2024- 05 - 05   |   بحث في الموقع  
logo التجديد للطوارئ: محك للديبلوماسية اللبنانية ونفوذ اسرائيل logo متى سيُسلم بري الرد اللبنانيّ على الورقة الفرنسية؟ logo معطيات جديدة عن عصابة الـ “تيك توك”… وتسجيلات صوتيّة منسوبة للرأس المدبّر logo في بعلبك.. مطلوبٌ يقع بقبضة المخابرات! logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم السبت logo بالفيديو: “موكب حفل زفاف” يثير هلعاً في طرابلس.. ماذا حصل؟ logo رسمياً… ريال مدريد بطل الدوري الإسباني logo "حماس": نتنياهو شخصيًا يعرقل التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة
قانون قيصر والعلاقة اللبنانيّة-السوريّة (بقلم جورج عبيد)
2020-06-19 01:42:45



ينطلق العنوان من فهم دقيق لجوهر ما يحدث للبنان وسوريا معًا في إقليم لا يزال ملتهبًا يعيش هاجس الوجود. في الأصل والجوهر لا يفترض بلبنان انتظار ما يطرأ ويدرأ ليدفعه لتمتين العلاقة بسوريا. فالتاريخ والجغرافيا الرابطان بين البلدين قدر إلهيّ، وقد كنّا كلبنانيين تنتفّس من رئتين، انتزعت من جسدنا رئة بفعل اغتصاب إسرائيل العبثيّ لفلسطين وبقيت رئة أخرى نتنفّس منها فهل نخنتنق؟ 
 
خلال خطاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون في الأمم المتحدة في أيلول الماضي سنة 2019 أصرّ على زيارة دمشق مستندًا إلى تحرّر لبنان من وصايتها، وإلى صداقة عميقة وأخوّة متينة أرساها معه الرئيس بشار الأسد بشرف، وإلى الظلم الذي عانت وتعاني منه سوريا من جرّاء الحرب عليها منذ سنة 2011، والحرب أميركيّة-خليجيّة بامتياز، وإلى مسألة النازحين التي بدأت تتحول إلى مجموعة ألغام وعبوات متفجرة، والمجتمع الدوليّ يطالب بدمجهم في المجتمع اللبنانيّ أي رافض لعودتهم ويعمل على استهلاكهم بوجه الرئيس الأسد، وإلى أن سوريا المدخل الوجوديّ والطبيعيّ للبنان نحو العالم العربيّ، وليس له مدخلاً آخر سواه، وإلى أنّ لبنان وسوريا والعراق والأردن وفلسطين دول تجمعها المشرقيّة، ولبنان وسوريا عمادان لها.
سمع المجتمع الدوليّ الخطاب بآفاقه الاستراتيجيّة والوجوديّة، وبأسبابه الموجبة فاهتاج واغتاظ. وعبّر الأميركيون عن غضبهم قولاً وفعلاً بالتحضير والتحفيز والتحشيد لحرب تشنّ على العهد وعلى لبنان بوقائع متلاحقة قمنا بسردها في هذا الموقع تباعًا، ومنها اللقاءات التي عقدها ديفيد ساترفيلد وبعده ديفيد شينكر في لبنان بمرافقة السفيرة الأميركيّة آنذاك أليزابيت ريتشارد. (وهما أساسا انفجار تمرد 17 تشرين الأول) بعد ذلك توقّف اللبنانيون أمام خطاب رئيس التيار الوطنيّ الحرّ جبران باسيل الذي ألقاه في ذكرى 13 تشرين الأول سنة 2019 في منطقة الحدث مكرّرًا مضمون خطاب رئيس الجمهوريّة العماد عون، ومؤكّدًا بصفتيه الحزبيّة والحكوميّة استعداده لزيارة سوريا للبحث مع السوريين حول مسألة النازحين، فازداد منسوب الاحتجاج الأميركيّ بغضب وغيظ (هم يتصرّفون كالحاكم الأوحد للعالم)، فجاء الردّ القاسي على هذا الخطاب خلال 17 تشرين الأول "بانتفاضة"، بل بانقلاب أميركيّ، انطلقت منه الحرب الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة على لبنان عن طريق الأذرع الأميركيّة الماليّة، لا سيّما مصرف لبنان وجمعيّة المصارف ونقابة الصرافين، وعن طريق القطاعات والكارتيلات المحرَّكة منها، والهدف حتمًا تطويق العهد بقوة وشدّة، وتجويع الشعب بهدف تركيع المقاومة وتفريغها من مكنونات النصر على إسرائيل والقوى التكفيريّة وأدواته.
 
بالأمس جاءت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمضى حدًّا من سابقاتها، ليحفّز اللبنانيين على مقاومة الحرب ومواجهتها وعدم الرضوخ لثقلها. من أنبل ما قاله: "لماذا تعاقبون الشعب اللبنانيّ بسببنا؟ نحن قادرون على التحمّل أما الشعب اللبنانيّ فما ذنبه وما دخله في هذه الحرب لتسترهنوه؟ الحرب الأميركيّة على لبنان لم تعد لا على حزب الله ولا على العهد ولا على الحكومة حتى ولو كان بعض وزرائها يملكون جوازات سفر أميركيّة، الحرب وجوديّة على لبنان وسوريا معًا، وقد أبنّا ذلك غير مرّة بالطرائق الماليّة والاقتصاديّة المتّبعة، ثمّ أتت مقالة الدكتور زياد حافظ في جريدة البناء لتؤكّد المآل والأهداف. لقد أثبت الكاتب الذي يعرف الولايات الأميركيّة بجوهرها السياسيّ والفكريّ والإناسيّ Anthropologic بأنّ النظام الاتحادي قادم على التفسّخ والتمزّق وبرأيه لقد بدأ عصر التفسّخ والتمزّق يجتاحه ليطبق عليه. يؤكّد الدكتور حافظ بمعرفته العميقة والدقيقة، التحوّل والتغيّر الجذريّ، حيث هو قادر على إنهاء عصر الاستبداد الآحاديّ بالنظام العالميّ بأسره من الداخل أو من التماهي ما بين الداخل والخارج. وبرأي المستطلعين بأنّ مرحلة ما بعد جورج فلويد غير ما قبله. 
 
"الأشياء العتيقة قد مضت ها كلّ شيء قد صار جديدًا". نحن أمام واقع جديد سيفرض نفسه في العالم كلّه، بل سيلد من بعد مخاض موجع عالمًا جديدًا، لا سيّما مع تصاعد القوة الصينيّة إلى جانب روسيا وإيران، ليبرز محور صلب ومتين ومتأصّل يقود العالم إلى حقبة عنوانها الديمقراطية التشاركية الكونيّة.
 
تقودنا تلك الرؤية إلى الاستنتاج بالمقارنة الفعليّة والواقعية، بأنّ لبنان يملك القدرة الفعليّة لبلورة قراره السياديّ في المواجهة والتفاعل السياسيّ والاقتصاديّ والتجاريّ مع محور جديد قيد التكوّن، وعليه يتأسس الكون الجديد، أو النظام العالميّ الجديد. 
 
على ضوء هذا الاستنتاج تتكشّف تساؤلات موضوعيّة ماذا تستطيع اميركا أن تفعل بنا لو قرّر لبنان تغيير وجهته نحو الشرق وهو المكتوي بحربها المسعورة عليه؟ هل تقصفنا ببارجاتها وطائراتها، أو تحرّض أذرعها لاستهداف الداخل، أو تفتعل في الداخل فتنة مذهبيّة بواسطة الموالين لها أو عملائها، أو تحرّض إسرائيل من على جنوبنا لشنّ حرب علينا؟؟؟ 
 
الجواب البسيط على تلك التساؤلات: أميركا الآيلة إلى التمزّق الداخليّ بفعل الأحداث الداخليّة والدعوات إلى التحرر من النظام الاتحاديّ الفاشل، قد غدت كإسرائيل "أوهى من بيت العنكبوت". ويتبيّن مع الوقت، بأن ظاهرة الحرب على لبنان وسوريا صوتيّة أكثر مما هي فعلية، إذ بات من المؤكّد بأن الهياج الداخليّ في كل ولاية أو مجموع الولايات الأميركيّة يحظّر على الرئاسة والإدارة العميقة إمكانية المجازفة والجموح نحو الجنون في لحظات متراكمة ومتمايلة ما بين الانتخابات الرئاسيّة التي، وكما كتب الدكتور زياد حافظ، قد تحصل وقد لا تحصل، وما بين التهيئة لحركات انفصالية قد تأخذ بعدًا دراماتيكيًّا داخليَّا. فكيف إذًا ستقدر أميركا على التوليف ما بين حربها على الخارج اللبنانيّ-السوريّ، أو على المحور اللبنانيّ-السوريّ-الفلسطينيّ، في الدمج ما بين قانون قيصر (قيصر عامر)، وصفقة القرن المجوّفة، ودفع لبنان للتذلّل أمام صندوق النقد الدوليّ IMF ومواجهتها للندوب والعطوب والجراح التي يرتجف جسدها المديد من وطأتها وكأنه في الطريق نحو النزاع الأخير؟ وتقول استطلاعات أميركيّة تنشر تباعًا بأنّ أيّ عمل احترابي تشنّه سيعجّل في نهاية دونالد ترامب شخصيًّا وفي دخول أميركا مجموعة صراعات، وتؤول، تاليًا، إلى نهاية عصرها واستبدادها في العالم كلّه. تهديد الأمس يفترض أن ينظر إليه كيانيًّا ووجوديًّا.
 
هذا المشهد بإرهاصاته وتداعياته يؤهلنا لطرح هذا السؤال: ماذا، ولو فجأة، استفقنا في إحدى الصباحات على مشهد جذريّ كبير موازٍ له نرى فيه الرئيس العماد ميشال عون معانقًا نظيره السوريّ الرئيس بشار الأسد في قفزة نوعيّة؟ ماذا يمكن لأميركا حينئذ أن تفعل بلبنان؟
 
الجواب البسيط لا شيء. سيخرج المعادون للرئيس السوريّ والعهد شتّامين معارضين مستنكرين مستهولين ومهدّدين، هذا إذا خرجوا، وهم مدركون بأنّ ميزان القوى سيقودهم في النهاية إلى الهلاك. سيحرك أتباع العثمانيين الجدد الأوباش أرض طرابلس وعكار والبقاع الأوسط لمواجهة فاشلة مع الجيش اللبنانيّ، وقد رأينا كيف أنهم مع أول مواجهة أصيبوا بالعطب. وسيهدّد أردوغان ويحاول أن يربط طرابلس الفيحاء بإدلب وليبيا. لكنّ الجيش السوريّ وبحسب ما كشفه الأستاذ الصديق غسان شامي بات على جهوزيّة كاملة للمواجهة واستعادة إدلب وشمال شرق سوريا إلى الدولة، حينئذ سنكون أمام فجر رابط ما بين إدلب وطرابلس حيث سيقدر الجيش اللبنانيّ على فرض الأمن في الفيحاء وقد بدأ باعتقال العناصر المشاغبة ما بين طرابلس وبيروت ومعظمهم من الشمال.
 
ماذا لو قرّر الرئيس عون التوجّه إلى دمشق؟ الجواب: ليس الرئيس عون بعيدًا إطلاقًا عن الرئيس الأسد وهما على صداقة بهيّة وعميقة، والرئيس عون كان الداعم الجوهريّ لسوريا وقد ساهم في مواجهة الحرب عليها. وتظهر المعطيات بأنه في النهاية سيذهب ويتجّه إلى دمشق بحب كبير لها ولتنوّعها العظيم. وهو العارف بأنّ أوراق القوة يملكها إلى جانب المخلصين والأوفياء للبنان والمشرق. لم تعد أميركا تخيف أحدًا، نحن من يخيفها الآن. كلّ حربها علينا لأنها تخاف منّا وتخاف تحديدًا من التلاصق ما بين الجيش والمقاومة. إذا ما ذهب فخامة الرئيس إلى دمشق فإن فجر الخلاص سيشرق على البلدين معًا وستفتح الحدود باتجاه التبادل التجاريّ والصناعيّ. دمشق يا سادة طريقنا إلى العالم كلّه. بلا دمشق جميعنا نموت وهي معنا تموت. زيارة الرئيس عون إلى دمشق لو حصلت ستمهّد الطريق لولادة مشرق جديد يضجّ بالحياة، وجهته القدس الشريف، والقدس لنا، وهي حقّنا جميعًا.     
 
  


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top