2024- 05 - 06   |   بحث في الموقع  
logo إسرائيل تهاجم"يونيسف"بسبب تقريرها عن معاناة سكان جنوب لبنان logo دليل الأمان الرقمي: كيف تحمي أطفالك في عالم الإنترنت logo لبنان كـ"حالة إنسانية".. والانقسام قد ينقلب تمرّداً على "الحزب" logo سرقة بقوة السلاح في طرابلس.. إليكم التفاصيل logo جريح بالرصاص في طرابلس.. ماذا جرى؟ logo انجاز لبناني جديد.. راي باسيل تحرز ميدالية ذهبية في بطولة العالم للرماية logo "وصمة عار "... رسالة من الحجار لميقاتي! logo "فنان العرب" يُعلن إصابته بالسرطان!
معارك إقليم قره باخ الحرب التي لا تنتهي ( د.جيرار ديب)
2020-10-03 10:33:43



عوامل كثيرة تدفع بالدول نحو الصدام، الدبلوماسي أوالعسكري، أو الإثنين معًا، فكيف إذا تداخلت تلك العوامل في إقليم ناغورنو قره باخ؟ بالطبع ستكون النتيجة حربًا محلية، ذات أبعاد إقليمية، وهنا الخطورة، تمامًا كما حصل في الحرب الأهلية في لبنان عام ١٩٧٥.
 
تجددت المعارك بين القوات الأرمنية والأذربيجانية، في إقليم قره باخ، الإقليم المتنازع عليه، منذ تأسيسه مع تفكّك الإتحاد السوفياتي. معارك هذا الإقليم، لا تستريح ولن تتوقف، لأنّها مزيج من صراعات متداخلة؛ حدودية، وجغرافية، وعرقية، وثأرية.... ففي حين ترى أذربيجان أنّ الأقليم جزء من أراضيها، تعتبر أرمينيا، أنّ للإقليم خصوصية تميّزه عن أذربيجان، لكون ٩٥٪ من سكانه هم من الأرمن، لذا فهي الوصي المباشر لحمايتهم.
 
يثير إقليم ناغورنو قره باخ الذي أعلن استقلاله في العام ١٩٩١، خلافًا بين أذربيجان وأرمينيا منذ وقت طويل. تتمتع المنطقة المتنازع عليها بحساسية كبيرة، حيث تنتمي أرمينيا لتحالف سياسي تقوده موسكو، ويتمثّل بمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، في حين تحظى أذربيجان بدعم من تركيا.
 
تجدُّد النزاع بين الدولتين، لا يثير الإستغراب في هذا التوقيت بالذات، لا سيما وأنّ شرق المتوسط يشتعل حرب مصالح، وحرب إيصال الرسائل. فلا شكّ أنّ قواعد الإشتباك تغيّرت مع النظام العالمي الجديد، إذ إنّ العولمة جعلت العالم قرية كونية واحدة. فلا حدود ولا ضوابط، ولا أطماع محدودة، بل فتحت المجالات على كافة الإحتمالات. لذا، ليس بالغريب أن ترى إيران الشيعية، تقف إلى جانب أرمينيا، رغم أنّ مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي هو من أصول أذرية، وليس فارسيًا كما يظنّ كثير من الناس. الجمهورية الإسلامية، تريد إبعاد الخطر الصهيوني عن حدودها، فالعلاقة الأذربيجانية الإسرائيلية، ترى فيها إيران تهديدًا حقيقيًا لكيانها، بعدما وجدت في اتفاقيتيّ السلام الإسرائيلية البحرينية، والإماراتية، تطويقًا لحدودها، وتهديدًا جديًا لأمنها من قبل إسرائيل.
 
 بينما تقف تركيا السنّية، وجماعاتها المتطرفة(المرتزقة) الآتية بهم من سوريا، إلى جانب أذربيجان الشيعية. فعلى حدّ زعم سفير أرمينيا في روسيا، فاردان توجانيان، إنّ تركيا أرسلت أربعة آلاف مقاتل من شمال سوريا الى أذربيجان. 
 
تُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول تجدد الصراع في هذا الإقليم، لاسيما، وأنّ المعني الرئيسي هو اللاعب التركي؛ إذ لم يتوان الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، عن تهديد أرمينيا ودعم أذربيجان، بأقسى عبارات التدخل في هذا الصراع. فهل صراع إقليم قره باخ هو امتداد لصراع الشمال السوري، الذي بدأه النظام السوري والطائرات الروسية بالقصف المركز على مناطق سيطرة المليشيات الموالية لتركيا؟ 
 
الشمال السوري، بالنسبة لتركيا خطّ أحمر. فهي التي تحاول منذ تدخلها بسورية إعادة رسم حدودها الجغرافية معها، بغية حماية حدودها وعمقها الإستراتيجي من خطر العمليات الكردية. لذا، فقد عزّزت وجودها لا سيما في محافظتيّ حلب، وإدلب، من خلال عملية ترانسفير ديمغرافي، لتجعل منهما خط الدفاع الأول، في وجهة أي عملية عسكرية عليها. ولعلّها تحاول أن تجعل من إقليم قره باخ ليبيا ثانية، في محاولة للضغط على الروسي في خاصرته الرخوة في أرمينيا. كلّ هذه الإحتمالات واردة، لهذا تراها تتدخّل بالمباشر في هذه الحرب، كي تكسب ميدانًا جديدًا تخرج فيه منتصرةً، لتسجل نقطة إضافية تجبر الروسي على التراجع في الشمال السوري. هل التركي اليوم، يحاول الضغط على الروسي، لتهدئة الشمال السوري، لا سيما محافظة حلب التي تتعرض لأعنف هجوم من النظام السوري، المدعوم من روسيا؟ فهل المعادلة باتت حلب مقابل أرمينيا؟
 
السؤال الثاني الذي يطرح نفسه: هل المصالح الإقتصادية، النفطية تحديدًا، هي سبب اشتعال هذه الجبهة مجددًا، بعدما هدأت في عام ٢٠١٦؟ منذ عام ٢٠١١، يشهد الشرق الأوسط نزاعات وصراعات متعددة تتعلّق أغلبها بالضغط ضدّ الخصوم من الجانب التركي. 
 
تجدر الإشارة إلى أنّ تركيا تعتمد على أذربيجان كمصدر رئيسي للطاقة، وإنّ هذا الاعتماد أدّى الى تخفيض اعتمادها على روسيا في تأمين احتياجاتها من الغاز إلى قرابة ٤٠٪، بعد أن كانت وصلت في العام ٢٠١٥ إلى معدّل ال ٥٦٪. 
 
قامت تركيا في عام ٢٠١٩ بتنفيذ مشروع لوصل خط غاز "تاناب" يبدأ من أذربيجان بخط غاز "تاب" على مقربة من الحدود التركية مع الإتحاد الأوروبي، ليصبح مصدرًا رئيسيًا لتغذية أوروبا بالغاز الطبيعي. تتقاطع هنا مصالح تركيا في أذربيجان، مع الضغط الأميركي على أوروبا لوقف العمل في السيل الشمالي ٢، خط الغاز الذي تنفّذه شركة "نورد ستريم ٢" الملتزمة مشروع نقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر ألمانيا. 
 
في مقابل هذا، تحاول روسيا دعم أرمينيا، ليس بسبب الرابط الديني فحسب، بل لإبعاد شبح الخطر الثلاثي، التركي – الأميركي- الإسرائيلي، على حدّ السواء، عن مصالحها الاستراتيجية من الطاقة في العمق الأوروبي، وذلك عبر حماية شركاتها المولجة بمدّ أنابيب الغاز الطبيعي. لهذا، قامت روسيا بدعم الحكومة الأرمنية في عام ٢٠١٦ بقروض ميسّرة للتسلح العسكري، كي تتمكّن الأخيرة من فرض سيطرتها العسكرية في هذا الإقليم.
صراع الإقليم، تداخلت فيه كل المجالات، وتقاطعت المصالح فيه أكثر من إقليمية، ودولية. هذا الصراع لن ينتهي، رغم مناشدات الإتحاد الأوروبي، فهو تاريخي منذ أكثر من مئة عام، من حرب القوقاز والتمرّد على العثمانيين، لطردهم من هذه البلاد عام ١٩١٣. الدعوات للتهدئة كثيرة، وآخرها عبر الخارجية الإيرانية التي أبدت استعدادها لجمع طرفي النزاع، على طاولة مستديرة للحوار، وقد سبقتها دعوة روسيا في هذا الخصوص.
 
الصراع، ليس بين عسكري أرميني وآخر أذربيجاني على أرض قره باخ، بل خرج الى الصراع الديني. والإثنان مجرّد أدوات تنفّذ بوعي أو بغير وعي، مصالح الآخرين. هو امتداد للصراع في الشرق الأوسط، وينتظر حلّا شاملًا كي يهدأ، هذا إن وُجد.
                                                                                   


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top