إضافة الى ھاجس الإنھیار الاقتصادي والمالي، قفز الى الواجھة الھاجس الأمني، مع تزاید المؤشرات والتحذیرات
من عملیات أمنیة وخروق تتعدى المألوف، لیصیر تراكمھا وتكرارھا الوجھ الردیف والمكمل لموجة الضغوط الاقتصادیة
والمالیة التي ترزح الساحة اللبنانیة تحت وطأتھا منذ أكثر من عام.
وقد سجلت خلال الشھرین الماضیین سلسلة أحداث ومشاكل ووقائع أمنیة، من الضاحیة الجنوبیة الى البقاع، مرورا بالطریق الجدیدة وصولا الى منطقة الشمال. ترافق ذلك مع تعاظم إحتمالات حصول إنفجار إجتماعي سیؤدي حكما الىفوضى أمنیة وأعمال عنف وجرائم وقتل وسرقة. وتسلل الى المشھد حدیث الأمن من خلال الكشف مجددا عن خلایا "داعشیة" تستعد لعملیات إرھابیة إنطلاقا من شمال لبنان، وتبادل إتھامات غیر مسبوق بین الأفرقاء باعتماد خیار التسلح، وتھدید إسرائیل بتوجیه ضربات لمواقع حزب الله في العاصمة أو الجنوب، وأخیرا ورود تقاریر عن محاولاتھا تنفیذعملیات إغتیال.
لیست المرة الأولى التي تتحدث فیھا المصادر القریبة من حزب الله عن مخاوف من قیام إسرائیل بتنفیذ إعتداءاتأمنیة في لبنان، على الحدود أو في الداخل. وفي الغالب، كان یقول خصوم الحزب إنه یستخدم التخویف من عملیاتللداخل أو محاولة لتكریس صورته كـ"مقاومة"، كلما تعرضت ھذه الصورة للإھتزاز. ولكن ھذه المرة، فزاعة " إسرائیلیة " ترتدي المخاوف أھمیة حقیقیة. واللافت ھو الحدیث الذي ُسرب في تقاریر عدة محسوبة على قریبین من الحزب عن إحباطمحاولة إسرائیلیة لاغتیال أمینه العام السید حسن نصرالله. وأدرجت التقاریر ھذه المحاولة في سیاق خطة یعمل نتنیاھوعلى تنفیذھا، مستفیدا من المھلة المتبقیة لترامب في البیت الأبیض.
إسرائیل ربما تستخدم الورقة العسكریة أو الأمنیة لممارسة الضغط في اتجاھات عدة، ولكن خصوصا في مفاوضات الناقورة خلال ھذه المرحلة. وترى أوساط متابعة أن ھناك جھازان معّرضان أكثر من غیرھما للمخاطر، وحدة العملیات
التكنولوجیة الخاصة بطائرات "الدرون"، ووحدة الصواریخ الدقیقة، ولدى الإسرائیلیین رغبة في توجیه ضربة معنویة
كبیرة لھذین السلاحین لأنھما برأیھا سیغیّران مجریات الحرب المقبلة، وإذا كان حزب الله قد أعلن عبر السید حسننصرالله صراحة عن وجود الصواریخ الدقیقة لدى الحزب، فإن المفاجأة الكبرى في المواجھة الجدیدة ستكون سلاحطائرات "الدرون" الذي بات یشكل مصدر قلق جدي لدى إسرائیل خصوصا بعد التجربة الناجحة في الیمن... وھكذا، فإنأولویة إسرائیل تبقى أستھداف "أبو الصواریخ" الدقیقة في حزب الله المعروف بـ"الحاج محسن"، فضلا عن قیاداترفیعة المستوى تعمل على تطویر سلاح "الدرون". ومن المستبعد أن تكون إسرائیل أو الولایات المتحدة في صددإستھداف الأمین العام لحزب الله السید حسن نصرالله، لأن خطوة مماثلة ستعني حكما الإنزلاق الى وضع خطیر للغایة لایمكن التكھن أین یمكن أن ینتھي.
ولكن رغم كل ھذه المخاوف والھواجس، ھناك من یرى:
١-أن الخشیة التي تساور البعض من أن یسحب التوتر الحاصل في المنطقة، والذي بلغ ذروته أخیرا في إغتیال العالمالنووي الإیراني، نفسه على الساحة اللبنانیة مبالغ فیھا، والأمور على رغم حدة الوضع وحماوته تتجه نحو تفاوضوتسویات آتیة، وما یحصل حالیا عبارة عن تجمیع أوراق لطرحھا على الطاولة لاحقا.
٢-أن الوضع الأمني في الداخل ما زال تحت السیطرة، فأجھزة الدولة المولجة (جیش، مخابرات، قوى أمن...) أثبتتأن في مقدورھا القبض على زمام الأمور في اللحظة المناسبة والحیلولة دون تدرجھا نحو الإنفلات المفتوح علىالإحتمالات الخطرة. أما الخشیة من عودة المجموعات المتطرفة الى العمل في بعض الساحات، وھو الأمر الذي ازداد بعدأحداث كفتون وما تلاھا في الشمال عموما، فإن وتیرتھا تراجعت بعدما تبیّن أن الأجھزة الأمنیة واعیة وأن البیئة الحاضنةلمثل تلك المجموعات لم تعد متوفرة.