“الشركة التي تروّج لمصرف لبنان مرشحة للتحقيق مع سلامة! «كرول» تهزّ الحكومة مجدّداً”.
لا يزال الانقسام حول شركة التدقيق الجنائي «كرول» محطّ خلاف داخل مجلس الوزراء، مع إصرار الرئيس ميشال عون عليها ورفضها من قبل حركة أمل وحزب الله لارتباطها بإسرائيل. أما شركة «FTI» المقترحة للتحقيق في حسابات المصرف المركزي، فعلاوةً على أنها تملك علاقات وثيقة مع إسرائيل، يربطها عقد عمل ترويجيّ مع مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة!
لم تنسحب التفاهمات السياسية التي أنتجت الاتفاق على تأليف مجلس إدارة كهرباء لبنان، على كامل الملفّات الخلافية في الحكومة، فبقي تحديد اسم شركة التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان محل انقسام، مع إصرار الرئيس ميشال عون على شركة «كرول»، و«اكتشاف» أن بديلها المقترح، شركة «FTI»، تربطها أيضاً صلات بالعدو الإسرائيلي، فضلاً عن وجود عقد خدمات تسويقية بينها وبين مصرف لبنان.
فعلى الرغم من اتفاق «الحاضنة السياسية» للحكومة، على إعطاء جرعة دعم لها لتنفيذ مجموعة الإصلاحات ووقف الانهيار، ولا سيّما بعد الاجتماع بين الرئيس نبيه بري والوزير السابق جبران باسيل، شهد مجلس الوزراء أمس شدّ حبال، دفع إلى تأجيل عدد من البنود الأساسية الى وقت لاحق، بينما لم تسلَم البنود التي جرى إمرارها من النقاشات الحادة، بسبب استمرار منطق المحاصصة في التعيينات.
أبرز ما جرى نقاشه هو ملفّ التدقيق المالي المحاسبي والجنائي لحسابات المصرف المركزي في استمرار لنقاشات سابقة حول شركة «كرول». إذ إن تكليفها واجه اعتراضاً حاداً من وزراء حزب الله وحركة أمل، كما قدّم وزير المال غازي وزني تقارير من الأجهزة الأمنية، تجعل من علاقات الشركة محطّ خطورة. في المقابل، وبعدما ظهر أن عون في وارد التخلّي عن «كرول» لمصلحة شركة أخرى، مع إصراره على التدقيق الجنائي، تبيّن في جلسة أمس أنه لا يزال مصرّاً عليها، معتبراً أن التقارير لا تشير إلى علاقة الشركة بإسرائيل. وأبرز عون للوزراء كتاباً أرسلته الشركة تدافع فيه عن نفسها في وجه الاتهامات المساقة ضدها، وتؤكد فيها «مهنيتها» وأنها عملت في أكثر من دولة عربية. لكن موقف عون جاء منسجماً مع موقف حزب الله وأمل من FTI، الشركة البديلة المقترحة، بسبب ارتباطاتها الواضحة بإسرائيل (راجع «الأخبار» أمس)، وتحدّث عون عن فضائح طاولت الشركة في إفريقيا على خلفية تسريبها للمعلومات. لكنّ ما غاب عن كلام عون، هو الفضيحة التي تكشّفت عن علاقة الشركة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من خلال عقد عمل مع البنك المركزي، في شق العلاقات العامة والاتصالات الاستراتيجية، ما سمح لها بالاطلاع على تفاصيل ومعلومات من داخل المصرف.
وأمام تضارب المواقف من «كرول»، جاء طلب وزير الصناعة عماد حب الله بالعودة إلى الأجهزة الأمنية للتأكد من التقارير وتوضيح المعلومات حول الشركة، فتأجل بتّها الى جلسة أخرى.
تأجيل البنود في جلسة أمس، انسحب على بند تعيين 3 مفتشين قضائيين اقترحتهم وزيرة العدل ماري كلود نجم، بعدما حملت إلى طاولة مجلس الوزراء السيَر الذاتية لثلاثة أسماء فقط عن ثلاثة مواقع، بينما كان يفترض بها أن تأتي بثلاثة أسماء عن كل موقع لكي يختار المجلس مجتمعاً، واحداً منها، كما تسير آلية التعيينات التي تعمل على أساسها مجالس الوزراء أخيراً. ولم تستطع وزيرة العدل الوصول إلى تفاهم حول مقترحاتها مع زملائها. فحين سئلت عن السيَر الذاتية الأخرى، أجابت بأن «هناك استقلالية للقضاء»، فسألها معظم الوزراء لماذا إذاً لا تتمّ التعيينات داخل القضاء، فأجابت بأن «على مجلس الوزراء أن يختار». هذا الجواب لم يكن مقنعاً لعدد من زملائها، فحصل سجال بين الوزراء، على اعتبار أن «من حق المجلس أن يطّلع على كل الأسماء ما دام هو من سيتخذ القرار، لا أن تحمل وزيرة العدل ثلاثة أسماء هي من اختارتهم لتبصم الحكومة عليهم» كما يقول لـ«الأخبار» أحد الوزراء، الذي أكّد أن رئيس الحكومة حسان دياب اقترح عرض هذا البند على التصويت، فصوّت كل من الوزراء: عماد حب الله، حمد حسن، غازي وزني، عباس مرتضى، ميشال نجار، لميا يمين ومنال عبد الصمد ضد التعيين. ورغم معارضة الوزراء الـ 7، حاول دياب إمرار التعيينات، لكن مرتضى قاطعه بأن هناك 7 وزراء غير موافقين و«هم بمثابة الثلث المعطل في الحكومة»، وأصرّت نجم على إمرارها، مع استمرار الوزراء المعترضين على أن نتيجة التصويت تمنع إقرار التعيينات. وفي ظل الانقسام، قال دياب دفاعاً عن موقف نجم، إن «هذه الآلية تسري على توظيفات الفئة الأولى»، فرد مرتضى «هذه التعيينات أيضاً هي فئة أولى»، ما اضطر المجلس إلى أن يؤجّل البند الى الجلسة المقبلة، علماً بأن من بين الأسماء، التي حملتها معها وزيرة العدل، ماري فوزي أبو مراد (محام عام تمييزي) ومايا فواز (مستشارة في محكمة التمييز).
ما حاولت الحكومة تظهيره كقرار إيجابي أتى منقوصاً، وهو تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان على ذات قاعدة المحاصصة التي دمّرت القطاع العام، ومع ذلك، انقسم الوزراء أيضاً على الحصص. إذ احتدم النقاش حول تعيين العضو الدرزي في مجلس الكهرباء، الذي استقر على أحد المحسوبين على الحزب التقدمي الاشتراكي. فوزيرة الإعلام منال عبد الصمد تولّت الدفاع عن المرشح سامر سليم، في وجه الوزير رمزي مشرفية، الذي تبنّى ترشيح مالك بو غنام. وبحسب مصادر وزارية، فإن «بو غنام لم يكن مطابقاً للمواصفات، والآلية التي وضعها وزير الطاقة تقتضي اختيار الأسماء التي حلّت في المرتبة الأولى، لكن بو غنام جاء في المرتبة الثالثة عن المركز الدرزي». وقالت المصادر إن «مشرفية اعترض بعدما تبيّن أن طارق عبد الله، العضو السني في المجلس، ينتمي أيضاً إلى الحزب الاشتراكي».
وعيّن مجلس الوزراء إلى جانب عبد الله وسليم في مجلس إدارة كهرباء لبنان كلاً من: حسين سلوم، كريم سابا، حبيب سرور وشادي كريدي.
أما الهيئة الناظمة للقطاع، فجرى تشكيل لجنة لبتّ آليات تشكيلها قوامها الوزراء: ريمون غجر، عماد حب الله، غازي وزني، عباس مرتضى، راوول نعمة وزينة عكر، على أن تعقد أول اجتماع لها يوم الخميس. وبحسب المعلومات، سيصار إلى مناقشة مشروع قانون تنظيم قطاع الكهرباء وإعادة طرحه على مجلس الوزراء، وبتّه وإرساله الى مجلس النواب في يوم واحد، بعدما سجّل عدد من الوزراء ملاحظاتهم عليه، فجرى تأجيله إلى حين توفر التوافق حوله.
لم يشأ أكثر من طرف في الحكومة، قبول استقالة المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، وحاولت أكثر جهة ثنيها عنها، إلّا أن الأخير لا يزال مصرّاً. وأمام هذا الإصرار، وجدت أطراف في الحكومة، ولا سيّما عون، في استقالة بيفاني باباً مهمّاً لمواجهة سلامة وجمعية المصارف في داخل الحكومة. وعلى هذا الأساس، تقرّر تأجيل بتّ استقالته حتى الأسبوع المقبل، واستدعاؤه إلى جلسة للحكومة والاستماع إليه حول الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار، وما قاله من تحميل للمسؤولية إلى عدّة جهات. وعلمت «الأخبار» أن عون يفكّر في استدعاء سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير أيضاً للردّ على اتهامات بيفاني داخل جلسة الحكومة.
من جهة ثانية، بدت زيارة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري للبطريرك بشارة الراعي، رسالة دعم سعودية لموقف الراعي المستجدّ حول «حياد لبنان»، بعد سنوات من خفوت هذا الخطاب. ولا تنفصل زيارة البخاري للراعي عن سلسلة الاتصالات والتحركّات التي يقوم بها السفير السعودي مع نظيره الإماراتي في بيروت لمحاولة فهم مداخل أي تحرّك لبلادهما بهدف التأثير مجدداً في الساحة اللبنانية، ولا سيّما اللقاء الذي جمعهما مع السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا الأسبوع الماضي. وعلمت «الأخبار»، أن السفيرين لم يقدّما أمام شيا أي اقتراحات تذكر ردّاً على أسئلتها عن وجهتهما للتحرّك، ولم يقدّما أي تصوّر واضح لديهما للمرحلة المقبلة.