2024- 05 - 09   |   بحث في الموقع  
logo الامتحانات الرسميّة محور بحث بين بري والحلبي logo شيخ العقل التقى السفير الايراني logo غزة:4 قواعد للجيش الإسرائيلي في نتساريم..تتيح له إقامة دائمة logo هل تراجعت تركيا عن قرار وقف التجارة مع إسرائيل؟ logo بريطانيا ماضية بتسليح إسرائيل..ومفاعيل القرار الأميركي قد تصبح عالمية logo اطلاق نار كثيف في طرابلس..اليكم التفاصيل logo شو الوضع؟ "التيار" اليوم على الأرض مستنهضاً الشارع: "لبنان القوي" يبحث مع بري ملابسات "الهبة" وباسيل يدعو أوروبا لتمويل العودة إلى سوريا! logo سلب وتعاطي مخدرات.. قوى الأمن تُلقي القبض على مطلوب!
هل يجب أن نقبل من جديد بسعد الحريري رئيسًا للحكومة؟ (بقلم جورج عبيد)
2020-10-12 13:27:46



"أنا حكمًا مرشّح لرئاسة الحكومة في لبنان". بهذه الجملة الجازمة، حسم الرئيس سعد الحريري موقفه وأعلن ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة باستعماله لمفردة "حكمًا". 
 
منذ أكثر من أسبوعين، خرج الحريري نفسه بكلام مختلف بالكليّة، معلنًا بأنّه لن يتبوّأ هذا الموقع في ظلّ عهد الرئيس العماد ميشال عون. وظهر في الكلام جازمًا على غرار ما بدا في حديثه التلفزيونيّ الطويل الذي دام بحدود ثلاث ساعات، معلنًا أنّه، حكمًا، مرشّح لرئاسة الحكومة.
 
لم يكن الفاصل الزمنيّ بين الموقفين طويلاً، بل قصير جدًّا في عمليّة النقض التي شاءها سعد لموقفه الأوّل. يستدعي موقفه الأخير سؤالاً طرحه كثيرون، ومن المفيد إعادة طرحه في هذا الظرف العصيب بالذات، لماذا الرئيس سعد الحريري استقال إذًا بعيد 17 تشرين الأول 2019، وهل من إيحاء وإلهام سقطا من علُ وانسكبا عليه لتقديم استقالته، بدلاً من أن يبقى ويساهم في الحلّ الجذريّ في لبنان قبل بلوغنا نحو هذا التدحرج الرهيب؟
تكشف أوساط سياسيّة غير معنيّة بالاصطفافات بأنّ استقالة الرئيس الحريري في ذلك الوقت لم تكن خيارًا هشًّا، بل هو قرار موحى به من الجانب الأميركيّ، بفعل تصويرهم له المرحلة النهائيّة التي سيبلغها لبنان كنتيجة لثورة ابتكروها في لبنان لإنهاء حكم الرئيس ميشال عون، وقد رضي بها كمحاولة منه لإقناع السعوديين وعلى رأسهم محمد بن سلمان بأنه رجلهم المطيع والمنفّذ لأوامرهم.
 
وتتذكّر تلك الأوساط كيف أن الحريري، في المرحلة الفاصلة عن تكليف الرئيس حسان دياب، أحرق أسماء شخصيات معيّنة في الوسط السنيّ معدّة لتتبوّأ رئاسة الحكومة، من المهندس سمير الخطيب، إلى الوزير السابق محمد الصفدي إلى محاولة إحراق الوزير السابق الراقي بهيج طبّارة لينجو منه بحنكة فائقة. الوحيد الذي لم يحترق هو الدكتور حسان دياب، الذي قاوم الظروف المحيطة به من طائفته، وقبل به الرئيس نبيه برّي على مضض. 
 
ترى الأوساط عينها بأنّ الرئيس نبيه برّي لم يكن متوافقًا مع هذا الخيار. فحسان دياب الآتي من العالم الأكاديمي ضمن دائرة الجامعة الأميركيّة في بيروت، فتح حربًا على الفساد في الدولة إلى جانب رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون. وتقول معلومات مؤكّدة بأنّه للمرّة الأولى جاء رئيس حكومة عميق الرؤية وواضح وضوح الشمس، في مواجهة طبيعيّة مع قطاع بل مجموعة قطاعات رآها مساهمةً وموغلةً في تلك "الفوضى الخلاّقة". "خطيئة" حسان دياب عند الآخرين أنّه اكتشف اللعبة القذرة التي تحاول إنهاء البلد ورفض المساومة. وقد أصرّ، غير مرّة، على تحريك القضاء بوجهها من مصرف لبنان إلى جمعية المصارف إلى مجموعة الكارتيلات المتحكّمة في السوق اللبنانيّة والحركة الاقتصادية والقرار السياسيّ في لبنان.
 
لا تنساب بلوريّة حسّان دياب على عدد من الوزراء، وحول ذلك لنا كلام آخر في مناسبة أخرى. إنها تعنيه بالدرجة الأولى، وهي متى أشرقت في فضاء الرئيس ميشال عون تحولت إلى كرة نار وهالة من نور. وهذا الكلام نابع من إحساس عند عدد كبير من اللبنانيين، بعدم التضحيّة بالرئيس الآدميّ والرّصين حسّان دياب من أجل تعميم مقولة "تلاقي الوجدانات الطائفيّة الثلاث" بأكثريتها المطلقة. فحين أطلقنا ذلك الشعار، كان القصد من إطلاقه أن يتحوّل السياق الميثاقيّ، وهو جوهر النظام السياسيّ للبنان إلى مصفاة كبرى تنتقي ممثلّي الطوائف الثلاث ضمن مشروع القضاء على الفساد واستلاد نظام نظيف منه وبريء من الفاسدين. فالعقد سواء أتى اجتماعيًّا أو سياسيًّا لا يجوز أن يكون بين فاسدين طمعوا بالبلد، وأكلوا من ثماره وخيراته، على حساب المواطنين، ثمّ حوّلوه من جنّة إلى جهنم. خطيئة التسوية التي انطلقت سنة 2016 أنّها لم تواجه تلك الحقيقة المرّة بقوّة الحقّ والقانون، حتى يكون العهد الجديد رحمًا لولادة وطن جديد ومؤسسات منتفضة على الفساد والفاسدين. 
 
بهذا المعنى إنّ النظريّة التي ساقها الصديق الحبيب إيلي الفرزلي نائب رئيس المجلس النيابيّ، تحتاج، حتمًا وحكمًا، إلى نقاش تقييميّ، حول محتوى التسويّة بسياقها الميثاقيّ الذي كان معروضًا وليس حول التسوية عينًا. فإذا كان الرئيس الحريري يمثّل الوجدان السنيّ بأكثريته المطلقة، فهل هو سيمثّله بسياق عربيّ-خليجيّ، أو بمحتوى أميركيّ، أو بتأثير فرنسيّ أو لبنانيّ-ميثاقيّ؟ آخذين بعين الاعتبار بأنّ الطوائف اللبنانيّة مدى خارجيّ في الداخل، وهي مسرى لتسوياتهم إذا اتجهوا نحوها، أو لخلافاتهم إذا وجدوها منطلقًا لتنفيس الاحتقان بانفجار في الشارع. والتقييم الجوهريّ يفترض به أن يتجلّى في فيم العلاقة بين منظومة الفساد ومنظومة التلاقي الميثاقيّ بين الوجدانات الطائفيّة. فإذا غدت السيادة للفساد فيها والولاية للفاسدين منها، حينئذ نعود إلى المراحل السابقة للسابع عشر من تشرين الأوّل، وقد اباحت استبداد نظام الفساد وبلغوه بالبلد نحو ما نعيشه في الزمن الراهن، والمنذر بالفوضى والانفجار، واستبداده في الأساس وهيمنته على النظام السياسيّ انطلق منذ سنة 1992. 
 
هذا الإحساس بطبيعته ظهر على مواقع التواصل الاجتماعيّ بعدم التضحية بحسان دياب لصالح ديمومة الفساد في لبنان وتحت رعاية دولية. وتبدي الأوساط خشيتها الأكيدة من أن يتحوّل القبول بشروط الIMF  إلى نهاية الدولة والكيان وليس إلى خلاصهما. وتؤكّد بأنّ صندوق النقد الدوليّ، ممسوك من مجموعة أطراف، وثمّة سيطرة إسرائيليّة عليه. وتشير بأنّ التجربة اليونانيّة كانت جدًّا فاشلة من زاوية الرعاية. وتضيء بشكّ وبتساؤل، هل يعني الIMF انبثاق لبنان جديد ليسمحوا له بالقروض والمساعدات؟ ومن قال بأنّ هذا الصندوق لا يريد جرّ لبنان نحو انفجار اجتماعيّ وفتن طائفية ومذهبية وبنيويّة بفعل إصرارهم على رفع الدعم عن البنزين والمازوت والطحين والمواد الغذائيّة؟ ومن قال بأن هذا القرار يرضى به اللبنانيون في ظل الاستمرار برفع سعر صرف الدولار الأميركيّ وواقع اقتصادي وماليّ مأزوم؟
 
لماذا إذًا يفترض أن يعود الرئيس الحريري وقد واجه كلّ الأحزاب السياسيّة بنقد لاذع من دون توفير أحد، وهل بالتالي يحقّ له وهو السياسيّ أن يرأس حكومة اختصاصيين خالية من السياسيين، وماذا يمكن له أن يقدّم من رؤى جديدة تجعل الناس مستكينين مطمئنّين إلى غدهم ولا ينظر إليهم كمساكين مشرّدين مبعثرين وتائهين؟
 
في حديثه التلفزيونيّ الطويل ركّز الرجل في مسألة إعمار بيروت وإيقاف الانهيار في لبنان. إلتقط  العنوانين ولم يشرح للمضيف والمشاهدين طرائق العلاج ومناهجه. اكتفى فقط بالإشارة إلى الهول الصادر منهما متناسيًا أنّه باستقالته الماضية ساهم بالبلوغ نحو النتائج التي بتنا في صددها ونحن نكتوي منها. أمام هذا المشهد، ثمة من قال معلنًا بأنّ الحريري يملك القدرات من زاوية علاقاته الدوليّة والإقليميّة والعربيّة، وهو معلّم في تأمين الأموال لمساعدة لبنان. 
 
لعلّ الإيجابيّة الوحيدة الظاهرة في حديثه بأنّه أعلن تحمّله مسؤولية النتائج والمعاثر والأهوال. لسنا في هذا الباب ديانين له ولا مديونين لخيراته، بل هو مدينّ للبنانيين قاطبة لأنهم محضوه ثقتهم فلم يكن أهلاً لها، وفي مسيرته السياسيّة منذ تسلّم رئاسة الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال سليمان سنة 2007 إلى آخر حكومة في عهد الرئيس ميشال عون سنة، لم ينجز إنجازًا واحدًا بإمكان الواحد أن يظهره متفاخرًا. 
نعود إلى السؤال المطروح عن فرضيّة العودة. الصديق حسين أيّوب كتب مقالاً في موقع 180 post.com تكلّم فيها على الحريري الثالث بتصنيف وتوصيف دقيقين، الحريري المتحرّر من السعوديّة والمتّكئ على المبادرة الفرنسيّة، والمستعجل لتنفيذ شروط صندوق النقد الدوليّ IMF. فعلى الرغم من التحرّر الواضح من قيود المملكة وفهمه الواقعيّ والدقيق بأنّ المملكة قد تبدّلت كليًّا من الداخل. وسرى التبدّل على علاقتها بآل الحريري، وبخاصّة بسعد عينه. وعلى الرغم من تحرره وسريان فعالية التحرّر (ربّما) على سلوكياته السياسية الداخلية والدوليّة، فهذا لا يعني بأنّ عودته رحم خلاص للبنان. ولا يعني أن يعود بلا ضمانات تنبع من برنامج إنقاذيّ يحاكي عقول اللبنانيين جميعًا ويعرض عليهم خطتّه. تحذّر أوساط كبرى من الانزلاق من جديد إلى الرهانات العبثيّة على شخصيات منيت بالفشل أو كانت جزءًا من المؤامرة على البلد. خطورة عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة تكمن في استمراره بمبدأ الاقتصاد الريعيّ، الذي جوّف البلد وأفرغه من مضامينه الصناعية والزراعية والتجاريّة منذ أيام أبيه، فحوّله إلى بلد متسوّل ومتوسّل، الأخطر من ذلك هو ذلك الرهان الذي يبديه على الصندوق الذي سيفرض شروطًا قاسية جدًّا، ما من شكّ بأنّ لبنان غير قادر على تحمّلها، أو تحمّل بعضها. كثيرون من المسؤولين لم يدركوا بأنّ لبنان في عين الإدارة الأميركيّة لا يزال كيان عبور Transit entity وليس وطنًا راسخًا A firm state. هرولة سعد تجاه الصندوق أي تجاه العقل الأميركيّ المكنون في هذا الصندوق يخلفيته الاستهلاكيّة والاستئثاريّة والاستعماريّة سبيقي لبنان كيان عبور ولجوء ونزوح.
 
وقبل الختام كيف يفسّر الرئيس سعد الحريري ما قاله قبل أسبوعين بأنه لن يترأس أية حكومة في عهد الرئيس العماد ميشال عون، وتراجعه بقوله أنا مرشّح حكمًا لرئاسة الحكومة. التفسير الوحيد بأن سعد راهن على رؤى إيجابية من المملكة تجاهه فإذ بها قد جافته، ويراهن على رضى أميركا عليه، وأميركا تعيش في فوضى انتخابيّة. ملاذّه الوحيد فرنسا أوروبيَّا ومصر عربيًّا وروسيا في تمحورها ما بين الشرق والغرب. قد يكون جيدًا أنّ الفرنسيين والروس على شيء من التفاهم الضمنيّ، ومع ذلك فالرئيس سعد الحريري ليس هو الخيار حتى لو قبل به الجميع.
 
ختامًا الرئيس الحريري، ممسك إلى جانب الطبقة السياسيّة بمصرف لبنان والمصارف اللبنانية والقطاعات كافّة. لعب لعبة الابتزاز، ويبعث من يقول بأنّه إذا رضيتم بأطروحتي فالدولار سينزل والدواء سيتوفر وقد لا نرفع الدعم عن البترول والطحين... إنها عملية ابتزاز ما بعدها ابتزاز. هل الرئيس الحريري قادر أن يتعهّد استعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة من الخارج، وهل هو مستعد على الإكمال بالتدقيق الماليّ الجنائي مع شركة ألفارير Alvarez &Parshial؟ هذا سؤال نرجو أن يطرحه عليه المعنيون قبل أن ننزلق أكثر إلى انفجار اجتماعي خطير تعقبه فتن ترمي بالبلد في مجهول ومعلوم في آن.


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top