هل يكون حظ وساطة إضافية غير محسوبة لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب افضل من وساطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي او من المبادرة الفرنسية اللتين قبعتا منتظرتين في النهاية توقيت الساعة الإقليمية الذي فرض إيقاعه على لبنان تحالف معطلي تشكيل الحكومة الجديدة ؟ ولماذا سيعطى الرئيس دياب ما لم يعط سواه، وهو المستعجل مع حكومته المستقيلة التخفف من مواجهة تبعات ومسؤوليات اعتى واخطر الظروف التي يمر بها لبنان تحت وطأة جائحة كورونا أولا، ومن ثم تداعيات الكوارث والانهيارات التي تعاقبت طوال سنة كاملة من عمر هذه الحكومة؟
الواقع ان هذه التساؤلات المحفوفة بالشكوك بدت بديهية عقب قيام الرئيس دياب بتحرك مفاجئ محاولاً كسر الجمود في عملية تشكيل الحكومة الجديدة وتحريك قنوات التواصل بين بيت الوسط وقصر بعبدا مرورا بعين التينة في حين تشير كل المعطيات والوقائع الى استمرار تحكم قرار التعطيل بهذا الاستحقاق. ولكن حركة دياب، ولو وسط التشكيك الواسع في احتمالات نجاحها، لاقت أصداء إيجابية لجهة ان الرجل شاء احياء ذكرى مرور سنة كاملة امس على تأليف حكومته بمبادرة لحض المعنيين على تشكيل الحكومة الجديدة بما يشكل ضغطا معنويا وسياسيا إضافيا لانهاء مرحلة تصريف الاعمال التي لا تقوى اطلاقا على مواجهة مزيد من التداعيات الدراماتيكية للازمات في ظل استفحال كارثة الانتشار الوبائي. ومع ذلك تفيد المعطيات المتوافرة ان المأزق الحكومي لا يزال على حاله وان اللقاءات الديبلوماسية التي عقدها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في الساعات الأخيرة مع عدد من السفراء ابرزهم سفراء فرنسا وروسيا ومصر، واشارة الحريري الى انه سيقوم بمزيد من الزيارات الى الخارج، تعكس مضي الرئيس المكلف في ملء مرحلة انتظار حلحلة موقف العهد بتعبئة ديبلوماسية لدعم لبنان في المجالات الأكثر الحاحا بدءا بما أكده الحريري امس للمرة الأولى من انه يسعى بقوة الى توفير اللقاحات ضد كورونا. اما الازمة الحكومية فستكون من اليوم في خانة الرصد لجهة ما اذا كان تسلم الرئيس الأميركي جو بايدن مهماته سيبدأ بإشاعة انعكاسات مختلفة على ازمات المنطقة ولا سيما منها لبنان الذي تستخدم ايران نفوذها فيه في صراعها مع الولايات المتحدة.
بين بيت الوسط وبعبدا
وكان الرئيس دياب زار فجأة بعد ظهر امس بيت الوسط حيث استقبله الرئيس المكلف. وأوضح دياب بعد اللقاء ان “لبنان بأمسّ الحاجة لوفاق سياسي بين مختلف الجهات ” وإذ لفت الى مرور 12 شهراً على تشكيل حكومته اكد ان “هناك توافقا مع الرئيس الحريري على أنّ الأولوية هي لتشكيل الحكومة ومعالجة كلّ الآثار على لبنان وان الرئيس الحريري أبدى انفتاحاً للتشاور مع مختلف الجهات وأحاول القيام بدور إيجابي لإعادة إطلاق عجلة التشكيل”. اما الحريري فقال “بحثنا في ضرورة تشكيل الحكومة في أسرع وقت وأبديت كلّ انفتاح للتشكيل وموقفي واضح”. ودعا اللبنانيين “الى ان نحافظ على أهلنا وأحبائنا في ظلّ انتشار كورونا والالتزام بالإجراءات وتترتّب على المواطن مسؤوليّة على صعيد مواجهة انتشار كورونا والدّولة مسؤولة أيضاً واعلن انه سيكثف رحلاته “وسأعمل جاهداً لجلب اللقاح الى لبنان في أسرع وقت ممكن”.
ومن بيت الوسط، انتقل دياب الى عين التينة حيث اكد ان رئيس مجلس النواب نبيه بري “أبدى كل استعداد للمساعدة وحلّ العقد القليلة المتبقية لتشكيل الحكومة واللقاء كان جيداً ومميزاً وستكون هناك متابعة”. واضاف “الأيادي البيضاء كثيرة ونحاول تدوير الزوايا في ما تبقى من عقبات”. ثم التقى دياب الرئيس ميشال عون في بعبدا وقال ” لمست كل استعداد من فخامته لإعادة تفعيل عملية تأليف الحكومة كما لمست ذلك لدى الرئيس سعد الحريري ودولة الرئيس بري واعتقد انه سيكون هناك لقاء قريب ان شاء الله بين الرئيس عون والرئيس الحريري في الوقت الذي يجدانه مناسبًا لمتابعة هذا الموضوع والوصول الى الحل المناسب لولادة الحكومة بأسرع وقت”. واردف “بحسب ما لمست من الجميع ان النقاط الايجابية أكبر من بعض العقد التي لا تزال بحاجة لتدوير زوايا سياسية إنما النية لدى الجميع لمتابعة التشكيل في أسرع وقت ممكن”.
في المقابل اعلن “تكتل لبنان القوي” انه “يأمل في أن يكون قد حان الوقت وإكتملت الظروف لتشكيل الحكومة التي طال انتظارها، وجدد الدعوة الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للخروج من حال المرواحة والتواصل مع رئيس الجمهورية ليشكلا معاً الحكومة الاصلاحية الموعودة وفقاً لثوابت الميثاق وقواعد الدستور”.
وفي السياق الحكومي، لفتت تغريدة للمنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الذي عين مبعوثا للأمم المتحدة الى ليبيا سأل فيها “هل ستحرك الإدارة الجديدة في واشنطن الأطراف أخيراً لتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري؟ ” وقال إن “الحكومة الجديدة لا تعني تلقائياً نهاية الأزمة، لكن لا توجد حكومة تساهم فقط في تعميق الانهيار ومعاناة الشعب”.
كورونا تستفحل
وسط هذه الأجواء، لم تتبدد الوقائع القاتمة المحيطة باستفحال تداعيات جائحة كورونا وانتشارها مع الارتفاعات المطردة والمقلقة في اعداد المصابين وحالات الوفاة واستشراء المشاكل الهائلة في القطاع الاستشفائي. وفيما قرار الاقفال التام ساري المفعول وسط التزام واسع ملحوظ بمعظم الإجراءات، دعا رئيس الجمهورية المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع استثنائي ظهر غد الخميس في قصر بعبدا. وافادت المعلومات ان المجلس سيناقش توصية خلية كورونا بتمديد الاقفال التام وسط اتجاه الى التمديد الى الأول من شباط المقبل. وسجل التقرير اليومي لوزارة الصحة امس ارتفاعا مقلقا للغاية في عدد حالات الوفيات اذ بلغ 61 وهو الأعلى في يوم واحد منذ وصول الجائحة الى لبنان فيما بلغ عدد الإصابات 4359 إصابة.
ووجه الرئيس الحريري أمس نداء ناشد فيه اللبنانيين الالتزام الصارم باجراءات الحماية وشدد على ان “هناك بالتأكيد مسؤولية على الدولة وواجبها في توفير متطلبات العيش، خصوصا للفقراء وذوي الدخل المحدود والمياومين الذين يطاردون لقمة العيش ويعجزون عن تأمين قوتهم كفاف يومهم. وهناك بالتالي مسؤولية اخلاقية تقع على المقتدرين في كل الطوائف والمناطق والاحزاب والقطاعات الاقتصادية، للتضامن والتعاون على مساعدة المحتاجين ورفع جائحة العوز والجوع عن المواطنين. لكن المسؤولية الكبرى تقع على اللبنانيين والمقيمين مجتمعين، بدءا من بيوتنا وبيئاتنا واحزابنا ومساجدنا وكنائسنا ، مسؤولية الالتزام الصارم لموجبات الوقاية والسلامة والانضباط”.