2024- 05 - 07   |   بحث في الموقع  
logo لبنان يرحّب بموقف حماس.. والمستوطنون ينتقدون تسوية مع "الحزب" logo إذا فشلت مفاوضات غزة.. فالخوف الأعظم على لبنان logo توتر كبير على الجبهة الجنوبية.. إليكم التطورات logo اتفاق الهدنة:رحلة معقدة من 3 مراحل..معرضة للانتهاكات logo ميقاتي: موافقة حماس على وقف اطلاق النار خطوة متقدمة نحو وقف العدوان.. logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأثنين logo للضغط على حماس... مجلس الحرب الاسرائيلي يقرر بالإجماع استمرار العملية في رفح logo "خطوة متقدمة"... ميقاتي يُعلق على موافقة "حماس" وقف اطلاق النار بِغزة
خبران متناقضان ولبنان بين فاسدين وكورنتين (بقلم جورج عبيد)
2020-07-27 22:34:39



خبران متناقضان في الشكل والمضمون لا بدّ من الوقوف أمامهما قبل البدء بالعجالة.


1-الخبر الأوّل أثلج قلوبنا جميعًا مع قرار مستشفى جورج بومبيدو في فرنسا تعيين رفيق طفولتي الدكتور بول الياس قشّوع ابن بلدتي سوق الغرب رئيسًا لقسم جراحة القلب المفتوح خلفًا للبروفسور آلان كارنتييه الذي قد أجرى أوّل عمليّة زرع قلب قلب اصطناعيّ في العالم. والدكتور بول سيستلم رئاسة جراحة القلب المفتوح في أيلول المقبل. بول قشّوع بأخلاقه ورصانته رجل قيم وإيمان بامتياز، ومفخرة بعلمه وإنجازاته لأهله الطيبين وأبناء قريته سوق الغرب ووطنه لبنان، وتعيينه في هذا الموقع يؤكّد القدرة اللبنانيّة على الإشعاع والارتفاع، على السطوع وعدم الخضوع. لبنان وليد الحياة بمفكريه وأدبائه وعلمائه وأطبائه وصناعييه ورجال أعماله وعمّاله المبثوثين في الخارج والمتكوّنين بلينانيّة صامدة ومشرقيّة شامخة، والمدمنين على الكرم والسخاء بعطاء بلا حدود. بول واحد من هؤلاء وسيكون عمودًا رخاميًّا لإبداعات طبية تنسكب شفاءات على قلوب تحتاج لتحيا وتخفق بالمحبّة من جديد.


2-الخبر الثاني أحزن اللبنانيين كثيرًا لا سيّما الذين عاشوا الزمن الجميل وذاقوا بهاءه، وهو غياب أحد عمالقة الطرب اللبنانيّ-المشرقيّ مروان محفوظ. عرفته على المستوى الشخصيّ خلال عشاء تكريميّ أقامه الصديق الحبيب الراحل الدكتور جورج طربيه على شرف مطرب لبنان والعرب الخالد وديع الصافي، ثم توال بيننا لقاءان ولم نعد نلتقي إلا بسلامات كان نتبادلها بواسطة أصدقاء مقرّبين. تلك الليلة لا تنتسى على الإطلاق. فمروان رحمه الله توأم وديع أو ابنه الروحيّ علا صوته إلى جانب الوديع، ودار بيننا حوار طيّب ومتنوّع ارتبط بالجذور الإيمانيّة والوطنيّة والمشرقيّة. لم يكن مروان منفصلاً عن المدرسة الرحبانيّة، وقد رآها سيدة على دنيا المشرق، ومع ذلك، خطّ مدرسته الخاصّة في الغناء بألحان سكبها عليه عمالقة من الرحابنة إلى وديع إلى إيلي الشويري إلى ملحم بركات... عندي أن أغنيّة سرقني الزمان قمّة في الغناء والأداء، وروعة في قراءة الوهدة المؤلمة حين يصير الإنسان متروكًا، ويغيب في الغربة وحيدًا.


"سرقني الزمان .. وسرقني المدى
واللي كانوا أهلي صاروا ما حدا
وعم صرّخ يا زمان رجّعني يا زمان
لا صوتي عرفني ولا عرفت الصدى
ردوني ردوني ع جبال القمر 
أرسم بيت وحبقة والعب بالصور
ردوني عالطرقات ع مشاوير الطرقات
تعبت مني الغربة وتعبت من السفر
يا قلبي لا تسأل لتعرف شو بني
صرلي سنة غايب ما أطول السنة
حملني يا حبيبي بعيونك يا حبيبي
أغمر وجه بلادي وتخلص هالدني"


مرّ غيابه كالنسيم اللطيف، فيما كان مروان العاصفة الحلوة الهادرة بالصوت الجميل، ولم ينتبه أحد أنه غاب، ولكنه لم يغب بل راسخ فينا إلى الأبد.


من الخبرين، نعود إلى يومياتنا. لبنان أسير إرهابين: إرهاب الفساد وإرهاب إسرائيل، وكورونتين. كورونا فيروس المنتشر على معظم الأرض اللبنانيّة، وكورونا الطبقة السياسيّة التي لا تزال قابضة على الحياة الماليّة والاقتصاديّة ومتملّكة بالحياة السياسيّة، داخل قبو فاسد وقبر مظلم، خاليين حتى إشعار آخر من تباشير القيامة.


في النقطة الأولى، ليس من انفصال على الإطلاق بين إرهاب الفساد، المترجم بتجار فجّار يخزنون طعامًا فاسدًا من دجاج ولحوم وأجبان، ويقومون بتزوير مهلة صلاحية استهلاكها. إنهم المجرمون المتحركون في بيئتنا يقتلوننا بتسميم طعامنا، إنهم الإرهابيون الحقيقيون حيث إرهابهم لا يختلف البتّة عن إرهاب إسرائيل في قتل الناس واحتلال الأراضي... وقد تحركوا على حدودنا في الجنوب فتلقوا ضربة قاسية ذاقوا مرارتها. ليس المهمّ هنا اقتحام المخازن وختمها بالشمع الأحمر، بل الأهم اعنقال المجرمين القتلة الفاريّن من العدالة ومحاكمتهم بناء على قانون العقوبات. المهانة الكاملة أن يظهر المجرمون على أنهم أقوى من الدولة، قوّة العدالة والدولة على المحكّ. يكفي أنّ المصارف في لبنان تظهر وتتحرّك على أنّها أقوى من الدولة، من دون أي رادع لسرقاتهم، فهل يعقل أن يبقى هؤلاء متوارين عن الأنظار بانتظار تسوية ما، حتى يعودوا مكرّمين إلى لبنان فيما اللبنانيون الذين تناولوا من هذا الدجاج أو هذه اللحوم أو تلك الأجبان قد تسمّموا من جرّاء ذلك. يخشى كثيرون من البلوغ نحو تسوية فاسدة، فيما فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، ومنذ لحظة معرفته بالنتيجة أعطى توجيهاته بضرورة اعنقال هؤلاء ومحاكمتهم وزجهم في السجون بتهمة القتل المتعمّد عن طريق بيع منتوجات فاسدة.


في النقطة الثانية، لبنان بين كورونتين عبثيتين، وعلاجهما يبدو متعثّرًا. الكورونا الأولى وبائيّة والثانية سياسية واقتصادية وماليّة. ليس من بون ما بين الوبائي والسياسيّ، ذلك أنّ اللبنانيين يعيشون الكارثة بتنوعاتها وتوجهاتها، إنهم يقيمون في الحضيض، والأميركيون متشددون في الحرب على لبنان ومحاصرته بواسطة أذرعتهم في الداخل، وهي أذرع فاسدة. السؤال المطروح وببساطة، هل سنبقى نختنق تحت ركبتيّ كارثتين، وإلى متى؟ 


في سياق الكورونتين، يتجلّى أمامنا فقدان الشراكة بين الدولة بأطقمها وبين اللبنانيين بفئاتهم. وحين تغيب الشراكة الكاملة والجوهريّة يتدحرج لبنان نحو الهاوية. المفارقة هنا أنّ الدولة في المرحلة الأولى من انتشارالوباء سجلت انتصارات شعّت في العالم كلّه، وحذا عدد من الدول حذوها. الطامة الخطيرة التي تعيشها الدولة، ليست بامتداد الكوفيد وانتشاره، بل بانتشار الفاقة وامتدادها لتبدو بلأنّها الأفتك والأكثر إيلامًا من الكوفيد. لقد أظهر أمير المؤمنين عليّ بن أبيطالب بشاعة الجوع حين قال لو كان الجوع رجلاً لقتلته، هل يمكن أن يتخيّل أحد إمكانية بلوغ الناس نحو مجاعة حيث يموت الناس في ظلام الليل وتحت جناحه؟ 


قضيتنا في الحالتين، أنّ الدولة إلى الآن عاجزة عن وضع خطّة تكافح الوباءين بقوّة وشراسة وبلا هوادة. لقد أخذت الدولة وبناء على توصية من اللجنة المختصّة بمكافحة الكورونا بإغلاق البلد على مرحلتين وخلال أسبوعين، وأعلن معالي وزير الداخلية اللواء محمد فهمي، وردًا على سؤال طرحته عليه مع الزميل الإعلاميّ جورج صليبي من على شاشة الجديد بأنّ الدولة تقوم بفحص 8000 مواطن يوميًّا. لكن لماذا الدولة لا تعمد إلى رسم خطّة واضحة وفقًا لمنهجيّة صارمة، فتعمد على إجراء فحص الPCR العشوائيّ أو عشوائيًّا، فتجمع وبالتعاون مع المحافظين والقائمقامين ورؤساء البلديات كلّ محافظتين على حدة وتخضع المواطنين جميعًا لهذا الفحص الضروريّ، وبعد صدور النتائج تقوم بتقييم أعداد المصابين على الأراضي اللبنانيّة كافّة مسقطة إياها على عدد الشعب اللبنانيّ، والتقييم حينئذ يكشف مدى الخطورة أو عدمها وعلى أساسها يبنى المقتضى الطبيّ والإداريّ؟


هذه مسألة أعتقد ويعتقد معي كثيرون بأنّها مثيرة بإيجابيّتها، وقادرة على حصر المصابين، والمناطق التي تتكثّف فيها  الإصابات يتمّ حجرها حتى تبرأ من الكوفيد-19.


عشوائيّة الفحوص طريق لحل الجذريّ في كلّ معانيه ومعاييره، ليصار بالإزاء مع ذلك إلى حلّ قضيّة الحصار الماليّ على لبنان، بإجراءات يفترض بدورها أن تكون جذريّة.


بين فسادين، وإرهابين، لبنان تحت خطر شديد، ومشهد الجنوب يؤكّد أنّ على حدودنا حرّاسًا ليسوا واقفين على قبر لبنان، بل حراس بإمكانهم أن يحركوا فجر النصر للبزوغ في أوان الرضى. وفي كلّ الاتجاهات حمى الله لبنان واللبنانيين، وشفانا من جميع الأوبئة، وأكثر من المبدعين على صورة الدكتور بول قشوع، علّ وطننا يستقرّ في الضياء.  



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top