يدرك جان عبيد معنى الحفاظ على أمن وإستقرار لبنان، فبلد الرسالة لا يمكن أن يلعب الدور الذي أراده له البابا القديس يوحنا بولس الثاني، إلا من خلال إبتعاده عن سياسة المحاور، خصوصا أن بلدا يتشكل من 18 طائفة ومن تيارات سياسية وحزبية ذات أبعاد وإرتباطات إقليمية ودولية يشكل له “الحياد” صمام أمان تجاه ما تشهده المنطقة من توترات وثورات ودمار ودماء.
لا أحد ينافس جان عبيد في وطنيته ولا في عروبته وقوميته، كما لا أحد ينافسه في الوعي والحكمة والأفق الواسع والنظرة الشاملة والثاقبة التي تحوّل لقاءاته مع كل القيادات السياسية والحزبية والروحية وحتى مع قوى الأمر الواقع سابقا، الى ما يشبه المحاضرة التي يرسم من خلالها خارطة طريق للمراحل المقبلة والتي غالبا ما تؤدي الى بر أمان يحتاجه الجميع.
ينادي جان عبيد بالحياد الايجابي للبنان، ويتماهى مع كثير من القيادات الذين يطالبون بهذا الحياد ويدعون الى إعتماده ويروجون له، لكن الحياد لديه لا يعني الوقوف على خط الوسط بين الخير والشر أو بين الخصم والحليف، بل هو مفهوم سياسي يستطيع من خلاله البلد الحفاظ على أمنه وإستقراره من دون أن يفرط في مبادئه وثوابته ومسلماته الوطنية والعروبية والقومية.
لبنان الحيادي بالنسبة الى جان عبيد هو لبنان الانفتاح على الجميع، والحضارة التي تشع نورا على البلدان المجاورة، كما أن الحياد بالنسبة له هو تغليب قوة الحق، وليس حق القوة، قوة حق الفلسطينيين في أرضهم وفي حقوقهم وفي عودتهم، وليس حق قوة الكيان الغاصب في تهويد القدس وتوسيع رقعة الاستيطان والاعتداءات المتكررة.
في اللقاء الذي جمعه مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، قدم جان عبيد رؤيته للحياد الذي شكلت قراءته من قبل التيارات السياسية نقطة خلاف، فأعاد الأمور الى نصابها، وخرج بتوصية “تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور، لكن من دون التساهل في قضية حقوق الشعب الفلسطيني”.
وقال عبيد بعد لقائه الراعي: “كلام البطريرك الراعي الّذي تحدّث فيه عن حياد لبنان عن الصراعات والمحاور، هو عين الحكمة بذاتها، والراعي دائمًا السبّاق في حكمته”. وأشار إلى أنّ “هذا طبعًا لا يعني التساهل في قضيّة حقوق الشعب الفلسطيني، ولبنان الحيادي هو لبنان الحضارة والانفتاح والرسالة كما قال عن البابا القديس يوحنا بولس الثاني”، مركّزًا على أنّ “الصيغة الميثاقيّة الّتي تميّز بها لبنان منذ العام 1943، تخدم لبنان بإبعاده عن المحاور الإقليميّة”.