لا يزال الملف الحكومي على حاله من الجمود القاتل لا سيما مع تنامي الأزمات الاجتماعية والاقتصادية تحت تأثير جنون الدولار، والمعطوفة على تحركات شعبية تقطّع أوصال الوطن، فيما اللقاءات والمشاورات مستمرة داخليا وخارجيا، لكن النتائج مكانك راوح، حيث ما يزال التوافق على قواسم حكومية مشتركة رغم الجهود المبذولة بعيد المنال.
من بكركي مرورا بعين التينة وصولا الى أبوظبي حضر الملف الحكومي بين البطريرك بشارة الراعي واللواء عباس إبراهيم الذي ما يزال يحمل مبادرة الـ 18 وزيرا من دون “ثلث معطل” مع التوافق على وزير الداخلية والبلديات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. إضافة الى معلومات حول لقاء عقد بين الرئيس نبيه بري ووفد من الحزب التقدمي الاشتراكي كانت الحكومة الطبق الرئيسي فيه، فضلا عن اللقاء الذي عقد بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي شكل محطة هامة للرئيس المكلف الساعي بحسب قوله الى “حشد الدعم الدولي للبنان والاستفادة من “الوقت الضائع” بهدف إعادة وصل ما إنقطع من علاقات بين لبنان وسائر الدول”.
لا شك في أن لقاء الحريري ـ لافروف يمكن أن يؤسس لكثير من الايجابيات لما لروسيا الاتحادية من حضور فاعل في المنطقة ولما لديها من إهتمام بلبنان يتجسد بلقاءات مستمرة بين مستشار رئيس الجمهورية أمل أبو زيد ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إضافة الى الحركة الدائمة لمستشار الحريري جورج شعبان مع المسؤولين الروس.
لذلك، فقد حرص الحريري منذ البداية على التوجه نحو روسيا، حيث تشير المعلومات الى أنه سبق وطلب موعدا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكن إرتباطات رئاسية حالت دون ذلك، فطلب موعدا ثانيا مع رئيس الحكومة ميخائيل ميشوستين فكان جوابه أنه يتمنى أن يستقبل الحريري رئيسا للحكومة وليس رئيسا مكلفا، وأن تكون زيارته على رأس وفد وزاري للبحث في العلاقات والمشاريع الثنائية بين البلدين.
لذلك، فقد تأجلت الزيارة الى أن قرر وزير الخارجية لافروف بزيارة أبوظبي والرياض والدوحة، حيث عقد اللقاء مع الحريري المتواجد في أبو ظبي.
بدا واضحا أن روسيا تحرص على توازن دقيق في التعاطي مع الأفرقاء اللبنانيين، فبعد أن إستقبل بوغدانوف أمل أبو زيد يوم السبت الفائت، عقد اللقاء أمس بين الحريري ولافروف، وكان بيان وزارة الخارجية واضحا حيال تشكيل حكومة تكنوقراط من الوزراء المؤهلين بدعم من كل القوى السياسية والطائفية، ما يعني وقوف روسيا التي تدعم المبادرة الفرنسية في الوسط بين الرئيسين عون والحريري.
لكن اللافت هو إعلان الجانب الروسي بأن البحث تطرق مع الحريري الى أزمة النازحين السوريين، علما أنه سبق وتم تأليف لجنة ضمت أمل أبو زيد وجورج شعبان لمعالجة الأزمة من خلال مؤتمر للنازحين برعاية روسية لكنها باءت بالفشل.
وترى مصادر متابعة أن البحث الروسي المعمق مع الرئيس الحريري في القرار الأممي 2254 والذي ينص على عودة النازحين السوريين الى بلادهم هو أمر مطلوب روسياً بأن يكون على الأجندة الحريرية.
وتشير هذه المصادر الى أن اللقاء بين الحريري ولافروف هو حتما جيد من حيث الشكل والمضمون، لكنه لا يمكن أن يقدم شيئا على صعيد تشكيل الحكومة التي يبقى توقيع مراسيمها في قصر بعبدا الذي قد يزوره الحريري اليوم بروتوكوليا لكن من دون فتح أي ثغرة في جدار الأزمة، خصوصا أن الروس يقفون على مسافة واحدة من كل الأطراف اللبنانية، وهم لن يمارسوا أي ضغط على أي جهة سياسية داخلية، ولن يدخلوا في وساطة مع أي دولة إقليمية وخصوصا السعودية التي ما تزال أبوابها مقفلة في وجه الحريري وتصر على موقفها بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة.