وسيادة لبنان».
ومبادرة بري تتطلب المراعاة وحسن التفهم من حزب الله أيضا، وهذا ما اكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال حفل تأبيني أقامه «تجمع العلماء المسلمين» للشيخ الراحل أحمد الزين، قائلا ان «الكل يجمع أن المدخل الذي يساعد على وضع الأمور على طريق الحل هو تشكيل الحكومة، وآن الأوان للذهاب لمعالجة حقيقية للمشاكل».
وأضاف «أقول للبنانيين لا تيأسوا، ونحن لسنا في موقع اليأس، وهناك خلال هذه الأيام جهود جادة وجماعية لتذليل العقبات الحكومية، لأن الجميع عليه أن يعلم أن البلد استنزف وقته وحاله وروحه».
في هذه الأثناء، استقبل الرئيس نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، العائد من باريس، حيث جرى عرض للأوضاع العامة وآخر المستجدات الأمنية والسياسية.
وطبيعي ان يهتم بري بكيفية توزيع الحقائب في حكومة الـ 24 وزيرا المقترحة، حيث سيكون لكل من الطوائف الرئيسة الثلاث (الموارنة والشيعة والسنة) خمسة وزراء، والتسعة الباقية مثالثة بين الأرثوذكس والدروز والكاثوليك، وداخل كل طائفة أو مذهب.
وتوقعت مصادر نيابية لـ «الأنباء» حصول تواصل مباشر، أو عبر موفدين، بين الرئيس ميشال عون ورئيس المجلس النيابي، ليبلغه استعداد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للتنازل عن الرقم 18 والقبول بإضافة المزيد من المقاعد الوزارية، ضمن الالتزام برفض أي ثلث معطل داخل الحكومة لأي طرف، وغاية هذا التواصل صدور إعلان من الرئيس عون بالابتعاد عن أي طرح يؤدي إلى الثلث المعطل.
ويفترض ان يساعد سحب الاستدعاء، الذي وجهه المدعي العام المالي علي إبراهيم إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل للتحقيق معه بقضية بواخر الكهرباء التركية، في تذليل العقبات بين بعبدا وعين التينة.
ويتسلح الحريري بالمبادرة الفرنسية، وكذلك بدعم نبيه بري ووليد جنبلاط، إلا أن صدور بعض التغريدات الضارة عن أشخاص محسوبين عليه زادت البعاد بينه وبين حلفاء مفترضين له، كالقوات اللبنانية وبعض الجهات العربية، التي بدا من هذه التغريدات والمواقف انه بصدد قطع شعرة معاوية مع هذه الجهات، الأمر الذي يقلق أوساطه قبل غيرها!
وقد لاحت في هذا الوقت إمكانية الاستعانة بالرافعة المصرية لتعويم سفينة الحكومة الجانحة في ممر تحالف التيار الحر ـ حزب الله، وهو ما يؤكده إعلان سفير مصر ياسر علوي من عين التينة بعد لقاء الرئيس بري من ان بلاده تجري حراكا صامتا من أجل تأليف حكومة إنقاذية في لبنان، والخروج من هذا المأزق.
بدوره، لفت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، صاحب اقتراح الـ 24 وزيرا، أمس، إلى ان هناك أشخاصا يحيطون بالرئيس ميشال عون لا يريدون سعد الحريري رئيسا للحكومة، ويحاولون إيجاد صيغ دستورية، بشتى الوسائل، للتخلص منه.
وفي تصريح لصحيفة «لوريان لوجور» الناطقة بالفرنسية، رأى جنبلاط ان هناك سببين يرتبطان بالمأزق الحالي، ويتمثلان بضعف العلاقات غير الجيدة بين الحريري وباسيل، بالإضافة إلى الإرادة الإيرانية بعدم تخفيف القبضة حول لبنان، وتطرق جنبلاط إلى أبرز ما دار في لقائه مع عون في 20 مارس الماضي في بعبدا والذي أتى بناء على طلب الأخير، وكيفية تأليف الحكومة.
من جهة أخرى، نظمت مجموعات من الحراك الشعبي مسيرة انطلقت من ساحة رياض الصلح إلى بيت الوسط مرورا بمجلس النواب تحت شعار «الدستور مش لعبة بايديكم».
وحمل المشاركون لافتات كتب عليها: «رئيس حكومة أقاله الشعب ما بيرجع، ارحلو ـ جمهورية رئيسها مرتهن هي مرتهنة».
في غضون ذلك، قطع ناشطون الطريق عند تقاطع شارع مار إلياس ـ كورنيش المزرعة أمام ثكنة الحلو احتجاجا على توقيف 3 ناشطين، منذ ثلاثة أسابيع، من دون محاكمة أو جلسات.