مع تلاوة الإستقالات الثمانیة للنواب: ندیم الجمیل، بولا یعقوبیان، نعمة افرام، سامي الجمیل، میشال معوض، الیاس حنكش، ھنري حلو، مروان حمادة، في أول جلسة لمجلس النواب، شغر ٨ مراكز نیابیة في أكثر من منطقة حساسة، ولا
سیما أن ٧ من أصل ٨ مقاعد ھي مسیحیة.
تنص المادة ٤١ من الدستور على أنھ "إذا خلا مقعد في المجلس یجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شھرین، ولا تتجاوز نیابة العضو الجدید أجل نیابة العضو القدیم الذي یحل محله، أما إذا خلا المقعد في المجلس قبل انتھاء عھد نیابته بأقل من ستة أشھر فلا یعمد الى انتخاب خلف". النص الدستوري واضح ولا یحتاج الى تفسیر، فالانتخابات الفرعیة یجب أن تحصل خلال شھرین، وھذا الأمر ھو من مسؤولیة وزارة الداخلیة، التي حتى وإن كانت ضمن مرحلة تصریف الأعمال، فإن علیھا واجب الدعوة والتحضیر للانتخابات.
من حیث المبدأ، أمر الانتخابات الفرعیة محسوم وھو إلزامي خلال شھرین، وستجري حكما على النظام الأكثري كما جرى أخیرا في طرابلس بعد الطعن بنیابة دیما جمالي. وفي حال جرت الانتخابات في خمس دوائر (الأشرفیة: مقعدان ماروني وأرمني ـ الشوف عالیه: مقعدان درزي وماروني ـ المتن: مقعدان مارونیان ـ كسروان: مقعد ماروني ـ الشمال الثالثة: مقعد ماروني). وفي نظرة الى انتخابات فرعیة "إفتراضیة"، یجدر التوقف عند النقاط التالیة:
١-تشكل ھذه الانتخابات أول إستحقاق شعبي وأول فرصة عملیة بعد إنتفاضة ١٧ تشرین لاختبار إتجاھات الرأي
العام وخیاراته...
٢-بما أن ھذه المعركة الفرعیة تجري على "أرض مسیحیة"، فإنھا ستكون مؤشرا الى حال الساحة المسیحیة التي
تقاسمھا في انتخابات ٢٠١٨ التیار الوطني الحر والقوات اللبنانیة، وما إذا كانت طرأت متغیّرات على خارطتھا ومیزان
القوى الشعبي فیھا.
٣-سیكون حزب الكتائب عملیا خارج الانتخابات الفرعیة. فانسجاما مع نفسھ وخیاره، لا یمكنه الخروج من "المنظومة
السیاسیة" ثم العودة إلیھا... وسیكون حزب القوات اللبنانیة محرجا في خوض ھذه الانتخابات الفرعیة، "أدبیا" وشعبیا
ولیس قانونیا وسیاسیا، إذ سیُتھم باستغلال واستثمار ما جرى لتكبیر كتلتھ النیابیة، بعدما كان نواب القوات على وشك
الإستقالة، ولكن في إطار إستقالة جماعیة دافعة باتجاه انتخابات نیابیة مبكرة، وھذا ما لم یحدث بسبب إستقالة الحكومة التي خلطت الأوراق وفرملت إندفاعة المستقبل والاشتراكي.
٤-من المؤكد أن التیار الوطني الحر سیسعى الى الإفادة من الانتخابات الفرعیة لتعویض ما خسره من مقاعد ونواب
(بعد خروج النواب افرام وضاھر ومعوض وروكز)، خصوصا في ظل غیاب المنافسة الجدیة (عدم وجود مرشحین
حزبیین آخرین)، وفي حال وجود حالة عامة مقاطعة للانتخابات.
٥-في تصور أولي وافتراضي، یمكن توقع:
- معركة درزیة على المقعد الدرزي الثاني في الشوف
(المقعد الأول یشغله تیمور جنبلاط)، وتوقع ترشح الوزیر
السابق وئام وھاب الذي كاد أن یُسقط مروان حمادة في الانتخابات الأخیرة.
- ترشح مسعود الأشقر في دائرة الأشرفیة مدعوما ضمنا من التیار الوطني الحر.
- بروز إسم راجي السعد (ترشح منفردا في انتخابات ٢٠١٨ وأحرز رقما محترما) في قضاء عالیه كاحتمال قوي
لملء فراغ المقعد الذي كان یشغله ھنري حلو.
- ترشح النائب منصور غانم البون في كسروان، وھو الذي كان "أول الخاسرین" في انتخابات ٢٠١٨ وكاد أن یُسقط
شامل روكز.
- غموض یكتنف الوضع في المتن الشمالي وبروز أسماء مرشحین مستقلین مثل سركیس سركیس ورازي الحاج...
ومرشحین حزبیین ینتمون الى التیار الوطني الحر والحزب القومي.
- سعي لـ"تیار المردة" لاستعادة المقعد الثالث في زغرتا وإسناده الى شخص من آل معوض...
ھذا "السیناریو الإفتراضي" یتقدم علیه "السیناریو الواقعي" الذي یفید أن الانتخابات الفرعیة في حكم المؤجلة
ویصعب إجراؤھا في ھذه الفترة للأسباب و"الذرائع" التالیة:
- وباء "كورونا" وتداعیاته الشعبیة والنفسیة...
- الوضع الأمني "الدقیق" بسبب شحنات من التوترات الطائفیة والسیاسیة.
عدم رغبة السلطة في خوض إمتحان لشعبیتھا ووضعھا المزري، وفي إعطاء إنتفاضة ١٧ تشرین منفدا ووسیلة
لإظھار وإثبات ما لم تستطع إثباته في الشارع وعلى الأرض، وتحدیدا لجھة "تقویض الشرعیة الشعبیة" للسلطة والأحزاب
الحاكمة...